مع اقتراب الاجازة الصيفية تسعى الأمهات والآباء لتوفير سبل سعادة أبنائهم وتسليتهم وقضائهم لأنفع الأوقات خلال العطلة، وهنا يبرز السؤال الأهم كيف نتعامل مع الوقت والزمن والعمر خلال العطلة؟. فبعض الأهل عدها وقتا للهو والعبث وانعدام مسؤوليات الأبناء، وآخرون نظروا لها كفترة مفيدة للأبناء والآباء والأمهات لمراجعة النفس وأساليب التعامل مع الأبناء. النمو المتوازن لشخصية الطفل خلال الاجازة أوضحت الخبيرة التربوية عائشة السيد أن عقل الطفل وشخصيته يمران بمرحلة نمو جيد خلال فترة الاجازة الصيفية من خلال تعامله مع الآخرين بعيداً عن القوالب التربوية في المدرسة، ومن أفضل الأعمال المثمرة خلال فترة الإجازة ممارسة الرياضة لتنمية المهارات الرياضية المتنوعة، وتعويد أبنائنا على القراءة المفيدة للكتب والمجلات الهادفة، وتنمية العلاقات الاجتماعية مع الأولاد بنفس أعمارهم واللعب معهم، وتعويدهم على زيارة الأقارب. وأضافت السيد: هناك دورات تعليمية وأكاديمية متنوعة تصقل مهارات الطفل وقدراته، من خلال الاهتمام بالقراءة والكتابة والتعامل مع وسائل الاعلام الحديث بشكل مدروس ومنظم، ومما لا شك فيه أن تعليم والتدريب المتواصل والممنهج خلال الاجازة يزيد من مستوى الذكاء العام، ويخلق استقراراً نفسياً لدى الأبناء والأهل معاً، فأوقات الفراغ تزيد درجات التوتر والقلق لدى الأبناء ما ينعكس بصورة سلبية على الأهل والمجتمع المحيط. من ناحيته يقول أحمد الغامدي والد لطالب في المرحلة الابتدائية: يتجه معظم أبنائنا خلال الاجازة الصيفية لمتابعة برامج التلفاز، وهم بحكم تكوينهم اشد قابلية للإيحاء والاستجابة للانفعالات الشديدة التي يمكن أن تؤثر سلباً عليهم، فالطفل يحتاج لحماية عقله وانفعالاته وسلوكه من كل ما يضر به ولابد من اختيار ما يناسب الطفل كي يشاهده، وابعاده عن مشاهدة الأشياء المرعبة أو المزعجة والتي تشكل خطراً على مخيلة الطفل، وهنا يأتي دور الأهل بتزويد أبنائهم بالرعاية والأمان والطمأنينة، بالإضافة للتوجيه والإرشاد بمعلومات واقعية وصادقة. وبدورها تشير حفصة الجزائري والدة طالبة في المرحلة المتوسطة إلى أن العطلة الصيفية تسمح للطفل بالخروج من الإطار التقليدي، فعندما يقرر الأهل السفر لتمضية العطلة الصيفية خارج البلاد، فإن الطفل يتعرّف إلى مدن جديدة ولغة وأفكار وتقاليد مختلفة عن لغة وعادات بلده الأم وتقاليده، ولما كان اكتشاف بلاد جديدة يحصل ضمن محيط العائلة الآمن فإنه يعلّم الطفل ألاّ يخاف من العالم الخارجي والآخرين، وهذه الأمور الجديدة تثير فضول الطفل وتجعله متعطشًا لإغناء معارفه. وتضيف الجزائري: الأهل يميلون في العطلة الصيفية إلى أن يكونوا أكثر مرحًا مع أبنائهم مما يسمح للأبناء بالتعرّف إلى الوجه الآخر لأهلهم الذي كان خلال العام الدراسي مسبوغًا بالجدية، فيكتشفوا مثلاً أن والدهم الذي كان يلزمهم بتطبيق القانون إلى درجة القسوة أحيانًا، في داخله الكثير من المرح والطفولة. تقسيم الوقت يساعد على الاستفادة من الاجازة تشير الطالبة نورة آل سعد بالصف الثالث الإعدادي أننا دون الاستغلال الأمثل للإجازة سنشعر بالفراغ والملل الدائم، والأفضل وضع برنامج زمني يومي للإجازة يستند للاهتمامات وبما يتناسب مع قدرات الشخص وعمره، وشخصيا أقسم يومي إلى فترتين وهما فترة الصباح للالتحاق بأحد معاهد تعليم اللغات والحاسب الآلي، وفترة المساء لممارسة هواياتي، وزيارة أقاربي. فيما يشير مشبب العمار طالب بالمرحلة الثانوية لأهمية تقسيم الوقت في الاجازة من خلال تلبية احتياجات البيت والأهل في الصباح، وبعد الظهيرة التحق بنادي لبناء الأجسام للممارسة الرياضة، وبعد صلاة المغرب أمارس رياضة المشي حتى صلاة العشاء لأعود للبيت لأتابع مباراة بكرة القدم أو قراءة كتاب مفيد، وكذلك زيارة الأقارب مرتين أسبوعياً في الفترة المسائية. الاجازة الصيفية مرحلة لاستكمال طريق النجاح حول أهمية الاجازة الصيفية للطلاب يرى المرشد الطلابي عبدالرحمن المسند أن الاجازة مدة زمنية طويلة لو حسبناها على مدار المراحل الدراسية للطلاب فقد تتجاوز الثلاث سنوات حتى دخول الجامعة، فجميع مراحل التعليم تلزم الطلاب بذل اقصى طاقاتهم العقلية والذهنية والنفسية وحتى الجسدية، وتقيد حريتهم وحركتهم بالأهداف الموضوعة في المناهج، هذا ما يجعل الاجازة مطلبا ضروريا لتجديد النشاط ومرحلة لاستكمال طريق النجاح، وتحقيق فوائد جمة للعملية التعليمية والتربوية وللطلاب والطالبات. ويضيف المسند: وتعد الاجازة الصيفية من أهم المحطات الإيجابية للطلاب والطالبات، كونها تتيح لهم تنمية الشخصية الإنسانية بأبعادها المختلفة، وتفتح المجال أمامهم للإبداع والتفوق واشباع احتياجاتهم وممارسة رغباتهم في جو مريح بعيدا عن الضغوط النفسية التي تخلقها المدرسة، وتمنحهم فرصة لتجاوز الصعوبات وعقبات النجاح من خلال معالجة النواقص وتجديد النشاط الذهني والنفسي والراحة الجسدية، والاستعداد الجيد للعام الدراسي الجديد.