لم يكد يطل العام الجديد علينا حتى بدأت شجرته تسقط أوراق حياة العديد من المثقفين والكتاب والأدباء وضمن من رحلوا مؤخرا الأستاذ والكاتب عبدالعزيز السنيد احد المؤسسين للصحافة المحلية واحد الأقلام البارزة في الصحافة السعودية. وكان أكثر ما يميز الراحل» يرحمه الله» روحه الطيبه وتلك الإنسانية الكبيرة في التعامل مع كل أطياف المجتمع وألوانهم، بالإضافة إلى حرصه على التواصل والمتابعة للشأن العام والخاص في الوطن، ودون شك يعد رحيله ورحيل غيره من الكتاب والمثقفين مؤثرا مادفع البعض هنا ممن عرفوه وقرأوا له تسجيل بعض انطباعتهم عن رحيله ..تغمده الله برحمته يتحدث في البداية صديقه وزميله في عالم الكتابة الكاتب اسحاق الشيخ يعقوب: تأخذني ذاكرة راحلنا الوطني الكبير عبدالعزيز السنيد الى زمن بعيد من الخمسينيات والستينيات فأبصره وعياً وطنياً متدفقا ونشاطاً ادبياً وفكريا ووطنيا راسخاً بيننا نحن معشر المثقفين والعمال والشباب الوطني.. وكان يأخذنا واحداً ..واحدا يبتهج فينا فكرا وطنيا مستنيرا.. ونبتهج به فكراً وطنيا مستنيراً على طريق بث الوعي الوطني والعمالي في عمق الوطن من أجل حياة افضل في التنمية والاصلاح والتطوير.. ويضيف يعقوب: كان السنيد رائدا وطنيا شامخا يتجاوز – يومها- طموحا ووعيا وإرادة فكرية وأدبية ونشاطا اجتماعيا وسياسيا لقادم وطن ناهض متحرر من تركة الماضي وجاهلية الظلام والتخلف.. وكان له الفضل الأكيد في زرع الفكر الوطني المتوثب وعيا ثقافيا وأدبيا.. يوم كانت الرتابة الثقافية والفكرية تتمدد فينا وفي عمق الوطن وتركن الى سكون الجمود والظلام والتخلف!! وكنا نتفاعل مع هذا القادم توا من العراق والذي يلتهب وطنية في وعي ما كسبه هناك من حراك أدبي وفكري وثقافي. رئيس التحرير ونائباه يقدمون التعازي لعائلة الفقيد ويؤكد الشيخ ان للسنيد دورا في تأسيس الحركة الثقافية والفكرية والأدبية وكان يتجدد نشاطا اجتماعيا وفكريا وثقافيا بيننا وكنا نتجدد فيه ونبادله النشاط والتجدد.. وكان يعمل في حقل الصحافة والنشر بجانب زميله يوسف الشيخ في جريدة «اخبار الظهران» بجانب زميله عبدالكريم الجهيمان وكانت له مساهمات ثقافية وفكرية في الجرائد البحرينية وجريدة القافلة.. ستبقى ذاكرة عبدالعزيز السنيد الوطنية كلما دق ناقوس التجدد الوطني في ذاكرة الوطن، رحم الله عبدالعزيز السنيد واسكنه فسيح جناته. وعن علاقة الراحل بالصحافة يقول القاص والكاتب خليل الفزيع: عبدالعزيز السنيد رحمه الله من رواد الكتابة الصحفية في المنطقة الشرقية، كتب في وقت مبكر من تاريخ الصحافة في هذه المنطقة، أولا في صحف الأفراد مثل أخبار الظهران والخليج العربي، ثم في جريدة اليوم بعد ذلك، وكانت تضم كوكبة من أبرز الأقلام المؤثر ة في مسيرتنا الثقافية مثل محمد حسن العواد وأحمد قنديل وأحمد عبدالغفور عطار وأحمد إبراهيم الفزاوي ومحمد حسين زيدان وعبدالعزيز السنيد ويوسف الشيخ يعقوب، وغيرهم. ويضيف الفزيع في حديثه عن مقالات الراحل الصحفية: وعالج الفقيد في مقالاته العديد من المشاكل الاجتماعية يوم كانت الصحافة تعتمد على الرأي قبل اعتمادها على الخبر أو الصورة، بحكم بدايات التنمية في المملكة، وهي فترة اتسمت بالنقد المباشر والحاد لتقويم مسار تلك البدايات، وكان السنيد ذا شخصية هادئة انعكست على كتاباته، فلم يكن حادا في طروحاته الكتابية بل كان هادئا ورزينا في طرحه ونقاشه لأهم الموضوعات وأكثرها حدة. ويؤكد الفزيع: ان الراحل ظل على وفاق دائم مع الجميع الذين أكبروا فيه حرصه على ذكر الحقيقة، وعدم الانفعال في الطرح، والاعتماد على المناقشات المقنعة والحوارات التي لا تنقصها الصراحة المتزنة، وقد تمتع بعلاقات واسعة في الوسط الثقافي، وهو بهذا يعتبر شاهدا على زمن حافل بالمتغيرات التي عاشتها المنطقة في خمسينيات القرن الميلادي الماضي وما بعدها. رحم الله السنيد وأسكنه فسيح جنانه، ونسأل الله أن يلهم أسرته ويلهمنا في فقده الصبر والسلوان. حريص على التواصل فيما تحدث الأستاذ جعفر النصر عن علاقة الراحل السنيد بالمثقفين والناس العاديين: كان إنسانا بمعنى الكلمة يمتلك الكثير من التقدير والحب للآخرين ، متواضع في حديثه وجلساته التي يكون فيها النقاش الى اعلى مستوى، ومهما اختلف او اتفق في رأي أو مشكلة او موضوع يبقى الحب والاحترام للآخرين، ويحرص على التواصل والترابط الاجتماعي سواء على المستوى الأسري او المستوى الاجتماعي. ويضيف النصر: كانت مقالات الراحل تعبر عن الكثير مما يشعر به المواطن العادي والمثقف المثقل بهموم الوطن والمواطن، كانت مقالاته تشعر القراء بأن السنيد كان سندا لهم في طرح مشاكلهم وهمومهم وطلباتهم وكأنه صوت المواطن للمسئول، ومن المميزات في كتابات الراحل إنها متنوعة في كل المجالات سواء اجتماعية أوثقافية أواقتصادية. ويؤكد النصر: أريد ان أضيف شيئا وهو أن الراحل كان يقيم العلاقة مع الشخص كإنسان وليس من باب قبلي او طائفة او أيدلوجيا معينة ولذلك كان محبوبا لدى الجميع، ومن جميع الاتجاهات الفكرية والثقافية عند الأصدقاء. يعشق الوطن والمواطن فيما تحدث الكاتب نجيب الخنيزي عن بداية العلاقة مع الراحل: تعود معرفتي بالراحل في منتصف السبعينات ولم يعني أي شيء الفارق العمري ما بيني وبينه خاصة على الصعيد الروحي والفعلي والثقافي، وكانت هناك العديد من الزيارات الاجتماعية ما بيننا وقد تم تكريمه في حفل كبير حضره لفيف من المثقفين والأدباء والكتاب على مستوى المملكة وكانت له عدة ندوات ثقافية وكانت احداها في منتدى الثلاثاء بالقطيف. ويضيف الخنيزي: كان الراحل السنيد يعشق الوطن والمواطن ويعمل ويكتب ويكافح من اجل إعلاء كلمة الوطن وكان بعيدا عن الو لاءات الزائفة او غير الهادفة او التخندق،كان الراحل شرسا وقوي الحجة في الدفاع عن حقوق الآخرين وخاصة في مجال التعليم وقضايا اخرى، ولذلك كان كما قلت بعيدا عن التحزب والتخندق مع جماعة على حساب جماعة آخرى، وهو بذلك كان منفتحا على الجميع على مختلف مشاربهم الفكرية والثقافية وهو شيء طبيعي كون الراحل احد المؤسسين للصحافة في المنطقة الشرقية وكان لكتاباته وقلمه الدور الكبير في الإضاءة الثقافية والفكرية على مستوى الشرقية خاصة والمملكة عامة.ورغم الإمراض التي عصفت بجسده النحيل وأصابته في أخر حياته بسبب العمر إلا انه حافظ على الابتسامة وكان يتمتع بحيوية وتواصلا مع الجميع. حصد ما زرع فيما تحدث نبيل السنيد وهو الابن الأكبر للراحل عن العلاقة التي كانت بينهم قائلا: كان الأب والأخ كان مربيا فاضلا دائما كان يحرص علي أن نتعلم الصفات الفاضله ونتمسك بالأخلاق الحسنة وكان دائما ما يتحدث عن حب الوطن وان نكون فاعلين في خدمة الوطن والمواطن من خلال المكان او المسئولية التي نحن فيها. ويضيف نبيل: كان الوالد اجتماعيا في الدرجة الأولى ويحب ان يصل الى الناس خاصة الأقارب والناس البسطاء ولا ينتظر ان يقوموا بالرد ،وفي نفس الوقت كان الكل يقول له يا ابا نبيل نحن من المفترض ان نقوم بزيارتك ولكنه لا ينقطع عن زيارة كل الأحباب والأصدقاء في كل المناسبات وخاصة أصدقاؤه أمثال العم الكبير إسحاق الشيخ يعقوب والذي كان يجمع بينهم الشيء الكثير سواء القلم أوالكتابة او