عبارة "يا عرب.. يا مسلمون" كلمات رددتها طفلة سورية صغيرة لا يتجاوز عمرها السنوات الست بأسلوب مؤثر بفاصحته وبلاغته ومعانيه والأهم الطريقة الطفولية لإلقائه. لقد انتشر المقطع على "يوتيوب" انتشارالنار في الهشيم ، وألقت الطفلة من خلال ندائها ضوءًا مؤلماً على ما تعانية وأندادها من تشريد وتهجير وضياع لطفولتهم وسط حمامات الدم وفي مخيمات التهجير وعذابات الحرمان واليتم. وإن كان مشهد الطفلة الصغيرة الجميلة مؤثراً وهي محاطة بأهلها ممن هجروا ثقيلاً على أي روح لكن سرعان ما ستحل محله مشاهد أخرى لتمكث الطفلة وآلاف سواها في حرمان.. في حديثها ذكرت ألعابها وسريرها فذلك هو عالمها، أما الكبار فيفوتهم أنهم يطمعون في السلام والحب والوئام والاستقرار من أجل أنفسهم لكي تحمي بذلك صغارهم حتى يشتد عودهم ويقوى. وسط نداءات الطفلة ودموعها واستصراخها بقولها حرفياً "يا عرب.. يا مسلمون" تقطع الحرب اوصال سوريا، وها نحن وسوانا نتابع والسياسيون يناقشون. أما الطفلة الصغيرة فقد جاءت بالعيد على بلاطة -وفق التعبير الشعبي- عندما قالت: لقد خذلتمونا! وكيف لا نخذل هذه الطفلة الصغيرة ونحن نولغ في تفرقة صفوفنا بالعبث بوحدتنا وإصرار بعضنا أن التحزب والتشرذم واجترار تباغض وتباعد وتقاتل الطوائف باعتباره طريقة حياة وموت؟! نتيجة لتفرق وتشتت من تستنجد بهم الطفلة السورية أضحت مشردة، فهي تنتمي لأمة متشظية أشلاؤها متنافرة. بالأمس القريب عقدت القمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية في الرياض، وثمة مَنّ تهكم من وعلى دور الجامعة العربية، لكن بالمقابل لنتصور أن كان للعرب جامعة تجمعهم واقعاً لا قولاً.. حينها لما ذهبت صرخات الفتاة سدى في التيه، ولما أصبحنا نتناقلها في المجالس كمثال لفصاحة طفلة وليس كصرخة موجعة لمعاناة عربية يافعة تبحث عن مخرج من الظلم والتعدي. الآن هو وقت لنستخلص العبر ونتعلم الدروس القاسية حتى لا تخرج أجيال وأجيال وأجيال تستصرخ الهمم في "يوتيوب"، ولعل الدرس الأهم هو ان فرقتنا وتشرذمنا كعرب كانا وما برحا سببين رئيسين فيما نحن فيه من ضيم؛ أصبحنا نرى بعضنا أشكالاً متباينة وألواناً متناشزة واعتقادات متنافرة.. ويستمر القتل في الشام ومعه تمتد معاناة موحشة للطفولة المهجرة والماكثة تملأ صرخاتها الفضاء ولابد لها من مجيب. توتير: @ihsanbuhulaiga