ظاهرة مخيفة في المجتمع، وانتشارها -لا قدر الله- دمار للمجتمع كله، وعامل التفكك الأسري من أهم أسبابها، والأكثر حضوراً من بين كل الأسباب. جميع الدراسات الاجتماعية العلمية أكدت أن أسلوب التربية الخاطئ كالقسوة على الأبناء من أحد الأبوين، وكذلك اللين الزائد، الضلع الثالث من مثلث الهدم من أسبابها. فالتذبذب في المعاملة إما بالشدة المبالغ فيها، أو بالتهاون كالسماح للصغار بالخروج لساعات متأخرة من الليل دون رقابة، ومع أصدقاء لا تُعرف سلوكياتهم ولا اتجاهاتهم، بالإضافة لغياب التوجيه والقدوة الصالحة، كل هذه العوامل مصانع للجنوح والانحراف، فلا تستسهلوا هذه الأمور. كثرة غياب الأب بالسفر بسبب ظروف الحياة ومتطلباتها، أو بأسباب أخرى، وكذلك الأم العاملة عندما تغيب لساعات طويلة في العمل ثم تعود منهكة وتنخرط في شؤون البيت وتغفل عن أن تعطي من وقتها مساحة كافية للجلوس مع أبنائها هذا أيضاً يولد الجنوح والانحراف، وما هروب الأبناء، وهروب الفتيات الذي نسمع عن كثرة حدوثه في هذه الأيام إلا إفرازات لإهمال وعدم احتواء الأبناء والانشغال عنهم. ناهيك عن شجار الوالدين أمام أبنائهما، وأزيد من الشعر بيتاً، تأثير بقية أفراد الأسرة الممتدة على الأسرة المحددة، أقصد التدخل السلبي في تربية أبناء الأسرة من بقية أفراد الأسرة الكبيرة، تدخلا يشتت التربية السليمة. توجد أسباب أخرى للجنوح كالعوامل الوراثية والنفسية والفقر وغيرها. إلا أني أود التركيز على التفكك الأسري على اختلاف صوره، الذي يُعد من أكبر الكوارث لما ينتج عنه من انهيار في الوحدة الأسرية، وانحلال لأدوارها الاجتماعية، حيث يحرم الأبناء من الشعور بالجو الأسري الآمن والحب والحنان والاستقرار وذلك لإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية والبيولوجية المختلفة. فالاضطرابات السلوكية مصدرها الرئيس عدم الاستقرار العائلي والنفسي الذي يقضي على ثبات القيم والمبادئ والأخلاق. سامح الله من تخلى من الآباء والأمهات عن واجبه ودوره، وفضل مصلحته الشخصية على مصلحة من جعلهم الله أمانة في عنقه. الطلاق أبغض الحلال عند الله، فليفكروا في أطفالهم قبل أن يفكروا في أنفسهم. أولادكم أمانة فلا تضيعوها.