استمعت قبل أيام إلى سمو الأمير تركي الفيصل متحدثاً عن مفهوم «المواطنة المزدهرة « و التي وصفها بأنها تعتمد بشكل كبير على أبناء الوطن المؤهلين لتحقيق النهضة الشاملة ، فكان حديثاً خلاقاً و موجهاً بشكل مسئول . و بالأمس فقط و أثناء حلقة نقاش جرت على هامش منتدى المنشآت الصغيرة و المتوسطة بغرفة الشرقية تذكرت هذا الحديث حين تناول النقاش تحديات التمويل و دور البنوك في دعم ورفد هذا القطاع والشباب السعودي المقبل على اقتحام العمل الحر ، فحدث أن تكشفت معاناة أكثر من 400 شاب تواجدوا في المنتدى و سئموا من الشعارات الرنانة للبنوك و التي تقول أن دورها الاجتماعي المسئول في دعم مشاريع الشباب الناشئة و الصغيرة لا تشوبه شائبة ، بل إن المزاج العام للشباب يأمل في أن تكون البنوك عوناً لا فرعوناً بجملة اشتراطاتها و مطالبها . البنوك التي جنت خلال العام الفائت فقط 22 مليار ريال كأرباح صافية لم تقدم ما يوازي كل الدعم المقدم لها والامتيازات المترتبة و إذا سلمنا جدلا بأن حجم المخاطرة التي تصاحب تمويل هذه المشاريع مرتفعة لطبيعة هذه الأفكار الفتية فإن الدولة و المؤسسات الاجتماعية قاطبة تنظر إلى أن تكرس البنوك و المؤسسات المالية الخاصة « المواطنة الحقة»والمسئولة من خلال إبداء أكبر قدر من المرونة في دعم شريحة تمثل أكثر من 85% من اقتصاد البلاد فضلاً عن استيعابها لقرابة 82% من قوة العمل في الاقتصاد . و بالعودة إلى لغة الأرقام فإن البنوك التي جنت خلال العام الفائت فقط 22 مليار ريال كأرباح صافية لم تقدم ما يوازي كل الدعم المقدم لها و الامتيازات المترتبة ،ورغم إنشاء برنامج كفالة الذي وضع كمظلة لتمويل المنشآت الصغيرة وفق ضوابط و اشتراطات إلا أن ما قدمته البنوك خلال فترة الخمس سنوات الماضية هي عمر البرنامج تعد متواضعة ولا تستجيب للتطلعات وبلغت الأرقام التي تجيدها (البنوك) فقد بلغ إجمالي ماقدمته ضمن برنامج كفالة من قروض بلغ خلال تلك الفترة الزمنية 1.7 مليار ريال و بالمقارنة مع أرباح صافية تجاوزت 100 مليار ريال حققتها البنوك خلال نفس الفترة فإن ماقدمته البنوك السعودية لدعم و تمويل هذا القطاع العريض لا يتجاوز1.7% من أرباحها الصافية وهي نسبة أعتبرها «مخجلة». وفي المقابل لا نتوانى عن الإشادة بالمبادرات المهمة الجادة والمسئولية ولنا في برنامج باب رزق جميل خير دلالة على حشد القدرات لخدمة اقتصاد وشباب الوطن فخلال ذات الفترة التي تحدثنا عنها أعلاه تمكن هذا البرنامج وبمفرده من تمويل وتأسيس 15 ألف منشأة صغيرة و متوسطة بإجمالي تمويل قدره 1.5 مليار ريال . إن ما ينتظره المجتمع و الشباب من المؤسسات المالية يتجاوز الدور الاجتماعي لها إلى واجب وطني مسئول يتواءم والآمال التي عقدتها الدولة و الأدوار المنوطة بها في خدمة اقتصاد الوطن . [email protected]