«لا تكن كتاباً مفتوحاً، فقد يمزقك من لا يحسن قراءتك»! من يعش بلا أسرار ولا يفرّق، وفي كثير من الأحيان ولا تفرّق، بين دوائر الأخوة والصداقة والزمالة والمعرفة، فيتعامل مع الجميع على أنه الخليل الذي يفشي له جميع أسراره، والأسوأ من يحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى كاميرات مباشرة لنقل ما يحدث داخل بيته، فسيتمزق عاجلاً أم آجلاً، وسيردد الكلمة الشهيرة «انصدمت»؛ لأنه قد وقع في يد من لا يحسن القراءة جهلاً أو عن سابق إصرار وترصد. وبالمقابل، من يتعامل مع الآخرين بسوء ظن مبالغ فيه، فيعيش ككتلة من الغموض والأسرار يعش مريضاً ومضراً بنفسه ومن حوله. في نافذة جوهاري التي توصل لها عالما النفس جوزيف لوفت وهارينجتون انجهام والتي اختُصرت من اسميهما، الإنسان عبارة عن أربع مناطق: المنطقة المفتوحة وهي ما تعرفه أنت عن نفسك ويعرفه عنك الآخرون. والمنطقة العمياء وهي ما لا تعرفه أنت عن نفسك ويعرفه عنك الآخرون. ومنطقة القناع وهي ما تعرفه أنت عن نفسك ولا يعرفه عنك الآخرون. والمنطقة المجهولة وهي ما لا تعرفه أنت عن نفسك ولا يعرفه عنك الآخرون. وكلما زادت المنطقة المفتوحة فإن هذا دليل على الثقة بالنفس والنجاح في التواصل مع الآخرين، فالناس تحب الشخصية المنفتحة وترتاح في التعامل معها. أما المنطقة العمياء، فإنها كلما زادت فإن ذلك دليل على عدم تقبل النصيحة، وبعد من حولك عنك، فهم يرون فيك أشياء أنت ترى فيها العكس، مما يدل، في معظم الأحيان، على أنك تعيش في وهم. وكلما زادت منطقة القناع فإن ذلك دليل على ضعف علاقة الإنسان بمن حوله، فالناس لا ترتاح للشخصيات الغامضة، أما المنطقة المجهولة فزيادة حجمها دليل على أن خبرة الإنسان بذاته وبالعالم من حوله ضعيفة ويحتاج لمزيد من التواصل. من أراد النجاح يحتاج إلى تطبيق نافذة جوهاري بحكمة وذكاء وذلك بالتفريق بين ما يُظهر وما لا يُظهر، فقد خلقنا المولى شعوباً وقبائل لنتعارف، وأيضاً «استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود».