الكل متأهب للاطلاع على الرؤية السعودية لعام 2030 بدءا من الغد، ولو سألنا أنفسنا: لماذا 2030 بالذات؟ أقول لك إن في هذا التاريخ تحديدا سيصل عدد سكان المملكة إلى 40 مليون نسمة تقريبا، وهي زيادة تلامس ال 25٪ من العدد الحالي للسكان. وفي هذا التاريخ يفترض أن تتراجع نسبة الاستقدام بسبب نجاح التوطين، وترتفع معدلات الأعمار لكبار السن السعوديين مقارنة بسكان المنطقة بأسرها. لا تنس أيضا أن هذا هو التاريخ المحدد لإعلان الانتهاء من تسليم 80 مشروعا حكوميا عملاقا، تبلغ كلفة الواحد منها ما لا يقل عن 3،7 مليار ريال وتصل إلى 20 مليار ريال كما في مشروع مترو الرياض. انطلاقا من كل هذا، ربما تتعرف في عجالتك القادمة من هذه السطور على السبب في تهيئتنا جميعا لمرحلة انتقالية لا تحتمل المجاملة ولا أظنها تعرف التسويف. وطالما أن الحديث عن رؤية، ولا رؤية دون تفكير وخيال وإيجابية تعزز بالعمل فرصة تحويل أي مهمة وطنية مستقبلية إلى واقع، فإن إلقاء نظرة هادئة على ما تناوله الإعلام الدولي من طرح، كفيل بتنبيهنا في الداخل إلى أهمية هذا التاريخ. فهناك وسائل إعلام دولية موثوقة وذائعة الصيت أشارت إلى أهمية مرحلة (ما بعد النفط) في السعودية، وأن عام 2030 سيأتي بحسابات مختلفة بسبب تبدل الواقع النفطي في المملكة والمنطقة بأسرها. وفي ظل واقعنا الحالي، بما فيه تغذية الميزانية السنوية العامة للدولة بأكثر من 80٪ من قيمتها من خلال مردود بيع النفط؛ علينا أن ندرك أيضا أن أكثر من نصف طاقتنا الكهربائية في المملكة (مثلا) قائمة على النفط ومشتقاته، وأن أكثر من نصف صادراتنا النفطية يتم استهلاك مثلها على شكل محروقات في الداخل، وأن نسب الاستهلاك المفزعة هذه ترتفع بمعدل 8٪ سنويا! ولهذا هناك التفات حقيقي لتعزيز حضور الغاز كبديل عالي الربحية ضمن مهمة عمل لا تعرف السكون. ما موقف الفرد والأسرة السعودية من كل هذا؟ الجواب هو ذات الموقف لأي مجتمع عاش عقودا من الزمن ضمن اقتصاد ريعي كالذي ساد في الخليج منذ اكتشاف النفط. وعلى الجميع التأهب لتغييرات جذرية في طبيعة الحياة والتزاماتها على مختلف الأصعدة. وطالما أننا أطلنا البقاء ضمن اقتصاد الإنتاج القائم على الموارد الطبيعية الناضبة (اقتصاد تقليدي)، وتأخرنا بشكل ملحوظ في تطوير اقتصاد المعرفة (الاقتصاد المبني على تكنولوجيا المعلومات، الاتصال، التعليم، الابتكار، العالم الرقمي)، وهذا في الأصل رهين بالحرص على الاحتفاء بالمعارف الفنية، الإبداع، الثقافة، وقيمة الذكاء الإنساني، وهي من المسائل التي مازالت تعاني في مجتمعاتنا من جدل وحصار لا يخفى على الجميع. فهل ترغب في معرفة الجدوى الاقتصادية للمعرفة الحديثة بشكل عام؟ سجل عندك مثلا: 50٪ من نمو الناتج الأوروبي سنويا مردود إلى إنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها. كما يحق لك أن تعلم أن أكثر من 50٪ من دخل أمريكا مردود لتجارة المعرفة وليس لتجارة بيع الطائرات والأسلحة العسكرية! وهل يكفي هذا للإجابة على سؤالك: لماذا أطلقت الرؤية السعودية 2030 حسابا رسميا عبر تويتر؟