الهموم المشتركة، بالإضافة إلى التواضع الكبير في حديثه وتعامله مع كل البشر الذين يقابلهم في حياته اليومية. ويتابع السنيد: كان للحضور الكبير أثناء التشييع وتلقي العزاء الأثر الكبير علينا كعائلة السنيد من خلال ما شاهدناه من الناس من حب وتقدير وحديث عن الوالد سواء من الأقارب او الأصدقاء او الناس الذين لا نعرفهم وهو ما يؤكد وأكد لنا ان الراحل كان إنسانا كبيرا ورائعا ومحبا ومحبوبا من قبل الجميع على مختلف أطيافهم وأجناسهم وبالفعل قد حصد ما زرع عبر سنوات حياته. من مقالات الفقيد دور التربية في تنمية الطفولة إن التربية على اختلاف أنماطها وأنواعها تعتبر الأساس الرئيس في تنمية مدارك الأطفال تدريجيا ومرحليا, ويمكن أن نقول بدون تحفظ: علينا منذ الولادة أي منذ اليوم الأول لوجود الطفل في عالم الدنيا والحياة, أن نبدأ مبكرا في بناء شخصيته وتكوين أهم مقوماتها الأولية بالتوجيه والتقويم والإعداد التربوي والتنموي والأم في هذه المرحلة هي المعلم والموجه والمربي الأول فهي ربة البيت والبيت هو المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل أوليات مبادئ الحياة وتحديدا طرق التربية والتنمية والاندماج في مسالك المعرفة بالتجربة والممارسة البدائية وصولا إلى القدرة الكافية على فهم الأشياء وإدراك معاني التطور الذي يعايشه في مسيرة سلوكه وتدرجه في فهم كل هذه الأمور التي يواجهها ومحاولة تحليل رموزها ومعطياتها. وكما قلنا: إن البدايات تبدأ من البيت وبحدود جدرانه الضيقة حتى تتوسع وفي الوقت نفسه تتوسع مداركه ومرئياته وكما قال الشاعر أحمد شوقي: الأم مدرسة إذا اعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق فإذا لاحظت الأم انحرافا لا سمح الله على طفلها فعليها أن تبادر فورا لدراسة أسباب هذا الانحراف.. وتتساءل بدهشة واستغراب! لماذا انحرف طفلها؟ وعندما تعرف الأسباب, تقوم الأم المدرسة بواجبها التربوي المرتقب ومتطلباته وتقوم بوضع خطة عمل لإبعاد هذا الانحراف, وتوجيه طفلها نحو الأسلم. قد تستعين الأم بالأب أو بالأقارب من ذوي الخبرة والذين لهم تجارب طويلة في هذا المجال وبهذا تكون الأسرة قد بادرت قبل فوات الأوان وفي المراحل الأولى لتعديل مسار الطفل نحو الاتجاه الصحيح والسليم تربويا. وذلك بالاهتمام بالرعاية للحالات النفسية والاجتماعية والسلوكية للطفل ليتدرج في فهم معاني هذه المقومات بعد إيضاحها له بشكل مبسط ليتمسك بمفاهيمها بعد أن يكون قد استوعبها تدريجيا وبسهولة وبساطة. يسير على ضوئها ونهجها لبناء شخصيته المستقلة التي تكون قد شبت عن الطوق وظهرت ملامح تلك الشخصية ومقوماتها الأساسية والمتعارف عليها في الحياة اليومية والمعيشية والسير على ضوء أولياتها التي تمكن الطفل من استيعابها فهما ليسير على ضوئها لبناء شخصيته البارزة المستقلة, وتكوين قدراته الذاتية وتطويرها وترسيخها وتقديم الإنجاز الذي يبنى على أرض صلبة بشخصيته المتميزة في تلك المرحلة. وعلى الأسرة في هذه المرحلة بالذات أن تستمع إلى طفلها في هذه الحالة المتقدمة من مساره.. وتدرس انطباعاته, وتستمع بإصغاء الى رغباته وطلباته فتشجعه على الصالح والمفيد منها وتحاول إفهامه الأمور النافعة والأمور الضارة والاستفادة بالتمسك بالأولى ونبذ الثانية والابتعاد عنها نهائيا بعد أن يكون قد فهمها فهما صحيحا وعرف مضارها وأخطارها على حياته ومستقبل تطوره التنموي وهنا على أسرته أن تبادر فورا إلى إكرامه ومكافأته وامتداح اتجاهه نحو الشيء الصحيح وليكن قدوة تحتذى لأترابه من أفراد الأسرة التي تعيش معه وأولئك الذين