بعد بدايات محرجة فاشلة، يحاول الرئيس الامريكي باراك اوباما في مسعى اخير إغلاق معتقل غوانتانامو، لكن تحقيق هذا الوعد الذي أطلقه خلال حملته الرئاسية يتطلب تسويات بغيضة، ومواجهة مقاومة داخلية. وعندما يعود الكونغرس الامريكي من عطلته في سبتمبر، ستقدم كبيرة مستشاري أوباما لمكافحة الارهاب ليزا موناكو ووزير الدفاع اشتون كارتر خطة جديدة لإغلاق منشأة سيئة السمعة عمرها 13 عاما. وكان اوباما كمرشح وكرئيس للولايات المتحدة وعد بإغلاق هذا المعتقل في جزيرة كوبا، متذرعا بأن الاعتقال الى اجل غير مسمى، و"عمليات الاستجواب القاسية" وصور رجال بزي برتقالي داخل الزنازين تنافي الاخلاقيات الامريكية، كما ان المتشددين يستخدمونه في عمليات التجنيد. ولكن مع تواجده في المكتب البيضاوي، سرعان ما اصبح الرئيس محاصرا قانونيا وسياسيا. وبعد ست سنوات، حيث بدأ العد العكسي لانتهاء ولايته، فإن اوباما سيعاود مسعاه مرة جديدة. والخطة التي اصبحت مكتملة تقريبا، تتيح رفع القيود التي فرضها الكونغرس على نقل المعتقلين الى الولاياتالمتحدة. وتنظر ادارة اوباما الى منشآت عسكرية عدة، مثل فورت ليفنوورث في ولاية كنساس او نايفي بريغ في تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا، كوجهات محتملة للمعتقلين. وقد تثير هذه الخطوة اعتراض السياسيين المحليين. لكن ما يشكل احدى ابرز العقبات قد يكون مصير المعتقلين الارهابيين مستقبلا، اذ إن نحو عشرة من اصل 116 حاليا في غوانتانامو يعتبرون خطيرين جدا إذا أطلق سراحهم كما ان من الصعوبة بمكان محاكمتهم ايضا. وخرجت أصوات منتقدة تحذر من ان مقترحات اوباما لتعديل الحبس الاحتياطي لا يمكن ان تخضع لها فئة من المعتقلين الى اجل غير مسمى في حرب على الارهاب مستمرة الى اجل غير مسمى. وهذا يعني نقل معتقل غوانتانامو بدلا من اغلاقه. وقال نورين شاه من منظمة العفو الدولية "لا يمكنك ببساطة تغيير عنوان غوانتانامو وتتوقع حل مشكلة حقوق الانسان او محو وصمة العار التي ألحقها غوانتانامو بسمعة الولاياتالمتحدة". لكن في المقابل على اوباما ان يتوصل الى اتفاق لرفع قيود الكونغرس. السناتور جون ماكين، الذي فتح الباب امام سماع خطة اوباما من قبل الكونغرس، يؤيد اغلاق غوانتانامو، لكنه يطالب بضمانات تؤكد عدم حصول المعتقلين على حقوق اكثر من تلك التي يتمتعون بها حاليا. ويريد هذا السناتور، الذي كان طعن وقيد وتعرض للتعذيب خلال خمس سنوات كأسير حرب في فيتنام، أن يتأكد من انه في حال نقل المعتقلين الى الولاياتالمتحدة، لن تتمكن المكائد القانونية من اطلاق سراحهم. وقد تقرر ادارة اوباما ان بعض اشكال الاحتجاز الوقائي الممدد قد يكون ثمنا مستحقا لكي تتمكن من اغلاق غوانتانامو. ومع ذلك، فقد كشف مصير الجزء الاكبر المتبقي من السجناء انقسامات داخل الادارة ما قد يجعل عملية اغلاق المعقتل صعبة على اوباما. ومن المتوقع ان تسرع الخطة من وتيرة جلسات الاستماع لأولئك الذين ليسوا بين 52 تمت الموافقة على عملية نقلهم. لكن حتى هؤلاء الذين تمت الموافقة عليهم يواجهون نقاط ضعف. فجميعهم ما عدا تسعة هم من اليمن التي تعيش حاليا حربا اهلية. وقال المبعوث الخاص السابق لإغلاق غوانتانامو من وزارة الخارجية كليف سلون "لا أحد سيرسل أفرادا الى اليمن في الوقت الراهن". لكنه يصر على ضرورة عدم عرقلة تسريع عملية تخفيض عدد المعتقلين في غوانتانامو، فيما يبدي العديد من الحلفاء استعدادهم للمساعدة. وأضاف سلون لوكالة فرانس برس "يجب ان نرى عمليات نقل كل شهر. يجب ان يكون هناك شعور بالوضع الملح". وأسفر مصير اثنين تمت الموافقة على نقلهما الى اتهامات بأن وزارة الدفاع الامريكية متكاسلة، حتى بعد الخلاف الذي أدى الى استقالة وزير الدفاع تشاك هاغل. طارق باعودة، وهو يمني يخوض إضرابا عن الطعام حاليا، تمت الموافقة على اطلاق سراحه منذ العام 2009. وتقول مصادر مطلعة على المداولات داخل الادارة ان وزارة الدفاع قلقة حيال ان يؤدي الافراج عنه الى تشجيع آخرين على القيام باحتجاجات مماثلة. ورغم طلب لندن، فإن وزارة الدفاع مترددة ايضا في اطلاق سراح شاكر عامر، معربة عن قلقها من انه قد يكشف عن العمليات في غوانتانامو. ويقول البيت الابيض علنا ان "فريق الامن القومي للرئيس يعمل بأكمله لتحقيق التزام الرئيس الثابت بإغلاق معتقل غوانتانامو". وتقول وزارة الدفاع الامريكية ان غوانتانامو يجب ان يغلق "بطريقة مسؤولة تحمي أمننا القومي". وقال احد المتحدثين باسم البنتاغون غاري روس ان "قرار الموافقة على نقل معتقل لا يعكس قرارا بأن المعتقل لا يشكل اي تهديد او اي خطر لمعاودته القتال". وحتى لو تمت إزالة كل هذه العوائق، فإن اوباما يواجه معركة انتخابية سياسية للحصول على دعم لخطته من الكونغرس الذي تسيطر عليه الغالبية الجمهورية. وبعد الانتصار السياسي لأوباما من خلال التوصل الى اتفاق نووي مع ايران واتفاقية التجارة الحرة مع آسيا، وبرنامج الرعاية الصحية، وحقوق المثليين واعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، فإن قلة ستراهن ضد الرئيس المنتهية ولايته. لكن غوانتانامو، كان الأول الملفات على مكتبه حين استلم منصبه، وقد يكون الأخير لدى مغادرته.