دعا عدد من القانونيين والمحامين خلال مشاركتهم في منتدى الشركات العائلية 2015م بجدة، والذي يحظى بشراكة إستراتيجية مع وزارة التجارة والصناعة والغرفة التجارية الصناعية بجدة، تحت شعار "لبناء شركات عائلية مستدامة"، لاستيعاب الكوادر الشابة في العائلات التجارية، والاستفادة منها لقيادة الشركات، كما أكدوا على دور مجلس العائلة في حل النزاعات. كما شهد المنتدى خلال جلسة بعنوان "النزاعات في الشركات العائلية" أدارها الدكتور خالد ميمني رئيس قسم الموارد البشرية بجامعة الملك عبدالعزيز، الدعوة لإنشاء هيئة مستقلة تُعنى بتثمين قيمة الحصص عند التخارج، إلى جانب حق المؤسس في توزيع جزء من أمواله وأعماله في حياته. تحدث خلالها وليد شنيارة المدير المسؤول عن ديلويت برايفيت في الشرق الأوسط بعنوان "التعامل مع أفراد الأسرة من الأبناء والأحفاد والزوجات والأصهار" بين فيها أن الشركات العائلية تطورت تطوراً ملحوظاً على صعيد الأداء المؤسسي، فضلاً عن خلق الوظائف وصنع الثروة إلى جانب الاهتمام بالتخطيط الإستراتيجي اهتماما كافياً، مبيناً أن هناك عددا قليلا من الشركات العائلية يطبق خطة تعاقب إداري أو يضع معايير وعمليات واضحة لتسليم مسؤوليات الإدارة والملكية. وكشف وليد شنيارة أن القليل من الشركات العائلية قد فتح رأس ماله أمام المستثمرين الخارجيين، وأن تأثيرات هذا التوجه تدعو للقلق، كما أن خطر تدهور العديد من هذه الشركات العائلية، وإفلاسها هو الخطر القادم، لا سيما أن عددا كبيرا من قادة الشركات العائلية في المنطقة سيسلمون مفاتيح القيادة إلى الجيل التالي لذلك يجب التخطيط للتعاقب الإداري القوي في الشركات العائلية، لاسيما بعد رحيل القادة المؤسسين. وأبان شنيارة: اليوم نعيش في شل ظهور جيل نخبوي جديد يضم شباباً على قدر كبير من التعليم والكفاءة، والاستعداد لمواجهة التحديات في المستقبل، مطالباً مؤسسي الشركات العائلية باستيعاب هذه الكوادر والاستفادة منها لقيادة هذه الشركات. كما تحدث الدكتور عمر زهير حافظ الرئيس التنفيذي لمكتب حافظ للاستشارات المالية والاقتصادية، بعنوان "دور مجلس العائلة في حل النزاعات"، حيث استعرض أهمية دور المجلس المحوري في اختيار من يمثل العائلة في مجلس الإدارة وفي الإدارة التنفيذية، وفي التوجيهات التي يتم الطلب من ممثلها تبنيها من خلال مستواه الإداري، ولاشك أن دور المجلس في الشركة يكون أكثر فاعلية إن كان الرئيس التنفيذي لها أحد أفراد العائلة. وبين د. حافظ أن مجلس العائلة يمكن أن يمارس دور البديل الأفضل لحل النزاعات إذا توفرت فيه الشروط منها: التشكيل الصحيح لمجلس العائلة واستيفاؤه للشروط المتفق عليها، وتوفير الحرية في الطرح داخل المجلس وممارسة ديمقراطية واعية تستوعب الرأي الآخر بعدل وإنصاف، وإدراك أعضاء مجلس العائلة ووعيهم بأهمية حل النزاعات عن طريق المجلس وليس القضاء أو التحكيم أو الطرق البديلة الأخرى؛ حفاظا على كينونة العائلة وترابطها وسرية التداول لشؤونها المالية، إلى جانب أهمية صياغة وثيقة حوكمة المجلس بحيث تعطيه حق الالزام فيما يتخذ من قرارات تحسم النزاعات مثلها مثل هيئة التحكيم، وصدور نظام أو قانون رسمي ملزم بتشكيل مجلس لكل عائلة أو أسرة، إذا بلغ عدد أفرادها حدا معينا، وتحديد