يعيشون قريبا منه في المنطقة أو الحارة التي يسكنها في مدينته. ولكي نبني شخصية الطفل في مجال تربيته وفي نطاق محيطه لابد أن نعطيه الفرصة الأوسع للتعبير عن أفكاره لتحقيق شخصيته الحرة المستقلة عن طريق منحه الثقة وإفهامه أن له الحق في ممارسة دوره بجدارة بعد أن اكتسب الثقة وكون شخصيته في محيط أسرته (مدرسته الأولى) ليتحمل مسؤوليته في المجتمع الكبير. ان المنزل كان مدرسته الاولى وهي اللبنة للبناء الذي سيكون شامخا متكاملا ويأتي بعدها دور المجتمع الأكبر والأوسع.. وفي هذه الفترة تلعب المدرسة التقليدية دورها في تعليمه وصقل مواهبه والأخذ بيده نحو الأفضل لبناء شخصيته المستقلة.. وهنا يقوم المجتمع بكل شرائحه وآفاقه بفتح مجالات تقدمه وتطوره في شتى الوسائل لتطوره وتقدمه وتفاعله بأحداث ومجريات الحياة في المرحلة الجديدة المتقدمة عن سوابقها المرحلية هناك حقائق يجب أن تدركها الأسرة وتطبقها بالقول والعمل قبل أن ينتقل الطفل إلى المدرسة التقليدية والمجتمع على مختلف طبقاته الاجتماعية على أن تعطيه الأسرة ولاسيما الأبوين النموذج المثالي في الاستقامة والتآلف والمحبة بعيدا عن المشاق والخلافات.. وإذا ما حدثت هذه الخلافات بين الأبوين فيجب أن تكون محصورة بينهما دون معرفة الأطفال لأن الأطفال يجب أن يشاهدوا كل ما هو جميل وسعيد ومفرح.. لتتكون براعم السعادة وتكبر في مسيرة الحياة أن في هذه المعركة الطويلة بين البناء والتأسيس والتقويم على الأم خاصة أن تمنح أطفالها الهبات والمكافآت لإبعادهم عن الأجواء المكدرة والمؤلمة وعلى الأم أن تبادر بتشجيع الأطفال الذين يظهرون تفهما واستيعابا وتطبيقا لما هو مفيد في بناء الطموحات الإنسانية والاجتماعية بين أفرادها كوحدة عضوية مرابطة ومتماسكة بالمجتمع الكبير الأوسع الذي يمثل الطبقات الاجتماعية ويعكس مختلف مظاهر الأفكار والمرئيات في مسيرة النشوء والتطور والارتقاء ان الطفل الذي تربى تربية علمية وإنسانية في أسرته الأولى الصغيرة, سيواجه المجتمع الكبير, حيث تختلف المشاعر وتتباين بين الناس وعليه أن يحاول قدر الطاقة والإمكانيات المعرفية والسلوكية للتميز بين الغث والسمين والصالح والطالح ويأخذ الطريق الذي يؤدي به إلى درب السلامة والاستقامة. للطفل إعلان عالمي عن حقوقه وثيقته تنص على: (أن البشرية مدينة للطفل بأفضل ما لديها) وقد أكدت الأممالمتحدة في ميثاقها أن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في ذلك الإعلان دون أي تميز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو للرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل أو الثروة أو الميلاد. بما أن الطفل, بسبب قصوره من ناحية النضج البدني والعقلي في حاجة إلى أسباب خاصة للوقاية والرعاية تشمل الحماية الشرعية اللازمة قبل ولادته وبعدها. وقد صدر البيان بهدف جعل الطفل ينعم بطفولة هنيئة ويتمتع بالحقوق والحريات في الإعلان لخيره ولمصلحة المجتمع, ونهيب بالآباء والأمهات وبالرجال والنساء والأفراد وبالهيئات التي تعنى طواعية برعاية الطفولة وبالسلطات المحلية والحكومات, أن تعترف بهذه الحقوق وتعمل على مزاولتها بإجراءات تشريعية وغيرها على أن يتم ذلك تدريجيا. وقد طالبت هيئة الأمم بنشر حقوق الطفل وأوصت الجمعية العمومية حكومات الدول الأعضاء والوكالات المتخصصة بأن تتوسع بنشره إلى أقصى مدى مستطاع.. ورجت الأمين العام أن يعمل على التوسع في نشر إعلان حقوق الطفل وتوزيعه وبذل كل جهد ممكن لنقله إلى كافة اللغات العالمية. الخميس 1423-08-11ه الموافق 2002-10-17م العدد 10716