كان الأستاذ الدكتور ظافر الشهري رئيس النادي الأدبي في الأحساء شجاعًا حينما كرّر أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة أنه مستعد لإعادة انتخابات النادي الأدبي وكان آخرها تصريحه لصفحة الثقافة في الجريدة يوم الاثنين الفائت. استياء الدكتور الشهري المفعم بالاستغراب ودعوته المستمرة لإعادة الانتخابات أمر ظاهره إيجابي، لكن لا بد من التشريح للمواقف والتفكيك للعبارات ولا بأس من جمع المتفرّقات وربطها للخروج بصورة متكاملة ولوحة لا تنقصها الألوان أو البرواز. مشكلة مجلس أدبي الأحساء ليست في الأسماء التي فازت بعد الانتخابات التي أثارت ردود أفعال متباينة ومواقف مسكونة بالاحتقان والاعتراض فليس ذنب الأسماء المرشّحة أنها فازت في انتخابات شابها كثير من الشك والطعون والانتقادات والتصريحات الملتهبة، ولم تكن طريقة اعتماد مجلس إدارة أدبي الأحساء - رغم احترام وتقدير مثقفي وأدباء الأحساء لهم ولمكانتهم العلمية والاعتبارية - إلا بداية لعزوف واضح وقطيعة مستمرة مع أنشطة وبرامج النادي رغم أن المجلس الجديد حاول ويحاول تقديم الأفضل. لم تكن طريقة اعتماد مجلس إدارة أدبي الأحساء - رغم احترام وتقدير مثقفي وأدباء الأحساء لهم ولمكانتهم العلمية والاعتبارية - إلا بداية لعزوف واضح وقطيعة مستمرة مع أنشطة وبرامج النادي رغم أن المجلس الجديد حاول ويحاول تقديم الأفضل. وكانت فكرة الكتابة عن أدبي الأحساء وقطيعة المثقفين تلحُّ علي دائمًا وفي أكثر من مناسبة حتى جاء الخميس الفائت عندما اقتنيت المجلة الثقافية لصحيفة الجزيرة وفيها استوقفني مقال الكاتبة المبدعة سهام القحطاني الذي جاء تحت عنوان ثقافة ما بعد انتخابات 2012، هل فشلت ثورة الربيع الثقافي في السعودية؟ ولتبدأ الكاتبة الإجابة عن سؤالها بخيبة أمل لما كانت وكنا نتوقعه من أننا سنعيش ثورة ربيع ثقافي في العام 2012 بفضل الانتخابات الأدبية، وأن كل شيء في ثقافة ما بعد الانتخابات سوف يتغيّر، الاعتقادات والمناهج والخطاب وغايات الفعاليات الثقافية، لكننا اكتشفنا أنه لا جديد تحت شمس الثقافة السعودية! وتعتقد الكاتبة أن الحكم التفسيري على ثقافة 2012 ثقافة ما بعد الانتخابات الأدبية تستند على (قيمة الحركة) ونوعها وصفتها لا الحركة ذاتها وعلى (حركة الإضافة) لا حركة (الاعتياد والتكرار) وأن الفاعلية الثقافية لثقافة ما بعد الانتخابات معياره يعتمد على توقع الإنجاز (المضيف ) لا (المستنسخ أو المكرر)، وتصف الكاتبة أن الدورة الحياتية الكاملة للميدان الثقافي ليست دليلًا على الحيوية والتجديد والتغيّر ذلك أن من كبرى إشكاليات ثقافة ما بعد الانتخابات (مأزق الدوران ومؤشراته) لأنه يصيب صُناع الفعالية الثقافية ب(لعنة التكرار) التي تغري ب(فتنة استغلال الجاهز) ليس لأن الجاهز المتاح هو الأفضل، بل لأنه الأسهل في (خداع الإنجاز) وبما لا يدخل في (قيمة الإنجاز) وهذا الاعتقاد بدوره يؤسس (مكانة النمط). وتظن الكاتبة أن هناك سببين يهدّدان الجميع (بالإفلاس الثقافي) الأول أن مَن يقود إدارات الأندية هم أنفسهم من أعضاء إدارات ثقافة ما قبل الانتخابات وهذا يفسّر تكرار الفاعلية الثقافية، كما يفسّر أن (الحرس القديم) للأندية الأدبية لم يفهم حتى الآن متطلبات ثقافة ما بعد الانتخابات، والثاني أن أعضاء إدارات الأندية الأدبية بعد الانتخابات من (فئة الموظفين الثقافيين الجُدد) وهؤلاء فضلوا تكرار خُطط مَن سبقهم دون مراعاة متطلبات وأهداف وغاية المرحلة الجديدة. أتوقف عند هذا الحد من مقال الكاتبة سهام الذي يتشظى إبداعًا وعُمقًا ورؤية بالغة الدقة ولأطبّق ما ذكرته على نادينا الأدبي الأحسائي لأجد بكل وضوح أنه مصاب بتقديم المستنسخ المكرر، وأنه واقع في غواية استغلال الجاهز، وأن نظرية الحرس والموظفين أفضت إلى تكرار الفاعلية الثقافية الذي أدّى إلى خلل في فهم متطلبات ما بعد الانتخابات وعدم المراعاة لمتطلبات وأهداف وغاية المرحلة الجديدة. يبقى أمر أخير لا بد من الإشارة إليه وهو تصريح رئيس النادي الدكتور الشهري بأنه مستعد لحل المجلس برمّته لعقد الجمعية العمومية بحضور 532 عضوًا وعقد انتخابات جديدة إذا ما رغب الأدباء والمثقفون ذلك وليسمح لي الدكتور ظافر أن أصف هذا التصريح بأنه تصريح مخاتل؛ لأنه يعلم يقينًا استحالة عقد الجمعية العمومية للنادي حاليًا لكون النصاب القانوني لم يكتمل لثلاثة اجتماعات للجمعية العمومية دُعي إليها الأعضاء بسبب القطيعة والعزوف من الأدباء والمثقفين ولكن ماذا لو قرر الرئيس وأعضاء مجلس إدارته الاستقالة أو قال ذلك على أقل تقدير، هنا سيختلف الحُكم ويتضح الموقف وتبرز الشجاعة الأدبية بلا مواربة! twitter: @waleed968