كما توقعت (اليوم) في عددها أمس، أعلن رئيس محكمة استئناف القاهرة، القاضي المكلف بالحكم في قضية اعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك (84 عاماً) ونجليه ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي و 6 من مساعديه . ووسط إجراءات أمنية مشددة، شهدت تواجد أكثر من 3500 عنصر أمني، وقرابة 20 مدرعة عسكرية، وفي جلسة لم تستغرق أكثر من 90 دقيقة، أعادت عقارب الساعة لمشهد سابق قبل أشهر، قرر المستشار مصطفى حسين عبدالله رئيس هيئة المحكمة المختصة بإعادة نظر قضية مبارك، وإحالة القضية لمحكمة الاستئناف لاستشعاره الحرج. مشاعر متباينة وفور دخول الرئيس السابق، الذي أقلته طائرة عسكرية للإسعاف الطائر، من مقر احتجازه بمستشفى المعادي العسكري، إلى قاعة المحكمة، بأكاديمة الشرطة بالتجمع الخامس، ابتسم للحاضرين، ولوح بيده لهم، بانتظار قرار القاضي، الذي استقبلته حالة من الهرج والمرج، لم يفلح الأمن في السيطرة عليها، حتى تلا قراره، لتسود مشاعر متباينة، بين الغضب من قبل أنصار الرئيس السابق، وارتياح من قبل أهالي الشهداء ومحاميهم، الذين رحبوا بقرار التنحي، وكان احدهم قد بادر بالمطالبة برد المحكمة فور دخول القضاة الى القاعة واعتلائهم المنصة. واكد المحامون ان رئيس المحكمة لا يمكن ان ينظر في قضية مبارك لانه سبق ان اصدر احكاما بالبراءة في قضية "موقعة الجمل" وهو الهجوم على المتظاهرين في الثاني من فبراير 2011 في ميدان التحرير.. واعتبروا ان رئيس المحكمة يكون بذلك سبق ان كون رأيا في الاتهامات المنسوبة الى مبارك ومعاونيه وبالتالي لا يمكن له ان ينظر في هذه القضية. ارتياح "إخواني" وبينما أرجع مصدر قضائى مطلع تنحي رئيس محكمة جنايات القاهرة، إلى كبر سنه، وقرب خروجه للتقاعد، وعدم رغبته في اتخاذ قرار معين، أعربت جماعة الإخوان المسلمين، عن ارتياحها للقرار، حيث كتب الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "إن قرار تنحى الدائرة عن محاكمة مبارك قرار حكيم".. قال عبد المنعم عبد المقصود، محامى الجماعة الإخوان المسلمين، إن قرار تنحى المحكمة عن نظر قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق و6 من مساعديه، مناسباً وأراح الجميع. لكن عبد المقصود، عاود التأكيد على أن نيابة الثورة ولجنة تقصى الحقائق التى أمر بتشكيلها الرئيس محمد مرسي ستقدم أدلة جديدة فى القضية تدين العادلى ومبارك فى قتل المتظاهرين قائلاً: "لن نرتاح حتى يعدموا". استياء "أبناء مبارك" من جهتهم، عبر مؤيدو الرئيس السابق، والمعروفون إعلامياً ب"أبناء مبارك" عن استيائهم من القرار، مؤكدين: إن القاضى أعلن تنحيه، لاقتناعه ببراءته من التهم المنسوبة إليه. وقال أحدهم رفض ذكر اسمه إنه لو صدر حكم على الرئيس مبارك كان من الأولى أن تتم محاكمة مرسي بسبب سقوط أكثر من مائة شهيد فى عهده، مؤكدا أن مؤيدى مبارك قد انضم إليهم المئات من المواطنيين بعد عامين من الثورة عقب شعورهم بالنعيم الذين كانوا يعيشون فيه أيام مبارك من أمن وأمان واستقرار، بينما طالب أسر ومصابو الثورة بتطهير القضاء والقصاص لأبنائهم . سر الابتسامة على صعيد آخر، تواصلت ردود الأفعال، عن سبب الثقة الكبيرة، التي بدا عليها الرئيس السابق، والابتسامة التي تكررت أكثر من مرة، وجعلته يلوح بالتحية لأنصاره، إذ اعتبرها كثيرون رسالة معنوية صامتة ذات مغزى كبير. ووصف معارضون للرئيس الحالي محمد مرسي، وجماعة "الإخوان" الحاكمة، أن ابتسامة مبارك، إشارة إلى فشل النظام الحالي في إدارة البلاد، بعد عامين من سقوط الرئيس السابق، وتعرض البلاد لأزمات أمنية واقتصادية وسياسية، إضافة للانقسامات الحادة التي تضرب مصر. وعلق المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أحمد خيري، على حالة السعادة التى بدا عليها الرئيس السابق، بأنها "نتيجة واضحة لاستبداد نظام حكم الإخوان". وقال "خيرى" خلال حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" السبت: "لأول مرة مبارك سعيد وفرحان .. على النظام الحاكم الإخوانى أن يتوارى خجلاً من مشهد اليوم لأنه نتيجة مباشرة لممارساته الاستبدادية والفاشلة". رد اعتبار في ذات السياق، أرجع الكاتب الصحفي المعارض عبدالله السناوي، ابتسامة مبارك، إلى شعوره برد الاعتبار "بعد أن ارتكب النظام الحالي جرائم أسوأ من تلك التي ارتكبها مبارك، بل إن الكفة ربما تميل لصالح الرئيس السابق عند عقد بعض المقارنات"، حسب تعبيره. واستطرد: إن مشهد مصر الراهن، في ظل حكم الإخوان والرئيس مرسي، خلق "حالة اعتقاد بأن مبارك لم يكن بهذا السوء بعد الأزمات المتتالية". على هامش المحاكمة رصدت (اليوم) عدداً من المشاهد، خلال جلسة إعادة محاكمة القرن المصرية، التي يمكن تلخيصها فيما يلي: تاريخ يتكرر أعاد مشهد الجلسة التي عقدت أمس، نفس تاريخ 13 أبريل من العام الماضي 2012، حيث كان أمر النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، بحبس الرئيس المصري السابق - لأول مرة - على ذمة اتهامه في قضية قتل المتظاهرين. 3 متهمين احتياطياً حضر الجلسة 3 متهمين محبوسين احتياطيا، وهم: الرئيس السابق مبارك، ونجلاه جمال وعلاء، فيما حضر حبيب العادلي مرتديا ملابس السجن الزرقاء لسابقة إدانته في قضايا جنائية أخرى، بينما حضر الجلسة مساعدو العادلي الستة المخلى سبيلهم في ضوء الأحكام الصادرة ببراءتهم من محكمة الجنايات. جالس لأول مرة بدا الرئيس مبارك، في حالة صحية جيدة، وشوهد وهو يجلس لأول مرة في تاريخ جلسات محاكمته، ويلوح بيده اليمنى لأنصاره الذين هتفوا داخل المحكمة، له، واعتبروا أنه "حافظ على الوحدة الوطنية". وجوم العادلي على النقيض بدا الوجوم واضحًا على اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وإسماعيل الشاعر مدير الأمن الأسبق عكس الجلسات الماضية، التي كانا يبدوان فيها أفضل. هتافات متباينة ردد المؤيدون للرئيس السابق، العديد من الهتافات داخل القاعة، منها : "1 ،2 أيام مبارك فين"، مطالبين بالإفراج الفوري عن الرئيس مبارك ونجليه، فيما قامت أسر الشهداء ومصابو الثورة بترديد العديد من الهتافات التى تطالب بإعدام الرئيس السابق ووزير داخليته حبيب العادلى. اشتباكات ومشادات شهد محيط أكاديمية الشرطة، اشتباكات ومشادات كلامية بين أحد مؤيدي الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأحد المعارضين بسبب الهتافات المؤيدة له، وبعد فترة تم الفصل بينهما بواسطة رجال الأمن الذين كثفوا جهدهم بجوار أنصار مبارك، وتم الدفع بأفراد شرطة تحسبًا لوقوع أي اشتباكات جديدة. قاض مصري: مبارك يرفض عفو «مرسي» كشف رئيس وفد المحامين الكويتيين، الذين يدافعون عن الرئيس السابق حسني مبارك/ المحامي فيصل العتيبي، عن تقدمه بطلب للنائب العام طلعت عبد الله، ببطلان استمرار حبس الرئيس السابق، وسرعة إخلاء سبيله، لانتهاء فترة الحبس الاحتياطي، المحددة قانوناً في القانون المصري.واستند العتيبي، في طلبه، إلى أن تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها الرئيس محمد مرسي "لا يضيف جديدًا بل إنه يبرئ مبارك والعادلي من تهمة قتل المتظاهرين لأن جميع أقوال الشهود مرسلة، وإن الدعوي خصومة شخصية"،من جهة أخرى، أكد القاضى بمحكمة استئناف القاهرة، المستشار أمير رمزى، أن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، يرفض عفو جماعة الإخوان المسلمين، عنه فى القضية المتهم فيها بقتل المتظاهرين.وأوضح رمزي، في مداخلة فضائية قبل ظهر أمس، عقب صدور قرار المحكمة بالتنحي عن نظر القضية، أن لدى الرئيس السابق، شعورا بالبراءة، وانه لم يرتكب أياً من الجرائم التي يحاكم عليها، معتبراً أي الرئيس السابق أن محاكمته إجراء انتقامي من جماعة الإخوان المسلمين لتصفية حسابات سياسية، لأنها "تخشى منه" على حد تعبيره .