هل وقف زراعة الأعلاف والقمح والشعير ضرورة؟!.. هذا المقال يوحي ويقول.. بكامله جسم نافر الملامح.. المستقبل يتطلب سياسة زراعيّة.. تراعي التوازن بين الماء والتوسعات الزراعية.. بهدف تحقيق الأمن المائي والغذائي.. إن لم يتحقق.. فتلك عثرة بحساباتها السلبية.. هذا يعني أننا خسرنا المال والماء.. خسرنا الجهد والوقت.. خسرنا التجربة والبيئة.. خسرنا الآمال والطموحات.. خسرنا حتى الثقة في أنفسنا ومستقبلنا.. خسرنا في رهان زراعي غير موفق. التوسع في زراعة الأعلاف والقمح والشعير غلطة.. تكرارها منقصة.. هناك من يعمّق المشكلة بالتوسعات غير المدروسة.. منها زراعة النخل.. حبل القطاع الزراعي متروك على الغارب.. إن وقف زراعة الأعلاف غير كافٍ.. كل الزراعات العشوائية بحاجة إلى (بتر) فوري في جميع المناطق.. إن لم يتوقف تصدير المنتجات الزراعية بكل أشكالها فهذا يعني أننا نضحك على أنفسنا.. وعلى بيئتنا.. وعلى الأجيال القادمة.. لننتج ما نحتاج أو بعضا منه. تجاوزنا مرحلة الكثير من الحسابات من عقود.. نحن أمام حقيقة أن المياه الجوفية في المملكة مياه محدودة.. أكرر مياه محدودة .. النقص في كميتها لا يمكن تعويضه.. على هذا الأساس، وفي أي سياسة زراعية قادمة، يجب أن يكون الماء المحور، والأساس الذي يجب أخذه في الاعتبار، ومع أي تنمية أخرى نرسمها في كل شأن.. المياه الجوفية غير كافية لتلبية كل احتياجاتنا، فكيف نسمح بتصدير المنتجات الزراعية؟! هناك من يشكك في التحذيرات والدراسات المتعلقة بالمياه الجوفية غير المتجددة.. من حقهم أن يطرحوا شكّهم.. وتساؤلاتهم.. لكن لهم أقول: من لم يعرف الأحساء فلن يعرف معنى النضوب.. نضوب المياه مسألة وقت في ظل الاستنزاف الجائر.. سألني أحدهم قائلا كم كمية المياه الجوفية في المملكة؟! ثم قال: اتحدّاك معرفة ذلك.. اتهمني بالكلام من فراغ.. قال كغيره: (ما عندك سالفة).. ثم أضاف بأن كتاباتي رعبا وخوفا للنّاس دون مبرر.. اتهمني بالعمل لصالح أجندة لم يحددها.. في نهاية الأمر دعا على كاتبكم.. ودعا أيضا على من يحركني للكتابة كما يعتقد. تقديرات مخزون المياه الجوفية غير المتجددة محل خلاف وتناقض.. تقديرات وزارة الزراعة والمياه سابقا، وقبل انفصال المياه عنها بوزارة مستقلّة، تدل على أن الوزارة وضعت تقديرا تجاهلته.. لم يوجهها لوضع استراتيجية زراعية تحترم الرقم الذي أعلنته.. ما فائدة المعلومات العلمية إذا لم يتم احترامها وأخذها في الاعتبار؟! هل تجاهلته لأنه غير صحيح؟!.. دفعت من ميزانيتها الشيء الكثير للحصول عليه.. هذا يعني أنه صحيح.. في كلتا الحالتين، الوزارة شجعت على التوسع الزراعي غير المدروس.. لم تتراجع حتى في ظل مؤشرات هبوط مناسيب المياه الجوفية في جميع المناطق.. لن أخوض في هذا الأمر أكثر.. لن أفصح عن رقم التقدير الذي أعلنته وزارة الزراعة.. لم يعد ضمن حساباتها المبعثرة. هناك جهة حكومية أخرى وضعت تقديرا آخر.. كانت أكثر صدقا وحماسا في طرحها.. أكثر من رفع الصوت في وجه توسعات وزارة الزراعة.. هل كانت حسابات وزارة التخطيط وتحذيراتها في الخطط التنموية، قائمة على تقديرها للمخزون المائي في البلاد من المياه الجوفية غير المتجددة؟!.. تحركت الوزارة مشكورة في كل خططها محذرة.. كانت قلقة من الوضع المائي الحرج الذي تسببت فيه التوسعات الزراعية.. لكن أيضا تجاهلت وزارة الزراعة هذه التحذيرات المدوية لوزارة التخطيط.. تلكم قصة أخرى من تساؤلات العجائب. نحن كعلماء وباحثين نعتمد على المعلومات والأرقام الموثقة وعلى المؤشرات.. إذا كانت الجهات الرسمية لا تملك المعلومة الصحيحة.. أو تحجم عن تزويدنا بها.. فأمامنا المؤشرات.. نبني عليها ما نقول وندعي.. نضوب المياه الجوفية مؤشر نعيشه لحظة بلحظة.. لا يمكن تجاهله.. شكوى النّاس من هبوط مناسيب المياه مؤشر آخر. هل تملك وزارة الزراعة كامل الحقائق؟! لماذا تتجاوز الحقائق بالاجتهادات والتجاهل؟! هل تملك وزارة المياه كامل الحقائق؟! لماذا لا تعلنها؟! لماذا تسكت على توسعات وزارة الزراعة الجائرة؟! لماذا لا تحمي المياه الجوفية؟! هل هناك بحار من المياه تجعلها تغض الطرف؟! لو صحت التقديرات (الرسمية) التي بين يدي.. وفي حال استمرت معدلات الاستنزاف في وضعها الحالي.. فهذا يعني أن أمامنا حوالي (13) عاما لنفاد مخزون المياه الجوفية غير المتجددة في مناطق الصخور الرسوبية.. هل تُصدقون ذلك؟!.. هل نحن مستعدون لتلك المرحلة؟! حقيقة الاستنزاف الجائر واضحة.