مع كل هزة جديدة تشهدها الكرة السعودية ,تتجدد مطالب الشارع الرياضي بالخصخصة والإسراع بتفعيلها على أر ض الواقع ,بدلا من عمليات التنظير التي مل الوسط منها وسئم, فالغالبية من المهتمين بالرياضة السعودية يرون أن الخصخصة هي الحل الأمثل لبناء مستقبل رياضي واعد ومشرق ,وإيمانا منا بهذه القضية الجوهرية والحساسة جدا ,آثرنا فتح طيات الخصخصة ,والتنبيش في مكنوناتها وتعريتها على أرض الواقع للمتلقي الكريم ,مستعينين بكوكبة من المهتمين والمختصين بهذا الشأن ,كل ذلك وأكثر من خلال هذا التقرير التالي: (مفهوم الخصخصة عالميا): تستحوذ عبارة الخصخصة أو التخصيص أو الخوصصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية وهي جميعها تسميات لمصطلح اقتصادي باللغة الإنجليزية أو الفرنسية لكلمة privatisation. ولا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى اخر ومن دولة إلى أخرى. ولكن لو اردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعا رئيسيا يتم استخدامه في معظم الدول، فانها فلسفة اقتصادية حديثة ذات استراتيجية، لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الرياضية والشبابية والاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القطاع العام إلى القطاع الخاص. فالدولة، في المفهوم الاقتصادي الحديث، يجب أن تهتم بالامور الكبيرة كالامور السياسية والإدارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا, اما سائر الامور الأخرى فيمكن تأمينها من قبل القطاع الخاص وذلك في اطار القوانين والأنظمة التي تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع. تعددت واختلفت مفاهيم الخصخصة وتعريفها إلى تعدد مجالات تنفيذ هذه الاستراتيجية وإلى تعدد اساليبها، فيتسع التعريف أو يضيق بقدر شموله لهذه الاساليب وتلك المجالات. ونظرا لاهمية تعريف هذه الكلمة قبل الخوض في تفاصيل البحث، فتعرف الخصخصة بانها نقل ملكية أو إدارة نشاط ما، اما جزئيا أو كليا من القطاع العام إلى القطاع الخاص. ولا تعتبر الخصخصة بحد ذاتها انما هي عادة ما تكون وسيلة أو اداة لتفعيل برنامج إصلاح اقتصادي شامل ذي محاور متعددة يهدف إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية في دولة ما.و من هذا المنطلق عادة ما يتزامن مع تنفيذ برامج الخصخصة تنفيذ برامج أخرى موازية ومتناسقة تعمل كل منها في الاتجاه العام نفسه الداعي إلى تحرير كافة الانشطة الاقتصادية في القطاع العام تجاه القطاع الخاص، اي ان الخصخصة يجب أن تواكبها تغييرات جذرية لمفهوم أو فلسفة مسؤولية الدولة من إدارة الاقتصاد ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي تجاه المزيد من المشاركة للقطاع الخاص. وللخصخصة منظوران اقتصادي وسياسي فمن المنظور الاقتصادي تهدف عملية الخصخصة إلى استغلال المصادر الطبيعية والبشرية بكفاءة وإنتاجية أعلى, وذلك بتحرير السوق وعدم تدخل الدولة إلا في حالات الضرورة القصوى, وعبر أدوات محددة لضمان استقرار السوق والحد من تقلباته. اما من المنظور السياسي فالتخصيص يدعو إلى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والامن الداخلي والخدمات الاجتماعية, لذا فان التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المقتصر