إذا كان المرءُ مُحقاً صادقاً، وذا حجةٍ داحضةٍ؛ ففي حينه لن يحتاج لآلة بكاء ولا نوافير دموع استدراراً لعطف من حواليه؛ ليساندوه ضد من كالوه وكادوه أو تحقيقه منفعة، حري بنا نحن المنعمين أن نلتفت بصدقٍ وعمقٍ تجاه إخواننا المنكوبين سواءً بفلسطين والعراق أو ميانمار ونيجيريا وبورما وغيرهم، وأشنعها ما وقع بأهلنا في سوريا متصورين حالنا بمكانهم ولو لبرهةٍ من الزمن، يا ليتنا نتأمل بعمق إسلامي طبيعي وبمحض إيماني حقيقي ما جرى ويجري من فظائعٍ عليهم، فأطفالهم بالحولة نحروا أمام والديهم، ونساؤهم بداريا اُغتصبن بمرأى ومسمع محارمهم، ورجالهم بحِمصٍ نكل بهم، وجميعهم تم تعذيبهم وقتلهم، وبتكرارٍ وإصرارٍ من نفس النظام (المسنود) من الخلف والأمام على ضربهم يومياً بصواريخ وبراميل متفجرة وأسلحة كيميائية محرمة دولياً وإزهاقه أرواح الآلاف منهم، أغلبهم أطفالٌ كالورود شقر الشعور حمر الخدود كل واحدٍ منهم مسجى وبالأرض ممدود في دوما، والغوطتان الشرقية والغربية اللتان نعايش للسنة الثانية ذكراهما وما زال الجحيم يدور برحاها، وغيرهم أكثر من قبلُ ومن بعد طالما وثقنا بغربٍ هم أعداء لأمتنا؛ يُذكون الثورات حسب ما تكنه البلاد من ثروات، وعما سوى ذلكم يغضون، وليتهم يقفون، ففوقها إما يقفزون أو يتوارون، حسب تقاطع مصالحهم، والأقبح أن دولاً غربية منادية بالحرية والحقوق الإنسانية طردت اللاجئين السوريين وردت المهاجرين الفارين من سعيرٍ أججوه بدلاً من استقبالهم وإيوائهم تاركيهم عمداً للموت بقيعان البحور زرافاتٍ وبالآلاف أيضاً كأنها حرب عالمية لإبادتهم هذه المرة غرقاً كما أبيدوا قبلها براً، إنه انسلاخ الضمير العالمي والواجب الأخلاقي، ناهيكم عن خلافاتٍ سياسيٍة تُؤخر بتجاوزها من لدن بلدانٍ عربية. لقد تُركوا لحليف إيران وجرذانه، وللبغدادي وأعوانه، ثم للبحر وأهواله وللغرب وإذلاله ومع ذلك صبرهم كتلالٍ وجبال فلا عويل ولا تهويل كالذي نراه ببعض المجتمعات بمجرد وعكة صحية لفردهم. أطفالٌ يجابهون الموت بصدورٍ مفتوحة، ارفع البلاء عن إخواننا وأدم نعمك على بلداننا ولا تعاقبنا بما فعله السفهاء منا.