فيما يلقى إلينا بصورة مكرورة ولغة نمطية موسومة بمنّة وفضل عن انجازات المرأة السعودية ومكانتها العلمية والعملية نضطر لطأطأة الرأس اذلالاً وخجلاً أمام المشاهد المناقضة لذلك والناجمة عن تعسف بعض الأنظمة التي لا تستند على شئ سوى نظرة اجتماعية ضيقة! لديّ قصتان غيض من فيض والحكم لكم .. والأمر لله ! الأولى لشابة طبيبة أوفدت من قبل جهة عملها لحضور مؤتمر دولي خارج المملكة، مما تطلب الحصول على تصريح مغادرة الأراضي السعودية، ولي أمرها شقيقها الذي يحضر الماجستير خارج البلاد وافق على الفور وسارع إلى السفارة السعودية لإرسال التصريح، وعندما يتعذّر ذلك من هناك وتعذر حضوره إلى المملكة اضطر لتوكيل معقّب يتولى شؤونها بداخل المملكة. بالطبع لا يخفى عليكم تعقيدات الإجراءات التي تخص شؤون المرأة والولاية والوصاية ففاتها المؤتمر بطبيعة الحال ! علاوة على ما شعرت به من مهانة وهي تخبرني قائلة «كيف لمعقّب لا أعرفه ولا عمري شفته يتواصل معي يومياً بالهاتف ويتولى أمري !». جدير بالذكر أن عمر هذه السيدة هو السادسة والثلاثين ! القصة الأخرى لامرأة أرادت السفر برفقة ولدها البالغ من العمر 18 عاماً رفضت الجوازات أن يستصدر لها جواز سفر بحجة أنه لم يبلغ السن القانونية ! كما أن هناك سيدات متزوجات برجال غير متفرغين لحل هذه الإشكالات البيروقراطية التي لم تعد تواكب الظروف الاجتماعية المختلفة. لا نريد القول ان الاستثناءات أصبحت أكبر من القاعدة، لكن لو وافقنا عرضاً على مسألة تحديد عمر للمرأة السوية المتزنة فمتى ينفّذ هذا القرار؟. والتي هنا تحدد بعمر 22 عاماً ! مع العلم بأن عمر استصدار بطاقة الأحوال المدنية هو 15 عاماً، وأي صبي بلغ السادسة عشرة يستطيع استخراج تصريح قيادة سيارة، فيما العمر الرسمي للحصول على رخصة قيادة هو 18 عاما ! متى يبلغ الرجل رشده ليصبح ولياً ! ومتى تصل أمه إلى عمر أهلية تتحمل فيه المسؤولية عن نفسها كما حملت مسؤولية هذا الابن وتربيته ! هذه السيدة تبلغ من العمر الثامنة والخمسين، اضطرت كارهة إلى اللجوء لأحد أبناء زوجها المتوفى الكبار والذي تجاوز الأربعين، والذي هداه الله ولم يعاند ولم يستغل الموقف ضدها لكونها زوجة أبيه، فتقدم بطلب وتمت الموافقة عليه وعاد لها فخوراً بجواز السفر. وعند زيارة أخرى إلى الجوازات لاستخراج تصريح السفر قيل له «أنت غير مصرّح لك بالتصريح ! وبأي حق استخرجت الجواز .. وأنت لستَ ولي أمرها؟» علّل موقفه بأنه وكيلها الشرعي على كافة أمورها المالية ومع ذلك رفض طلب تصريح السفر ! تضارب الأنظمة واختلافها بين منطقة وأخرى ومن موظف لآخر يجعلنا في حيرة، خاصة وأن الحالات الاجتماعية اليوم لم تعد تقتصر على عازبة ومتزوجة، فهناك سيدات قديرات عاملات وهن لا يرغبن في الزواج وبلغن سناً من النضج تسمح لهن باتخاذ قرارات حاسمة ومصيرية في حياتهن، بل وفي حياة أسرهن أحياناً! كما أن هناك سيدات متزوجات برجال غير متفرغين لحل هذه الإشكالات البيروقراطية التي لم تعد تواكب الظروف الاجتماعية المختلفة. لا نريد القول ان الاستثناءات أصبحت أكبر من القاعدة، لكن لو وافقنا عرضاً على مسألة تحديد عمر للمرأة السوية المتزنة فمتى ينفّذ هذا القرار؟ فالشروط رجعية جداً بالنظر إلى الأوضاع الجديدة التي تجد المرأة نفسها فيها عندما تقبل بزواج متعدد مثلاً أو عندما لا تقبل بالزواج أصلاً كمحصّن لها! فالمعاناة تعيد نفسها عند الحاجة لاستقدام عاملة منزلية إذ لا يحق للمتزوجة ذلك فيما يحق للمطلقة والأرملة، ما هو الحل لو كان الزوج لديه عاملتان باسمه واحدة لوالدته والأخرى لزوجته الأولى؟! الحصانة في مجتمعنا تفتقر للحصافة.. وتجعلنا أضحوكة أمام العالم الذي نتفاخر أمامه بأننا منحنا المرأة حقوقها في ظل الضوابط الإسلامية ! تويتر: @Rehabzaid