على عملية بيع اصول أو نقل ملكية ليكون بمثابة نقلة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة. عقبات الخصخصة في الرياضة تواجه الخصخصة الرياضية مشكلات عدة بل ويقف في وجهها العديد من المطبات والعوائق ,ولعل من أهمها موافقة الدولة على بيع ممتلكاتها ومقراتها الحالية للأندية أو التنازل عنها متى ما رغبت في تسريع عملية الخصخصة ,حيث يرى البعض بأن ممتلكات الدولة تمثل العقبة الأكبر في الوقت الحالي ,بينما يرى آخرون بأن الفكر الذي تدار به رياضتنا لن يتماشى مع مفهوم الخصخصة ناهيك عن النقص الكبير في الأدوات البشرية ,فتجربة عظيمة كالخصخصة تحتاج إلى فكر نير وعقول تستشرف المستقبل وتتطلع إلى محاكاة الدول المتقدمة في هذا الشأن. أقام الأمير الشاب والمهتم بمجال الخصخصة عبد الله بن مساعد رئيس لجنة خصخصة الأندية العديد من الندوات وورش العمل في هذا المجال ,وأكد بدوره أن هناك العديد من المطبات التي تعيق الخصخصة لدينا وسنعمل جاهدين لتلافيها ومنها على سبيل المثال غياب المتخصصين في الجانب الاداري بالإضافة إلى أن العمل الرياضي في الأندية السعودية قائم على التطوع وهذا بسبب عدم وجود كفاءات سعودية محترفة خاصة بالأندية وهذا ما يظهر للجميع بان اغلب العاملين في الأندية اما متطوعون او متفرغون لفترات قصيرة، وبالتالي من الصعب أن نتقدم اكثر مما نحن عليه الآن.واكمل الأمير عبدالله حديثه قائلا: عندما كلمني الأمير نواف بن فيصل قبل سنة ونصف وأخبرني برغبته بعمل دراسة عن الخصخصة وهل يمكننا ان نطبقه او لا، شرعت فعليا في ذلك بعد أن منحني حرية تشكيل الفريق المناسب الذي تم اختياره كل حسب مجاله مثلا في النقل، وجدنا محيي الدين صالح كامل، وفي الاستثمار استعنا بالدكتور راكان الحارثي وفي مجال العقار يتواجد رئيس نادي الشباب خالد البلطان، وكذلك عامر السلهام بمعرفته بالبورصة وفي المحاماة محمد علي الشيخ، فحرصت ان يكون في كل مجال من لديه خبرة في ذلك والحقيقة أنني مسرور بذلك كون التخصيص سيحل لنا مشكلتين كبيرتين تعاني منهما كافة الأندية السعودية. الاولى غياب الاداري المحترف والمتفرغ للأندية، والثانية عدم وجود موارد مالية ثابتة للأندية، لأن أغلب الأندية في هذا الوقت معتمدة على اشخاص او عقود رعاية.. ونحن اذا اردنا ان نتقدم بشكل اكبر سنحاول ان نبحث عن ما هو موجود من الأمثلة الناجحة عند الدول المتقدمة ونحاول تطبيقها. واضاف رئيس لجنة خصخصة الأندية : تبقى لنا نصف عام وننتهي من عملنا في فريق التخصيص ونتوقع ان ننتهي ب14 كراسة لكل ناد كراسة وفيها كل المعلومات اللازمة له من الدخل والمصاريف والاصول التي يملكها والنظام القانوني الذي يملكه، وكذلك طرق توزيع الدخل وما شابهه,وبالنسبة لمصادر الدخل فقد قمنا بتقسيمها الى قسمين, قسم سيكون فيه المشاركة بين الأندية ومنها النقل التليفزيوني وكذلك منها المنتجات والبضائع الرياضية. في المنتجات سننشئ شركة لها عدة مزايا وبتكاليف اقل وكذلك مساعدة للأندية الصغيرة لأنها ربما تواجه مشكلة في انشاء شركات خاصة بها. هناك مصادر دخل لن يكون فيها مشاركة منها التذاكر. سنقوم بدراسة نحدد فيها السعر الادنى لكل من ال14 ناديا بحيث ان الدولة لا تسمح ان يباع ناد بسعر اقل من سعر النادي الاخر، فنحن