تختتم اليوم "الخميس" في قاعدة الملك خالد العسكرية بحفر الباطن شمال المملكة مناورات رعد الشمال التدريبية، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله وحضور عدد من قادة الدول العربية والإسلامية المشاركة في التمرين، والذي قدّم أنموذجا باهرا على إمكانية لم شمل الأمة تحت راية واحدة باتجاه حفظ السلم العام، والتصدي للإرهاب العابر للحدود والديانات والمذاهب والطوائف، ولجم رعاته أيا كانوا دولا أو منظمات، لتأمين الأمن القومي العربي والإسلامي، وصيانته من النزاعات التي استخدمتْ للأسف بعض أبناء الأمة من قبل أعدائها لمحاولة النيل منها واختراق صفوفها، والتفرد بها بلدا بلدا، سعيا لطمس هويتها، ونهب خيراتها، وتفتيتها إلى كانتونات هشة تدين بالولاء لرعاتها أو بالأحرى مختطفيها. لقد جاء تمرين "رعد الشمال" في وقت تتفاقم فيه التحديات ضد الأمة من كل حدب وصوب، وفي وقت استثمرت فيه داعش تدخلات الغرباء في وطننا العربي لتتمدد على مساحات واسعة من العراق وسوريا، ثم لترسل بالتالي انتحارييها في مختلف الاتجاهات في الخليج، وفي الشمال الأفريقي، للانقضاض على مظلة الأمن العربي وتمزيقها مما يسهل للقوى التي تقف خلفها الدخول بعدئذ لاقتناص المغانم كما كانت تتصور، قبل أن تقف المملكة ودول التحالف لردع هذه المخططات بالعمل أولا على استرداد شرعية اليمن الشقيق، وإعلان الحرب على داعش، وصولا إلى هذا التمرين العسكري الحاشد وغير المسبوق، والذي عبّر بكل مصداقية عن استعداد الوطن العربي والإسلامي للوقوف صفا واحدا ضد أي عدوان أو تهديد خارجي من أي قوة إرهابية أو راعية للإرهاب، والتأكيد على أن الأمة وإن تعرضت نتيجة للأحداث الأخيرة إلى شيء من التفكك، وغياب القرار، إلا أنها وفي ظل وجود زعامة متمكنة بحجم زعامة الملك سلمان، وقراراته الحازمة والحاسمة، قادرة بمشيئة الله على إعادة ترتيب المواقف، ورص الصفوف خلف هذه القيادة التي قدمتْ بأفعالها صك التزكية لنقاء عروبتها، وصدق رعايتها لأمتها الإسلامية، وحرصها الدؤوب على توحيد الجهود لقطع الطريق على كل من تسوّل له نفسه العبث بالأمن العربي أو الإسلامي، أو خوض مزيد من المغامرات الحمقاء لانتهاك السيادة العربية، حيث أكدت رسالة (رعد الشمال) تناغم عقيدتها العسكرية، وكفاءة وحداتها، وقدرتها على الانسجام للعمل مع بعضها بمنتهى الاحترافية، كما أكّدتْ على توافق القرار السياسي، والقرار العسكري لهذه الدول على العمل معا من أجل إحلال السلام، وتجنيب المنطقة المزيد من المخاطر، بنفس الوقت الذي تعلن فيه جاهزيتها للدفاع عن سيادة الأمة ومقدساتها ومقدراتها الأمنية والاقتصادية من أي خطر أو عدوان كان، وأيا كان مصدره، ولعل المؤشرات الجديدة، التي تشهدها المنطقة، والحراك السياسي إقليميا ودوليا، يُثبت بالفعل وصول هزيم هذا الرعد المدوّي إلى كافة الأسماع.