تعتبر الإذاعة من أقدم وأقوى وسائل التواصل، والتي كان لها تأثير كبير على مختلف شرائح المجتمع منذ ظهورها، بالاضافة الى أنها من أكثر الوسائل تفاعلا، ومازال الراديو له الكثير من عشاقه حول العالم وبالمملكة، وتزامنا مع يوم الإذاعة العالمي الذي يأتي في منتصف فبراير الجاري، استرجعنا بعض ذكريات مع بداية ظهور اذاعات الراديو. اجتماع العائلة يقول الشيخ سعد الفرج في الأحساء: انتشرت لدينا ثقافة الإذاعة من عام 1385ه إلى 1395ه وكنا نسمع إذاعة لندن وإذاعة الكويت وإذاعة مصر «صوت العرب» وكانت كل العائلة تجتمع في انتظار برامجها المفضلة، ومن ثم قامت وزارة التعليم بذكر أسماء الطلاب الناجحين في الراديو حيث كان يجتمع أهالي الحي في البقالات لسماع نتائجهم، ووالدي كانت لديه بقالة والناجح يعطيه هدية مجانية، وأجمل ما كنت أسمع في الإذاعة السعودية برنامج الزراعة ومازلت حريصا على الاستماع الى الراديو حتى الآن. مشاركة الحجاج وأكد العم عوض محمد الشتوي في العقد السابع من عمره انه بدأ بمعرفة وسماع الراديو في مدينة الخبر عام 1381ه تقريبا، وكان أول ما حرص على استماعه هو القرآن بصوت القارئ الشيخ محمد سعيد نور. «وكنتُ احبذ الاستماع الى الراديو بعد انهاء أعمالي اليومية حيث اتابع في كل يوم أخبار العالم من إذاعة هنا لندن، ومن البرامج التي أتذكرها لهذه الإذاعة (قول على قول) و(السياسة بين السائل والمجيب)». وفي الساعة 11 من الليل استمع إلى برنامج يُذاع في إذاعة القاهرة يقدمه المذيع فاروق شوشة بعنوان (لغتنا الجميلة)، وفي شهر رمضان كانت الإذاعة تزخر ببرامج الفتاوى والأحكام مما يزيد حرصنا على استماعها جميعا، وأكثر ما كنا نترقبه هو تكبير الحجاج في فترة الحج إذ كنا نشاركهم أجواء الحج وكان جميع أفراد الأسرة يترقبون هذا الحدث وايضا كنا ننتظر خطبة الجمعة بفارغ الصبر، وفي الحقيقة عندما أتذكر الماضي والحاضر أشعر أن الراديو كان يجمع الأسر والآباء والأبناء، واما التقنيات الحديثة ومواقع التواصل والتطبيقات وغيرها فقد فرقتنا كثيرا واصبحنا نجلس سويا والكل في حالة عزلة تامة. توبيخ على الهواء اما الجدة أم غيث فابتسمت عندما سألناها عن الراديو وقالت: كنا نكمل السهرة بالمساء على أصوات عمالقة الفن طلال مداح وأم كلثوم وصباح وتجتمع العائلة لسماع الفن الأصيل، ونترقب يوميا برنامج يا طير الحمام لبدر كريم والأفلام السينمائية كانت تذاع في الراديو. وكان هناك برنامج بابا عباس يذاع يوم الجمعة يقرأ الرسائل التي تصل اليه وكان والدي يهددنا بأن يرسل رسالة توبيخ إلى بابا عباس في حال لم نلتزم بالهدوء، حتى أتى يوم ونفذ تهديده وذكرت أسماؤنا بالمذياع أنا واخوتي على أننا مشاغبون وحزنّا حزنًا شديدًا في ذلك اليوم ومن بعدها ونحن نلتزم بكل ما يقوله لنا أبي وأمي. طعم خاص ويحكي لنا العم عبدالله العمري ذكرياته مع الراديو ويقول: في حقبة 1960م لم يكن لدينا وسيلة للإعلام إلا الراديو وكنا نجتمع حوله ما بين صلاة المغرب والعشاء لأنها هي فترة الاسترخاء والراحة ومن البرامج التي كنا نحرص على الاستماع لها «فتاوى دينية» وبرامج من البادية وفي رمضان كانت هناك برامج أم حديجان.. وكان أحيانا يجتمع جميع أفراد القرية لسماعه، ولمة العائلة لها طعم خاص نفتقده في وقتنا الحالي.