قبل توقيع الاتفاق النووي الغربي مع إيران بعام نشطت مراكز الإبحاث والتأثير الأمريكية والأوروبية في التسويق لضرورة بدء حوار «خليجي/ سعودي– إيراني» وبعد توقيعه نهائياً في 14 يوليو 2015 نمت قناعة مصلحية غربية مفادها أن الاتفاق النووي قدم فرصة للحوار «الصعب والناجح والمُفيد في نفس الوقت» والذي يمكن اعتباره إنموذجاً لحل القضايا الخلافية الشائكة بين الدول على أساس قاعدة المفاوضات المؤدية لإشاعة الأمن والاستقرار الإقليمي. وخلال العام الماضي نُظمت عدة مؤتمرات تركز على الحوار الخليجي/ السعودي- الإيراني الأكاديمي بتنظيم وتمويل أوروبي أمريكي مُشترك كان منها على سبيل المثال ورشة «إيران والاتفاق النووي وأمن الخليج» في أكتوبر 2015 في العاصمة القبرصية، وورشة «السعودية وإيران ومواجهة التهديد المشترك -داعش- هل يوجد إمكانية للتعاون بين البلدين؟» بتنظيم من مبادرة الأمن الإقليمي في بروكسل في أكتوبر 2015، وورشة «الحوار السعودي- الإيراني، الرؤيتان السعودية والإيرانية تجاه أزمة اللاجئين السوريين وسيناريوهات التعاون بينهما» في مدينة بون الإلمانية في شهر أبريل 2016 وورشة «ما الذي يُفترض أن يقوم به السعوديون والإيرانيون أنفسهم لتفادي التوتر؟» في مايو 2016 والتى نظمتها وزارة الخارجية الإلمانية في برلين. خلال شهر ديسمبر 2015 استبشرت الأوساط الغربية بتحسن العلاقات السعودية الإيرانية بعد ترشيح المملكة سفيرا جديدا في طهران، ثم لقاء السفير الإيراني السابق بالرياض حسين صادقي بوزير الخارجية عادل الجبير بوزارة الخارجية بالرياض، كما نقلت مصادر أوروبية وإيرانية عن لقاء هام للسفير الإيراني مع سمو ولي ولي العهد، تلا ذلك صدور تصريحات إيجابية منها للوزير عادل الجبير قال فيها «نتطلع لبناء أفضل العلاقات مع إيران، بوصفها دولة إسلامية، وجارة، وذات تاريخ وحضارة»، ثم تأكيد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية والبرلمانية، حسن قشقاوي، بدء مباحثات ثنائية بين إيران والسعودية، كما وصف «قشقاوي» لقاء وزري الخارجية الإيراني والسعودي الأخير بأنه إيجابي، وأكد أن سفير إيران لدى السعودية، حسين صادقي، ناقش موضوع تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين مع كبار المسؤولين في الرياض، وأضاف «نواصل مستوى من المباحثات مع الجانب السعودي». كما أكد أنه تم تعيين سفير للمملكة لدى طهران، وأن الخارجية الإيرانية تدرس أوراق استمزاج السفير السعودي الجديد، وأنه سيتم الإعلان عن النتيجة قريبًا. وأعرب عن أمله الكبير في تحسين العلاقات الإيرانية- السعودية. وفي واشنطن بدأ تقييم جدي لتأثير انعكاسات التناقض بين رؤية الإدارة الأمريكية للانفتاح على إيران وبين صعود قيادة سعودية جديدة أولويتها محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة، كما أن مراكز الإبحاث الغربية تقرأ أن غالب النُخب الخليجية تتفق على عدم منح قدوم الرئيس روحاني أية أهمية استثنائية لإيمانها بعدم قدرته الفعلية في إحداث تغيير في سياسة إيران للاحسن لأن المرشد خامنئي هو من يهيمن على القرار فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الخليج، وبالتالي فإن الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب نتيجته حصول طهران على شرعية دولية عبر الولاياتالمتحدة ورفع الحصار الاقتصادي، كما أن النخب الخليجية مؤمنة بأن الاتفاق النووي لم ولن يخلق إيران جديدة وصديقة، لكن الظروف الدولية والمزاج الغربي هي المتغير الجديد مع قدرة إيران على تغيير لسانها وأساليبها، فيما ظلت عقيدتها السياسية كما هي بل ربما زادت سوءاً من خلال رصد نشاطاتها الأخيرة، ورغم هذا فإن الغرب استمر في الدفع بضرورة الحوار الخليجي– الإيراني. المقال القادم سيتحدث عن أسباب الإصرار الغربي على إمضاء حوار خليجي إيراني والتعريف بالإستراتيجية الإيرانية تجاه الحوار الإيراني- الخليجي بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة وجهودها الأخيرة لتسجيل بعض النقاط خدمة لسياساتها في المنطقة.