وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يلغي حظر تسليم ايران صواريخ "سام 300" الذي كان الرئيس السابق ديمتري مدفيديف أصدره في 2010. وكان مدفيديف منع تسليم هذه الصواريخ الى ايران بموجب عقد انتقده الغربيون واسرائيل، طبقا لقرار للأمم المتحدة يفرض على ايران عقوبات بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وأعلن الكرملين في بيان أن المرسوم يرفع الحظر عن نقل منظومات "س 300" إلى إيران عبر أراضي وأجواء روسيا، وتسليمها إلى إيران خارج روسيا. وكانت إيران قد وقعت عقدا لشراء منظومات "س300" مع روسيا في عام 2007، وحال حظر تصدير الأسلحة إلى إيران في عام 2010 دون تنفيذ هذا العقد. ويشكل نظام الدفاع الجوي الروسي طراز "سام" بجميع طرازاته مصدر قلق من الطبقة الأولى لسلاح القوات الجوية الامريكية ومصدر رعب دائما للطيار الامريكي الذي اعتبر ان الاقتراب من منصات صواريخ "سام" يعني الانتحار والموت المحقق. ونظرا للتطورات الأخيرة بين روسيا وأمريكا وتهديد الأخيرة بتنفيذ هجمات قاتلة على روسيا قامت وزارة الدفاع الروسية بتقنية دفاع جوي جديدة "س 300". واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن أنظمة الدفاع الجوي هامة بالنسبة لإيران، خاصة في ظل الأوضاع الحالية في منطقة الشرق الأوسط وأن روسيا لا تنظر إلى الجوانب التجارية من توريد "س 300". وربط لافروف بين رفع الحظر لاستلام ايران هذه المنظومة الصاروخية والوضع الحالي في منطقة الخليج، زاعما: "وفي الوقت نفسه، نظام الدفاع الجوي الحديث مهم الآن جدا لإيران، خاصة في ضوء التصعيد الحاد للتوتر في الفضاء المحيط لها، خاصة ما يتضح من التطور السريع، في الأسابيع الأخيرة، للنشاط العسكري في جميع أنحاء اليمن". ووصف مستشار رئيس مجلس الشورى في إيران للشؤون الدولية قرار بوتين بأنه "يوم مميز في تاريخ العلاقات الروسية الإيرانية الحديث". وليس سرا أن الشعب الإيراني كان مستاء بسبب حظر تسليم "س300" وكاد الكثيرون يفقدون ثقتهم في روسيا، واليوم يسرني إدراك حقيقة أن روسيا قررت تنفيذ وعودها والامتثال لشروط العقد، وكسر الاحتكار الأمريكي الأجواء". كما بررت روسيا خطوتها هذه بأن القوى الدولية الكبرى توصلت، مؤخرا، الى اتفاق إطار لبرنامج ايران النووي، وبالتالي فإن موسكو لا ترى حاجة لاستمرار الحظر الطوعي الذي فرضته على إرسال منظومات "س 300". وتكتسب نظم الدفاع الجوي المتوسطة والبعيدة المدى أهمية متزايدة في تكتيكات الحروب المدنية, وفي الخطط الإستراتيجية للدفاع ضد التهديدات الجوية المتطورة. وفي هذا الإطار, فإن الصواريخ الروسية المضادة للطائرات, والمعروفة بنظام "س 300" تشكل مصدر قلق لسلاح الجو الأمريكي في كل مرحلة تستعد خلالها الولاياتالمتحدة لخوض حرب، إذ تتخوف الأخيرة من توجيه رسالة روسية كما حصل في بداية الحرب اليوغوسلافية, ثم في حرب أفغانستان, وهذا ما يشكل مأزقاً أمريكياً. ومنظومة "س 300 في إم" هي أحدث تعديل لمنظومة "س 300 في" (سام 12) المضادة للأهداف الجوية, ونظراً لامتلاكها قدرات الاشتباك مع الهدف الجوي على مدى 200 كم (وهو أوسع مدى اشتباك في أنظمة الدفاع الجوية الحديثة) فإن مزاياها ستبقى الأكثر تفوقاً بالنسبة لأنظمة الدفاع الجوي الطويلة المدى في العالم, الآن وفي المستقبل القريب. وتعتبر منظومة صواريخ "س 300" أحد أفضل أنظمة "سام" الروسية مبيعاً خلال السنوات الأخيرة, حيث تم تصديره الى كل من الصين واليونان والهند وإيران, بالإضافة الى عدد من دول شرق أوروبا. وقد تم تطوير نماذج عدة من نظام "س 300" بما في ذلك نماذج مركبة على مركبات, وأخرى على مقطورات, وهناك نموذج بحري بصواريخ مماثلة مثلما الحال في عدة أنظمة روسية. وصممت نظم صواريخ "س 300" منذ العام 1969 كعائلة من ثلاثة نظم هي: "س 300 بي" للدفاع الجوي الإستراتيجي، و"س300 في" للدفاع الجوي التكتيكي، و"س 300 في" للاستخدام بواسطة الأساطيل البحرية. وهدف هذه النماذج جميعها كان التعامل مع التهديدات العالية السرعة من الجيل الجديد, وهي سرعان ما شكلت عماد الدفاع الجوي في الاتحاد السوفياتي السابق والدول الحليفة، وقد صنعت هذه النظم بكثافة في روسيا, بحيث توفر في العام 1996 نحو 2075 قاذفة صواريخ "س 300" موضوعة في الخدمة لدى القوات المسلحة. وقامت مؤسسة "ألماز" ببناء النظام "س 300 بي" للدفاع الجوي البعيد المدى الذي انتهى بناؤه في العام 1980, واشتقت منه نماذج عدة. من بين هذه النماذج النموذج البحري "س300 في" الذي ينطلق الصاروخ من أنبوبه دون اشتعال, ليشتعل على بُعد 25 متراً منه. ويستطيع رادار "س 300 في" كشف هدف على بعد 38 كم لا تزيد مساحة مقطعه على 1.0 متر مربع, وهدف آخر مساحة مقطعه متر مربع واحد (طائرة تقليدية) على بعد 52 كم، وسرعة الصاروخ القصوى هي 1967 متراً في الثانية ومداه الأقصى33كم. ويستخدم النموذج الحديث للنظام "س300 بي إم يو1" الصاروخ الأكثر فعالية "إن6 - 48" وله مميزات عدة أهمها: أجهزة كمبيوترية فائقة التطوّر, وهوائي مصنوع بتقنية الوحدات المستقلة، وهو يستطيع رصد أي هدف في أي وضعية مناورة يتخذها, واعتماد أسلوب توجيه جديد للصواريخ. يقوم هذا الأسلوب على ادخال المعلومات الى كمبيوتر رادار النظام, ومن ثم الى مستشعر توجيه الصاروخ الذي يتألف من مرحلة واحدة, بالإضافة الى تحسينات عدة تجعله في موقع المنافسة وتمنحه القدرة بالنسبة لأفضل الصواريخ الحديثة. وأضاف مجمع "أنتي" قدرات اندماجية في أنظمة الدفاع الجوي, بما في ذلك تزويد العربات القتالية الحاملة للنظام, بأحدث المعدات التي من شأنها تمييز الصديق من العدو تبعاً لمعايير حلف الأطلسي. وأكثر من ذلك, يمكن بتعديل بسيط قيام العربة القتالية بإطلاق وتوجيه الأهداف الجوية "سامان" التي صنعت على أساس الصاروخ القتالي العضوي الخاص بالمجمع, ويمكن للهدف الطائر الطيران مسافة 15 الى 20 كم, بحيث يستطيع تمثيل مختلف الأهداف الجوية الحديثة، وتوفر عملية التحديث إمكانية تدمير الهدف وتوسيع المدى النيراني أكثر من 40 في المائة. وبعد تراكم الخبرات الكثيفة نتيجة لاستخدام نظام الدفاع الصاروخي سطح جو في عمليات قتالية, صنعت "كونسون أنتي" في العام 1986 مجمع تور (سام 15) للدفاع الجوي, حيث أطلق عليه اسم "تور م1" بعد تحديثه في العام 1991. هذا المجمع الصاروخي "سطح جو" يعتبر اليوم الزعيم غير المنازع لأنظمة الدفاع الجوي القصيرة المدى، ونظراً لخواصه الفريدة, ومنها الاشتباك مع الأهداف الطائرة لمدى يبلغ 12 كم, وتدميرها على ارتفاعات تتراوح بين 10 أمتار و10.000متر , فإن لنظام "تور م1" عدداً من القدرات الفنية الممتازة التي تم تطويرها في "كونسون انتي" من هذه القدرات المميزة: الإطلاق العمودي للصواريخ, والمسح الإلكتروني في تعقب الهدف بواسطة الرادار, ثم الدرجة العالية من الدقة في العمليات القتالية. وتسمح هذه المزايا بتوفير درجات عالية من المناعة الصوتية, وقدرة على الإشتباك مع هدفين بالتتابع, إضافة الى العمل بتناغم وفاعلية مع عناصر المراقبة البصرية العضوية. ودفعت خطورة هذه المنظومة, رئيس وزراء اسرائيل السابق إيهود أولمرت لزيارة روسيا لمنع بيعها لسوريا, لأنها إن وصلت إلى سوريا وسوف تصل, ستكون القوات السورية قادرة على إسقاط أي مقاتلة إسرائيلية بمجرد إقلاعها من أي مطار في فلسطينالمحتلة. ومن الأمور التي أغاظت البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) كثيرا بيع روسيا هذه المنظومة المتطورة جدا لايران وعمل دورات تدريبية للإيرانيين في روسيا على هذا السلاح الفتاك. وحسب وزارة الدفاع الأمريكية فان تزويد روسياإيران بهذه المنظومة قد قلب المعادلات الدفاعية في منطقة الخليج, ولا توجد طائرة مقاتلة في العالم مجهزة بتكنولوجيا تنقذها من هذه المنظومة "س 300". وقد صُمم النظام الصاروخي هذا لقوات الدفاع الجوي السوفيتية لردع الطائرات وصواريخ كروز طورت بعدها إصدارات أخرى لردع الصواريخ البالستية. وانبثقت عن ال "س 300" أنواع واصدارات عديدة ذات صواريخ مختلفة ورادارات محسنة ومدى أكبر وقدرات أفضل ضد الصواريخ البالستية قصيرة المدى أو الاهداف التي تطير على ارتفاع منخفض. هناك ثلاثة أنواع رئيسة من هذا النظام: إس 300 بي، بري وبحري. ورغم كل الميزات التي يتمتع بها هذا النظام إلا أن هناك بعض المحددات التي تحد من كفاءته، إذ إن النظام يحتاج إلى أكثر من ساعة ليكون جاهز للعمل والإطلاق، كما أن عملية الإطلاق العمودي تتسبب باحراق عربة ال "تيل" (المنصة) التي تقوم بإطلاق الصواريخ. ولتتبع الأهداف على ارتفاعات منخفضة قرر الروس استعمال نظام قيادة وتوجيه منعزل إلى ان يكون نظام ال "تي في إم" جاهزا وهذه العملية سمحت للمنظومة الدفاعية بتتبع الأهداف حتى عند ارتفاع 25 مترا.