٭٭ الماضي يشكل عبور اللحظة. أمّا الحاضر فهو نقطة التماس بين وقت مضى وآخر نعيش. المستقبل يشكّل نقطة التماس الحاضر باللحظة الجديدة. المستقبل رداؤنا الجديد. يجب أن يكون كذلك. أمّا أن يكون خلاف ذلك فهو المسار الذي يجب تجنبه. هكذا تدور عجلة الوقت بين ماض وحاضر ومستقبل. هل أصبحت وظيفة حاضرنا ترميما لماضينا؟! هل أصبح مستقبلنا رهينة تجاوزات الحاضر والماضي؟! هل أصبحت انجازات المستقبل معروفة بكونها لا تخرج عن دوائر الترقيع؟! ٭٭ هل أصبح المستقبل عبارة عن عبور لحظات نحو الحاضر دون إضافة شيء جديد؟! هذا هو التخلف بعينه. أن نكون رهينة لأعمال الماضي غير الرشيدة فتلكم منقصة. إذا كان المرض نتاج الماضي.. يحمله الحاضر.. فلا بد من إنقاذ المستقبل. نعرف أن إجراء عمليات جراحية لإنقاذ الحياة هو ما يتم فعله مع الإنسان. لماذا لا يكون هذا مع المشاكل الأخرى التي تؤثر سلبا على المستقبل؟! هذا ما أدعو اليه منذ أكثر من ثلاثة عقود في أمر المياه الجوفية. ٭٭ في كل الفترات أجد المرض يزداد قسوة. نتائجه السلبية تتفشى. هناك أمراض نزرعها في حاضرنا أيضا. تأثيرها سلبيّا على المستقبل. الإنسان ضحية مرض يأتيه. لكن هناك مستشفيات تعالج وبتخصصات مختلفة ومتعددة. مستشفيات تحمل عقولا قادرة على التشخيص وتحديد الاحتياجات والعلاج. تفشل في حال استفحل المرض. نشارك في جنازة الضحيّة. لكن من يشارك في جنازة المستقبل عندما يصبح ضحيّة؟! ٭٭ إليكم بعضا من ندائي خلال الثلاثة العقود الماضية. تصب لصالح إنقاذ المياه الجوفية من: [سوء الاستعمال، والاستنزاف الجائر، والهدر غير المسؤول، وسوء الإدارة، والتلوث]. أمراض جورها يتفاقم. ندائي مستمر منذ عام (1984) عندما كتبت مقالا بعنوان: [القمح في السعودية والفراولة في الكويت]. مواقفي كانت ضد زراعة القمح والشعير والأعلاف. ضد زراعة أشجار الزيتون والفواكهة. ضد تأسيس الشركات الزراعية في هذه الصحاري. ضد التوسع في زراعة النخل. ضد بناء السدود. ضد التحلية.. ضد تصدير المنتجات الزراعية.. والقائمة تطول. ٭٭ السؤال: لماذا ضد كل هذه القائمة؟! * لأنها زراعات عشوائية بدون استراتيجية وتخطيط. زراعات أشبه بالنبات المتطفل. يعيش على غيره. يعمل على هلاك عائله وعلى هلاك نفسه. هذا ما يجري على المياه الجوفية المحدودة. زراعة تفشت كالنّار في الهشيم. زراعة ضد تحمّل البيئة وتحمّل المياه الجوفية. ٭٭ كيف ننقذ المستقبل من العطش؟! العمليات الجراحية أصبحت ضرورة. ترك الأمر وتأخير حلّه هلاك قادم. هل يتحمل المستقبل كل هذا الحمل الجائر؟! انقاذ المستقبل من العطش مطلب. قلت بضرورة أن يكون الماء محور كل تنمية في البلد. خلاف هذا على أجيالنا القادمة انتظار العطش. ٭٭ لإنقاذ المستقبل من العطش.. فعّلت رؤيتي التي تقول: [الماء محور كل شيء]. كنتيجة جعلت المملكة في ثلاث بيئات مختلفة، كما ورد في المقال الماضي. بيئة المناطق الصحراوية. بيئة سهول تهامة. بيئة جبال السراة. ثلاث بيئات يُشكّل الماء محور إنقاذ مستقبلها من العطش. ٭٭ لنبدأ بالبيئة الصحراوية. مناطق الصخور الرسوبية. أدعو لوقف كل التوسعات الزراعية التي حصلت أثناء الطفرة. أدعو لغلق جميع الآبار الارتوازية التي تم حفرها سواء بتصريح أو بدون تصريح. هذه مناطق المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية. أدعو أن يكون للشرب. ٭٭ لإنقاذ المستقبل من العطش.. أدعو لتجريم التوسعات الزراعية في مناطق الصخور الرسوبية. أدعو الى الاكتفاء بالواحات القديمة الموجودة في هذه المناطق. أدعو أن تكون التنمية الزراعية الرأسية هي السائدة. أدعو لوقف التنمية الزراعية الأفقية. أدعو للرجوع إلى نظام الزراعة الجافة التي كانت سائدة قبل الطفرة. التنمية الزراعية الرأسية مطلب لكل البيئات الثلاث. ٭٭ لإنقاذ المستقبل من العطش.. أدعو لإنقاذ مناطق الصخور الرسوبية من نضوب المياه الجوفية. أدعو لوقف كل الزراعات الاستثمارية.. زراعات رجال الأعمال.. وكبار الموظفين.. والمتنفذين الباحثين عن المتعة والتفاخر. علينا أن نبقي الزراعة في يد من يمتهن الزراعة كمهنة. أن نرتقي بهذه المهنة بواسطة الإرشاد الزراعي الرشيد والكفء والفاعل. في غياب الإرشاد الزراعي تستمر زراعة مهنة التعب والشقاء. وهذا يحد من تحقيق النجاح المنشود. ٭٭ لإنقاذ المستقبل من العطش.. يجب العودة إلى نظام الأسرة الزراعية التي تعتمد في دخلها على ممارسة الزراعة. ليس لها دخل آخر. الزراعة كمهنة هي الأنسب والأفضل للمستقبل. الزراعة كمهنة تعمل لصالح ترشيد استخدام المياه الجوفية. ويستمر الحديث بعنوان آخر.