ضمن متابعاتنا لأعداد المتقدمين لعضوية الجمعيات العمومية في الأندية الأدبية على مستوى المملكة ومن متابعتنا للحركة الثقافية وجدنا ان ثمة فارقا واضحا يكشف عن هوة وعزوف من المثقفين والأدباء في المشاركة وحتى في الترشيح لمجالس الادارة فمن غير المعقول ان يشارك في جدة 160 مثقفا او اقل وان يكون في الرياض اقل من 300 مثقف وفي الباحة 60 عضوا وهناك أمثلة كثيرة. وتوقفنا متسائلين عن السبب في ذلك هل هي لائحة الاندية الادبية التي أعطت مجالس الاندية غير المنتخبة وضع شروط الترشيح للمجالس التي ستنتخب وبالتالي يكون لهوى النفوس دورها؟ ام ان هناك أسباب أخرى للعزوف يتحمل وزرها الأدباء والمثقفون أنفسهم؟ حملنا هذه الاسئلة وغيرها إلى مجموعة من المثقفين والمثقفات من مناطق مختلفة فكانت تلك الإجابات. ثقافتنا واعدة يرى الناقد د. عبدالله غريب: من خلال متابعة أعداد الذين تقدموا للجمعيات العمومية لانتخابات الأندية الأدبية في المرحلة الحالية بالتأكيد لا يمثل جميع أطياف وشرائح المثقفين والمثقفات فقد جاءت فعلا مخيبة للآمال لا بالنسبة لمجالس الأندية القائمة والوسط الثقافي وجماهير الأندية فحسب ولكن حتى بالنسبة للإدارة العامة للأندية الأدبية بوزارة الثقافة والإعلام باعتبارها الجهة التي تشرف على هذه الأندية من خلال وكالة الوزارة للشؤون الثقافية فالثقافة في بلادنا بلغت الآفاق شعرا وقصة ورواية وطرحا عاما في جميع شؤون الحياة ولك أن تعلم أنه في أدبي الباحة تم التمديد لتسجيل الراغبين بعد مضي ثلاثة أشهر وأعلنا في الصحف وفي موقع النادي وإرسال خطابات للجامعة وحتى التعليم العام ومع هذا لم يبلغ العدد أكثر من عشرين شخصا معظمهم لا يعرف موقع النادي ولم يحضر محاضرة واحدة مما اضطر النادي للتمديد حتى بلغ العدد فوق الستين قليلا. وعن عزوف المثقفين في التسجيل يعتقد غريب أن وراء الأكمة ما وراءها فهناك من يحارب المجالس السابقة من خلال وسائل الإعلام المقروء والإلكترونية وبعض المواقع حربا لا مبرر لها وعندما أتت اللائحة بناء على رؤى وأطروحات من المثقفين بوجه عام وقامت الوزارة بإعداد اللائحة وتعديلها لأكثر من مرة من خلال لجان من المثقفين أنفسهم فوجئ الوسط الثقافي أن تلك الأسماء التي تحارب مجالس الأندية السابقة وتجافي حضور أنشطتها بين من سجل اسمه وهو غير واثق من الوصول للعضوية وبين عازف عن التسجيل البتة وبالتالي فالأمر محير فعلا أما اللائحة فلابد من أن أي نظام جديد يعتريه النقص ولكن الوزارة حسب علمي جادة في التعديل والحذف والإضافة وتقييم التجربة ولديها سنوات قادمة تمكنها من معرفة السلبيات والإيجابيات وتعمل على إصلاحها قدر الإمكان. تطلع للأفضل الشاعرة أشجان هندي تقول: الشروط التي نصت عليها الجمعيات العمومية والتي أصدرتها وزارة الثقافة هي من وضع البشر قابلة للأخذ والرد ونحن لسنا منزهين, وجميعنا ينطق عن الهوى, فهي معرضة للمراجعة والتصويب وكونها تحتاج إعادة نظر لا يعني انتقاص الجهود بل مقاربة للكمال ومشارفة لحدوده. فالمشرفون على لجان الانتخاب للجمعيات العمومية جهودهم مشكورة ولكننا