نتوقع من حصيلة بيع ال14 ناديا مبلغا معينا ربما 500 مليون, ونقترح عمل صندوق رياضي بثمن سعر الأندية هذه بحيث انه أي ناد من 14 ناديا يريد ان يعمل استادا خاصا فيه يستطيع ان يأخذ قرضا من هذا الصندوق الرياضي وفق ضمانات معينة. واضاف الأمير عبدالله بن مساعد: سننتهي من هذا العمل بعد نصف عام تقريبا ووقتها سأقول رأيي عن الخصخصة وهل ستطبق فعليا لدينا أم لا ,منوها إلى أن رأيه المبدئي يحتمل أن يكون لدينا خصخصة في قادم الأيام بنسبة 100% ولكن ربما تكون نسبة تطبيقها الفعلي على أرض الواقع 50%. وطالب الكاتب الرياضي المخضرم عدنان جستنية بالتعجيل في تطبيق الخصخصة على أرض الواقع في القريب العاجل مبديا ارتياحه الكبير لتولي الامير عبدالله بن مساعد هذا الملف الحساس وقال: ثقتي بعمل عبدالله بن مساعد وإمكاناته الكبيرة ونزاهته وأمانته في العمل وتخصصه أيضا كل ذلك يجعلني متفائلا أكثر من أي وقت مضى في أن ترى الخصخصة النور على يد هؤلاء المخلصين الذين يعملون ليل نهار , الأمر الذي من شأنه رفعة وعلو رياضة مملكتنا الحبيبة. وعن المعوقات التي تقف في وجه الخصخصة من ممتلكات للدولة وغيرها أوضح جستنية أن مقرات الأندية باعتبار انها مملوكة للدولة لن تكون حجر عثرة في طريق الخصخصة والدليل ما قاله الأمير عبدالله بن مساعد مؤخرا عن هذه الجزئية,ولكن المعوقات التي أراها تكمن في الفكر الذي يدار به اتحاد القدم ولجانه وكذلك الفكر الموجود في الأندية ناهيك عن الإعلام الذي أعتبره من أهم المعوقات لأنه من الممكن أن يلعب دور المنفر للمستثمر خاصة إذا ماعلمنا حجم التعصب الكبير في إعلامنا الرياضي. وختم جستنيه حديثه قائلا: أتمنى كخطوة استباقية للخصخصة أن نغير في أحرفها وماهيتها لتصبح عوضا عنها (الخسخسة )لأننا نحتاج أن نركز على عدد معين من الأندية في لعبة كرة القدم فقط بينما علينا أن نحول بعض الأندية لتهتم بالألعاب الأخرى دون كرة القدم,وهي خطوة أطرحها عبر جريدة اليوم وأتمنى أن ينظر لها بعين الاعتبار. من جهته يرى الرياضي الخبير خالد العجلان أن موضوع الخصخصة يجب ألا ينسينا واقعنا الرياضي المؤلم فقضيتنا ليست خصخصة وإنما رياضتنا تعيش أزمة فكر حقيقية ولعل النتائج الأخيرة في السنوات الماضية تؤكد ما أرمي إليه بكل تأكيد ,أما فيما يتعلق بالخصخصة فهي تحتاج لدراسة عميقة على أن نوجد لها بنى تحتية تساعدها على النجاح ومن أهمها مقرات الأندية ومدى ملائمتها للتخصيص والاستثمار ,وتساءل العجلان في الوقت نفسه عن دور البنوك السعودية بما أن الحديث عن الخصخصة وقال: في السعودية لدينا أغنى البنوك في العالم على الإطلاق ومع ذلك دورها الاستثماري ضعيف جدا مشددا على ضرورة قيام الجهات العليا بتفعيل دور هذه البنوك سواء خصخصت الأندية أم لم تخصخص ففي كلتا الحالتين يتطلب دعمها . ومن جانبه شدد محمد السراح الرئيس الأسبق لنادي التعاون والرياضي المعروف على ضرورة العمل الجاد من أجل خصخصة الأندية الرياضية لما لذلك من أثر كبير في إثراء رياضة الوطن والقفز بها إلى مصاف العالمية معتبرا أن الوقت الحالي يتطلب حراكا كبيرا وعملا جبارا من أجل عودة الكرة السعودية لسابق عهدها. وعن الخصخصة قال السراح : هي ضرورة ملحة ولكن هناك مشكلة تتمحور في عدم جاهزية أنديتنا لتطبيق الخصخصة بشكل صحيح لعدم اكتمال البنى التحتية فيها وعدم توفر الأرضية الصالحة لخصخصتها، بالإضافة لعنصر مهم يكمن في المحفز الذي يجبر الشركات ورجال الأعمال على الدخول في هذا المجال الذي يضمن نجاح الخصخصة بشكلها الصحيح. أما مصلح آل مسلم عضو الإتحاد السعودي لكرة القدم ورئيس نادي نجران الأسبق كان له وجهة نظر في قضية الخصخصة حيث يرى آل مسلم أنه متى ما أقر نظام الخصخصة في الأندية السعودية فإن ذلك يعني عودة الحياة لشرايين هذه الأندية وتدفق الدم من خلالها ,فالخصخصة تلغي تماما دور أعضاء الشرف الذين يفرضون وصايتهم وقراراتهم على رؤساء الأندية ويتحكمون بها عطفا على مايدفعونه من أمول لخزينة النادي ,كما أن الخصخصة تكفل للأندية الفقيرة أن تمارس أدوارها الحقيقية وتنافس أعتى الأندية في ظل الموارد المالية الكبيرة التي ستودع في خزينة النادي على اعتبار أنه جانب استثماري وليس مملوكا لعدد من أعضاء الشرف. وتفاعل الناقد والإعلامي المخضرم والمعروف صالح الحمادي كثيرا مع قضية الخصخصة وقال بأن مشكلة رياضتنا وأنديتنا المحلية لا تكمن بالخصخصة ولا بالدعم المالي وإنما هي تواجه أزمة فكر بحتة وعلى ضوء ذلك ينبغي أن نعالج هذه الأخطاء قبل أن نتكلم عن الخصخصة وغيرها من الأمور ,فالملاحظ وبكل أسف أنه دائما ما يخرج علينا بعض المسئولين سواء في الإتحادات الرياضية أو حتى في اللجنة الأولمبية السعودية ويتكلم عن نقص الموارد المالية وأنها سبب رئيسي لتدهور رياضتنا وأننا نحتاج لضخ أموال كثيرة كي تعود الحياة مجددا لرياضتنا وهذا كلام مردود عليهم فوقت الراحل الرمز الأمير فيصل بن فهد كنا نتسيد هرم القارة بأكملها ونحن نعرف إمكاناتنا المادية آنذاك ومع كل ذلك كان منتخبنا لا يقهر ورياضتنا بألف خير ,وعندما يتحدثون عن الخصخصة فهذا أمر طيب وشيء يبعث على التفاؤل ولكني أقول لهم أصلحوا الخلل الذي يسبق الخصخصة ومن ثم فكروا بالاستثمار وخصخصة الأندية كيفما شئتم. على النقيض تماما يؤكد الكاتب الرياضي المعروف صالح السليمان أن هناك من المسئولين من يرغب في تعطيل مشروع الخصخصة كي لا تخرج ملكية الأندية منهم لذلك هم يجعلون بعض الأنظمة البيروقراطية تقف حجر عثرة في وجه الخصخصة ,وزاد السليمان بقوله: للأسف وأقولها بكل تجرد لاتوجد لدينا نية صادقة وجدية للبدء في خصخصة الاندية الرياضية بل لاتوجد آلية معينة لبناء أرض خصبة وصحية للخصخصة ,أساسا هم لم يحاولوا وأعتقد أنهم لم يحاولوا وكل مايثار لا يتعدى دراسات وكلام ربما لا يطبق على أرض الواقع ,ولعل ذلك كله من أجل ألا تخرج الأندية عن سيطرتهم وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق متى ما رأينا التطور الملحوظ في الأندية المجاورة لنا أوحتى على الصعيد الآسيوي والتي بدأت فعليا في ما يسمى بالخصخصة ,أيضا الدولة يجب عليها أن تتحرك ويكون لها بصمة وتسعى للخصخصة كي تتفرغ لشئونها الرئيسية والخاصة وتترك مجال الرياضة للمستثمرين كي ينهضوا بها ويطوروها أسوة بالدول المتقدمة ,فللأسف وأقولها بكل صراحة نظرة الدولة للرياضة لا تزال قاصرة ,فهي تعتقد أن الرياضة فقط للتسلية والترفيه ليس إلا وهذا منظور خاطئ يعيدنا إلى الوراء كثيرا ويعرقل كل الخطط التي تعمل من أجل الإرتقاء برياضة الوطن من قبل المعنيين بها