تسعى وزارة التعليم العالي لاستحداث «هيئة» تتولى بحث وتعقب مصادر الشهادات العلمية للتأكد من صحتها وعدم تزويرها، والمشروع تمّ وضعه أمام مجلس الشورى، بحيث يكون أساس عمل هذه «الهيئة» عمل لجنة لمعادلة الشهادات. بالقياس الزمني كان يفترض أن نقرأ أو نسمع بهذا الخبر منذ سنوات عديدة مضت بعد أن ظلت الشهادات المزوّرة والمضروبة تتطاير من أقصى بلاد الدنيا في سماء بلادنا، وكانت النتيجة ضعفًا وترهّلًا وعدم كفاءة في كثير من المجالات، ذلك لأنه لم تكن هناك جهة تدقق في أصل هذه الشهادات واعتمادها بحسب المعايير العلمية التي تدفع لنا بموظفين وعاملين مؤهّلين تأهيلًا حقيقيًا وليس مزوّرًا. وزارة التعليم العالي مسؤولة عن تسرّب تلك الشهادات وطالما أن لديها الإمكانيات اللازمة للتحقق من الشهادات التي تردنا من جامعات العالم المختلفة فكان من حقها أن تطالب بمعادلتها قبل استخدامها في أي عمل كان بالقطاعين العام والخاص، وذلك جزء من منظومة تطوير الموارد البشرية، وبغض النظر عن السعوديين الذين تورّطوا في استخدام شهادات مضروبة، فما بال الأجانب الذين يُفترض أنهم خبرات وكفاءات يضيفون إلينا ويفيدون أبناءنا بخبراتهم يسمح لهم بالعمل بشهادات مزوّرة وغير متحقق منها؟! وزارة التعليم العالي مسؤولة عن تسرّب تلك الشهادات وطالما أن لديها الإمكانيات اللازمة للتحقق من الشهادات التي تردنا من جامعات العالم المختلفة فكان من حقها أن تطالب بمعادلتها قبل استخدامها في أي عمل كان بالقطاعين العام والخاص، وذلك جزء من منظومة تطوير الموارد البشرية. وتمتد المسؤولية أيضًا الى لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي في مجلس الشورى التي كان يجب أن تتحرّك مع ضبط أول حالة تزوير، فالمسألة أشبه بالمسبحة التي تنفرط وتكشف عن أكثر من حالة في ظل وفادة عشرات الآلاف سنويًا للعمل في بلادنا، إضافة الى السعوديين الذين يدرسون خارجًا وقد لا يدرسون ثم يأتوننا بشهادات «متعوب عليها ماديًا» وليس علميًا ويعمل الجميع دون عوائق أو حسيب أو رقيب، وذلك للأسف ظل يحدث طوال السنوات الماضية ولم تبتكر وزارة التعليم العالي مثل هذه الهيئة التي تعادل الشهادات وتتحقق منها. كذلك أجدني ميَّالًا لتحميل الملحقيات الثقافية بسفارات خادم الحرمين الشريفين في الخارج بمصادقتها على شهادات لا ترجع فيها الى الجهات والمؤسسات العلمية التي تمنح هذه الشهادات، واعتقد أن عبارة «صادقت سفارة خادم الحرمين الشريفين على محتويات الشهادة دون أدنى مسؤولية عليها» تنطوي على سلبية، فلو أنها نسّقت مع الجامعات ووزارات التعليم العالي بتلك الدول لإعادة الشهادات إليها لاعتمادها قبل أن تصادق عليها لأسهم ذلك في التقليل من أضرار التزوير الذي يغرق ساحة الخدمة المدنية لدينا بغير المؤهّلين. وبما أنه قد حدث ما حدث وتمّ استدراك الأمر بهذه الهيئة فإني أتمنى ألا تتعرّض للبيروقراطية وتتأخر في أعمالها، للحاق بالسيل المستمر للشهادات المزورة وإيقافها قبل اعتمادها فهذا هو الوضع الصحيح الذي كان يفترض تطبيقه والعمل به منذ سنوات، كما سبق وذكرت، فهو ليس تصحيحًا لوضع خطأ وحسب وإنما تصحيح لخطأ التعليم العالي في تتبع هذه الشهادات التي تضر بالمستقبل التنموي لبلادنا، ولا أجد فرقًا بين ذلك وتزوير العملة وإدخالها البلاد، وكل يضرّ بالاقتصاد، وليس منصفًا أن نتطوّر ونتقدّم فيما مثل هؤلاء يبطئون من مسيرتنا لأنهم يرغبون فيما لا يستحقون من مناصب ووظائف هم أصلًا غير مؤهّلين علميًا لشغلها.