الكتابة بين الورقي والالكتروني تجربة عايشها العديد من الكتاب فهل وجدوا فروقا بين النوعين من الكتابة من حيث عمق الفكرة وتواصل الجمهور وسقف الحرية .. حول هذا الموضوع استطلعت (اليوم) آراء بعض الكتاب للحديث عن تجاربهم في الكتابة الورقية والالكترونية. إضافة نوعية يقول الروائي عبد الحفيظ الشمري: لم تتغير ظروف الكتابة لدي بوصفي أحد المخضرمين الذين عايشوا التجربة الكتابية وتحولاتها على مدى ثلاثة عقود تخص تجربتي الشخصية، فقد وضعت نصب عيني أن هذه الانثيالات الإلكترونية وتداعياتها المعلوماتية ما هي إلا إضافة نوعية لمشروع الكتابة، وتطوير لوسائل التواصل لا أكثر ولا أقل، وأجزم بلا تردد بأن هذه النقلة الالكترونية ليست من قبيل التحول النوعي في المفاهيم إنما هي تحولات متطورة لوسائل ووسائط الخطاب وقنواته، ولم يحمل أي ملمح للتحول الفكري أو المضمون المنهجي الذي يمكن أن يعول عليه في صياغة الفكر والمعرفة الناجزة. ويتابع : « لم يحدث أي تحول مما يحتمله السؤال إنما تظل هذه التقنيات مجرد وسائل حولت نظام الكتابة بالقلم والورق إلى لوحة مفاتيح وبرامج وقنوات إلكترونية تسهم في تواصله مع العالم بشكل أقوى منذ قبل .. فيما المبدع الحقيقي يظل في حالة صراع وتوهج وقلق قبل الكتابة وأثنائها وبعدها «. الورقة مادة الروائية ليلى الأحيدب لنبدأ من الورقة أولا : الورقة مادة يمكن أن تضيع في زحام الأشياء حولك، وضياع ورقة أو اختفاؤها يعطل مشروع الكتابة، وبالتالي يعني ضياع الوقت.. التقنية وفرت لي شخصيا أن أحفظ ما أكتب عبر أكثر من وسيلة، أجد هذه الورقة في ( فلاش صغير ) في إيميل معلق في الفضاء. كما أن العملية (المنتجة ) من تغيير في المفردة أو تقديم حدث على حدث، سهل جدا. أما ورقيا فالمسألة معقدة وطويلة : باختصار الكتابة الالكترونية سهلت لي عملية الكتابة وجعلتها أبسط وأكثر لا أعتقد أن تغيير وسيلة الكتابة له علاقة بتغيير أسلوب الكتابة. الكتابة تتغير بتغير الوعي والتجربة الحياتية، وسائل التقنية مجرد أدوات تتواءم مع مزاجات الكاتب. لنتفق أولا على أن العمق الفكري سمة شخصية لا يمكن وصف فئة بها وفقا لطريقتها في التواصل مع الكاتب، العمق والتسطح موجودان في كل الفئات بغض النظر عن وسيلة التواصل، لكن لا يخفى على كل متماس مع هذه التقنية الالكترونية أنها تفاعلية وردود المتواصلين مع الكاتب تثريه حتى من أولئك السطحيين الذين يمرون ويتفاعلون مع ما يكتب. قفزة كبيرة الكاتبة زينب الخضيري تقول : «الكتابة هي الكتابة لا نستطيع أن نجزئها أو نغيرها لمجرد الانتقال من الوسيلة الورقية إلى الوسيلة الالكترونية, فقط قناة الاتصال تغيرت من ثابتة إلى متحركة متسارعة, وهي لا شك قفزة كبيرة في وسيلة التواصل مع القارئ, وهذا فعلا يختصر الوقت لمعرفة رأي القراء فيما يطرحه الكاتب, والتفاعل بشكل مباشر بعيدا عن الوسطاء, أيضا لا يُلزم الكاتب بوقت معين من أجل أن يطرح أفكاره أو نصوصه، فلديه حرية في اختياره توقيت طرح مواضيعه إلا إن كان ملتزما مقدما مع مؤسسة معينة, لكنه لا يختصر الوقت في عملية التحضير لكتابة موضوع ما, فهذه تعتمد على الكاتب وطقوسه في الكتابة. الوسيلة الالكترونية أعطت سقفا عاليا من الحرية والمساحة, لكن لابد للكاتب أن يتقن المهارات الأساسية في الإعلام الكلاسيكي (التقليدي), فالأدوات لا تختلف، لكن الوسيلة هي المختلفة, الذي تغير هو الأفكار المطروحة, فالإعلام الالكتروني لا يخضع لشروط معينة تمليها المؤسسة الإعلامية الرسمية كما هو معروف في الإعلام الكلاسيكي.