مواكبة تقنيات الثورة الصناعية الرابعة تتوافق مع متطلبات الرؤية الوطنية، التي تتجه بكل قطاعات الاقتصاد إلى فضاء التطور والتطوير وتوظيف التقنية وابتكارها، وهذه الثورة تتجه لأن تصبح أمرا واقعا في العديد من التفاصيل الاقتصادية وغيرها، خاصة مع تطور منظومة الاقتصاد المعرفي والحكومة الإلكترونية بما يصنع واقعا معاشا بعد أن كان افتراضيا أو في طور النظريات والخيال العلمي. تلك المواكبة برزت في إعلان صندوق التنمية الصناعية مؤخرا عن تطوير إستراتيجية كاملة بالتعاون مع هيئة المدن الصناعية، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، لتحويل عدد 100 مصنع إلى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، ولتفعيل هذا التوجه المستقبلي تم رصد مبلغ 3 مليارات ريال لتمويل هذه المصانع خلال الأعوام الثلاثة القادمة. ومثل هذه التوجهات تدعم فرص صناعتنا الوطنية في استيعاب التقنية وتوطينها ورفع معدلات تنافسيتها مع نظيرتها في المجالين الإقليمي والدولي، فالصناعة هي الأساس الاقتصادي الذي يسهم في كثير من نمو وتطور غيره من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها التجارة والخدمات والنقل والخدمات المالية ونشاط العمليات الاستثمارية، وغير ذلك مما ينعكس إيجابا على مجمل الاقتصاد الكلي. البدء في وضع البنية التحتية للثورة الصناعية الرابعة يجعلنا في مركز متقدم، بل ويحفز كوادرنا التقنية ومؤسساتنا العلمية على الإسهام فيها بقوة؛ لأن المعرفة لا تتوقف على دولة دون أخرى، وإنما هي كسب واجتهاد وعمل مستمر في سبيل التطوير وتأهيل القدرات ورفع الكفاءة، وإن كنا قد بدأنا من قبل عمليات التحول الرقمي، فذلك جزء مهم وأساسي في هذه الثورة، التي يجب أن نعمل بتجانس في القطاعين العام والخاص بالتنسيق مع مؤسسات التعليم العالي في تعزيز حضورها الوطني. لن يمر وقت طويل قبل أن تصبح تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة هي نمط الحياة المقبلة، لذلك من الضروري أن تشهد توسعا في دراساتها وتنفيذها واكتساب المعرفة الخاصة بها، لأن معطياتها الحالية تشير إلى تسارع كبير يحتاج إلى مزيد من العمل من أجل أن تكون هي الانتقال القادم في العمليات الصناعية والتنموية وغيرها، وذلك يبدأ بإعادة النظر في البنية التحتية العلمية والعملية لمؤسساتنا وشركاتنا وهيئاتنا الوطنية حتى تكون منفتحة على استيعاب نتائج هذه الثورة ومخرجاتها، التي تؤسس لمنظومة العمل في المستقبل القريب.