نتطلع للأفضل دائما فالمنتج وإن كان جيدا غير كاف ولابد من إعادة النظر فيه, كما لابد من إشراك المثقف لدراسة متطلباته وتطلعاته والعمل معا لإنجاح المسيرة الثقافية بكل مناحيها فنحن لا نزال ينقصنا الخطط الواضحة لمشروع واضح. كما أني ضد كثرة التشكي والولولة وانتقاص الأشياء من غير أن البحث عن حلول ومرئيات تدفع بالأشياء إلى الأمام بوضع البرامج والبدائل وإدراج الأهداف التي تطرح للنقاش والاستماع للآخر للخروج بفائدة محققة ورغبة في البناء والإصلاح بنظرة تفاؤلية. مجتمع المثقفين عليه واجبات وله دور تجاه المجتمع والوطن للتغير للأجمل. يجب علينا الانعتاق من الخيبات وان نواكب بروح ورؤية مختلفة وان نعيش الواقع بعيدا عن تأويلات الغيب وان نحدد ماذا نريد, فلن تأتينا خطة أو لائحة مكتملة للانضمام أو عدم الانضمام ولا نتوقع الرضا بشكل تام بل يجب أن نسعى بوعي كامل وبعد نظر وبنزعة اقل في إحساس الأنا وحب الذات. علاقة إيجابية القاص محمد البشير: لن نلوم من تقدم إلى عضوية الأندية ما دام يملك مسوغات قبوله للانضمام، ولكن الأمل معقود بتحديد مدة زمنية لكل مجلس، وهذا يتيح للوزارة مراجعة أوراقها بعد كل انتخابات لسد ثغرات اللائحة ومعالجتها ومحاولة تدارك ما ظهر من قصور في سير الانتخابات. لا شك أن هناك إقبالا من أناس ليس لهم علاقة بالأندية الأدبية للانضمام إلى الجمعية العمومية، ونأمل من هؤلاء بدء علاقة إيجابية مع الأندية الأدبية وارتيادها. أما إن كان انضمامهم للتصويت ولا شيء غير التصويت، فذلك الخذلان. ويضيف البشير: منذ زمن والأندية تشتكي من قلة مرتاديها، والانتخابات أشعرت المجتمع بتواجد الأندية الغائبة عن المحافل والمقتصرة على المهتمين، ولعل في ذلك بادرة حسنة لاجتذاب الناس، فالثقافة أصبحت مشاعة، والمنتسبون إلى شريحة المثقفين ازدادوا بتسارع وسائل الاتصال الحديثة، والحري بمثل هذه المؤسسات الثقافية التسويق لها وكسب رواد جدد. ويختم البشير: إن كان من نداء، فلأعضاء الجمعية العمومية بضرورة ممارسة دورها الحقيقي بكل ما تملكه من صلاحيات من مشاركة ومحاسبة وما إلى ذلك، وأن يتحقق دور الجمعيات التي طالما حلم بها كل مثقف، وأن تكون هذه الانتخابات تجربة عن قرب لنخرج بها بنتائج نستطيع من خلالها الوصول لما نصبو إليه من مؤسسات ثقافية تلعب دورها المأمول في إشاعة الثقافة والأدب. اقصاء واستقطاب فيما يقول الشاعر يحيي العبداللطيف: في انتخابات أدبي الاحساء علق أحد المسئولين أمام جمهور ناهز ال 500 عضو ليتنا نشاهد هكذا حضورا في فعاليات النادي، هذا التعليق يكشف أن الجمعية العمومية لا تمثل حالة الحراك الأدبي لأن الجميع يعلم أن هناك حالة استقطاب وتحشيد قام بها بعض المرشحين كون شرط العضوية لايتجاوز شهادة بكالوريس ومبلغ 300 ريال. ويؤكد العبداللطيف: نعم اللوائح أقصت أسماء شعرية وثقافية هامة وفتحت المجال لمن هم بعيدون عن الجو الثقافي كنت أتمنى أن يكون المعيار لنيل العضوية مجموعة من النصوص الأدبية الناهضة وتشكل لجنة من النادي لدراسة أسماء المتقدمين للعضوية. ويستخلص العبداللطيف: المهم في هذه