زمن غريب عجيب تداخلت فيه المعايير وغابت فيه أو كادت كل القيم والموازين، وعمت الفوضى وطالت كثيرا من البلدان لتسيل الدماء أنهارا يستوي في ذلك المجرمون والأبرياء..!! يا للهول! إلى أين يتجه العالم؟.. وأين العقلاء؟ ألا يوجد من الحكماء من يتصدى للفتنة العمياء قبل أن يستفحل الداء ويعز الدواء؟! إن وسائل الإعلام لا تنفك عن نشر سيل من الأنباء بالصوت والصورة تؤكد أن العالم كله يتجه بسرعة نحو الهاوية خدمة لنزوات مجنونة وخطط مدمرة إن لم يتداركها العقلاء بالقول والعمل والعودة للحوار المثمر الذي تتغلب فيه المصلحة العامة على الخاصة، لمواصلة البناء والإعمار للقادم من الأجيال. خذ العراق مثلا، بلد الرافدين ومهد الحضارت التي تسيدت العالم كله زمنا طويلا وأهدت العالم من أبنائها عباقرة في كل المجالات كانت لهم وما زالت صولات وجولات وإبداعات.. لكنه اليوم يئن وينزف دما ويتعرض تراثه للتدمير، فيستصرخ القمم من أبنائه العباقرة عل ذلك يثير النخوة والحمية في النفوس ويئد الفتنة العمياء التي أشعلها الحاقدون الأعداء. ومما يؤلم ويملأ النفوس حسرة أن نرى معظم العالم العربي يعاني مما يعاني العراق، فلا مجال للأمن والسلام والبناء والإعمار.. واستفحل الأمر وامتد إلى ليبيا والصومال لنفث سمومه هنا وهناك ليظل العرب يدورون في حلقة مفرغة.. ظلام دامس وحروب مدمرة وحياة حزينة بائسة يائسة.. إلى الله المشتكى؟! لكن لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة، وما ضاع حق وراءه مطالب.. والحق أبلج والباطل لجلج.. والفجر آت.. آت مهما اشتد الظلام وطال. واشتدي يا أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج.. ولله در شاعر النيل حافظ إبراهيم القائل: لا تيأسوا أن تستردوا مجدكم ** فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى قدت له الأفلاك من أفلاكها ** خيط الرجاء إلى العلا فتسلقا فتجشموا للمجد كل عظيمة ** إني رأيت المجد صعب المرتقى ما أحوجنا اليوم إلى من يحيي الأمل في النفوس ويملؤها إيمانا بحياة أسعد وأفضل، بعيدا عن اليأس والملل..!! أعلل النفس بالآمال أرقبها ** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.