المرحلة انفتاح المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي على الأندية وعدم اتخاذ مواقف قطيعة مهما كانت الملاحظات على الأخطاء التنفيذية للانتخابات والشروط التعجيزية لإعادة الانتخابات حتى في حالة خطأ الإجراء من قبل الوزارة كما نطلب من الوزارة أن تعيد قراءتها بشكل موضوعي لهذه التجربة. العدد الحقيقي فيما يرى الروائي محمد العرفج ان العدد المتقدم للجمعية العمومية لانتخابات الأندية الأدبية يعبر عن العدد الحقيقي للمثقفين في المملكة، وفي نفس الوقت ليس كل من تقدم لطلب عضوية الجمعية العمومية وحصل عليها ينتمي للثقافة، وفي الشق الأول من إجابته شدد على أن هناك من حرم من العضوية رغم أنه محسوب على الثقافة وقس على ذلك الفنانين التشكيليين، وبالنسبة للشق الثاني من إجابته فهناك من حصل على العضوية لمآرب أخرى! ويرى العرفج ان لائحة الاندية ساهمت في تقليص اهتمام المثقفين في الانتخابات: نعم ساهمت وبقوة.. وقس على ذلك بنداً من بنودها حيث يصرف لاعضاء مجلس الإدارة مثلاً مكافآت غير مجزية، ولو كانوا لاعبي كرة قدم أو أي شيء ترفيهي لا يختص بالعقل وتنمية مداركه واتساع آفاقه وتهذيب الروح والسمو بها لتقاضوا على الأقل خمسة أضعاف ما يتقاضاه رئيس النادي نفسه بالإضافة إلى الحوافز الأخرى! خلل اللائحة ويرى احمد العطوي ان هناك عثرات كانت السبب في عزوف المثقفين أولها كان في الخلل الواضح في اللائحة والتي طالب عدد كبير من المثقفين بتعديلها، ولكن لم تنظر وكالة الوزارة للشؤون الثقافية إلى تلك المطالبات بمحمل الجد، بل تعاملت معها بنوع من عدم المبالاة، وهذا ما أدى إلى عزوف من قبل المتقف الحقيقي عن عضوية الجمعية العمومية بالاضافة إلى ما رافق انتخابات بعض من ملاحظات على الطريقة والأداء كل هذه العوامل وغيرها ساهمت وستساهم في العزوف عن المشاركة في عضوية الجمعية العمومية، بصراحة الوضع محبط ومخيب للآمال. نقطة النهاية الشاعرة ينابيع السبيعي: اعتقد ان هناك اسبابا ربما منها الشللية هي السبب الرئيس في إحجام الكثير من المثقفين والمثقفات لأنه حتى لو تقدم شخص للمشاركة في الانتخاب وهو يحمل شعور أن غيره سينالها من غير تعب فسيتراجع ويضع نقطة النهاية ولن يعرض نفسه للإحراج والمنافسة في سباق عُرف أبطاله منذ البداية. المظلة الشرعية الشاعرة شقراء مدخلي قالت: تمثل الجمعيات العمومية الصدر الذي يحتضن المثقفين والمثقفات على اختلاف مشاربهم ورؤاهم, وهي المظلة الشرعية للعمل الثقافي الموحد عليها يعول أدباء المناطق ومثقفوها في إحداث نقلة نوعية في ماهية الأنشطة والبرامج التي تقدمها الأندية الأدبية إن كانت في نظر البعض لا تمثل جميع المثقفين فهي بلا شك تمثل الشريحة الأوسع منهم. الإحجام أو المشاركة في انتخابات الأندية الأدبية حرية شخصية يتوجب علينا احترامهم ربما تكون للمحجمين أسبابهم كما للمشاركين كذلك, من المثقفين من أحجم اعتراضاً على آلية اللائحة التي يرى أنها تفرض الوصاية على مجالس الأندية وهناك من أحجم خوفا من الفشل في تجربة ثقافية تمارس لأول مرة على هذا النطاق الواسع من الحرية.