آلية اختيار أعضاء المجلس وصلاحياته في شؤون المال والأعمال في العائلة. وأشار د. حافظ إلى أن الشركات العائلية تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الوطني لكل دولة وتعتبر مساهمة هذه الشركات في الاقتصاد السعودي من أعلى النسب في العالم (90%)، مشيراً إلى أن النزاعات في هذه الشركات أدت إلى الإضرار بالمصلحة العامة للاقتصاد؛ بسبب تجميد بعضها، والحجز عليها وترنحها في المحاكم وهيئات التحكيم، انتظارا لحل النزاعات وفقدت هذه العوائل دورها ووهجها المالي والاجتماعي لعدة أسباب، من بينها: عدم ممارسة مجالس العائلة لدورها المحوري في حل النزاعات. وأوصى د. حافظ بعدة توصيات لدور مجالس العائلات منها: إصدار نظام أو قانون يلزم العائلة أو الأسرة بتشكيل مجلس العائلة وتحديد صلاحياته في القضايا الاجتماعية والمالية، مما يؤدى إلى تأكيد الترابط العائلي وسرعة تسوية النزاعات، ومن شأن ذلك إعادة اللحمة للأسرة ودورها والتخفيف على الجهاز القضائي، ونشر المعلومات حول تقنيات تسوية المنازعات من خلال الندوات وحلقات النقاش والتدريب لأعضاء مجلس العائلة، وتشجيع مناهج حل المنازعات التجارية عن طريق مجالس العوائل، مع التركيز على المؤسسات الصغرى والمتوسطة الحجم إلى جانب وضع لائحة حوكمة خاصة بمجلس العائلة. ثم استعرض المحامي ياسين خالد خياط المستشار القانوني "أسس وآليات التخارج من الشركات العائلية" حيث أبرز نماذج من أسباب انهيار الشركات العائلية منها: الخلافات الناتجة عن اختلاف الطباع والقدرات من جيل إلى جيل، وعدم الإيضاح والشفافية لكثير من المعلومات بين أبناء العائلة فيما يتعلق بالشركات، واستحواذ أبناء العائلة على المناصب الهامة وعدم إتاحة المجال لغير أبناء العائلة، وانعدام نظام الحوافز العادل داخل الشركات الأمر الذي يؤدي إلى تسرب كفاءات أبناء العائلة خارج الشركات، إلى جانب تضارب المصالح لدى أبناء العائلة مع أعمالهم الخاصة، وضعف الصياغة القانونية عند التأسيس وعدم تناسب حجم المسؤوليات مع الصلاحيات المعطاة. وعدد خياط مميزات التخارج باعتباره أفضل وسيلة لتسوية الخلافات بين الشركاء من العائلة الواحدة بوسيلة ودية تضمن استمرار الشركة وعدم التأثير في علاقات الشركاء، والحفاظ على الروابط العائلية، فضلاً عن أن التخارج يتم بالاتفاق بشكل ودي بين الشركاء على تخارج بعض الشركاء من الشركة بدلاً من تصفية الشركة وإنهاء الشخصية المعنوية لها. ودعا خياط إلى إنشاء هيئة مستقلة، تُعنى بتثمين قيمة الحصص أو الأسهم بما يضمن الحياد والتقدير العادل للقيمة عند التخارج، والسماح للشركات بشراء اسهمها أو حصصها المكونة لرأس المال في حالة عدم رغبة أفراد العائلة وذلك لضمان استمرارية الشركة. وأختتمت الجلسة باستعراض المحامي علاء عدنان يماني المستشار القانوني "توزيع التركة (الشركة) قبل رحيل المؤسس ومدى صلاحيتها وكيفية تنفيذها" حيث أوضح بأنه يحق للأب صاحب الأعمال (المؤسس) أن يوزع جزءًا من أمواله وأعماله في حياته، فيمنح جزءًا من ماله وأعماله لأبنائه، ويترك جزءًا لنفسه يوزَع بعد وفاته وفق نظام المواريث الشرعي، مشيراً إلى أن مقدار المال الموزع يختلف من شخص لآخر وفق ما يراه المؤسس مناسباً لحاله. وأبان يماني بأن طريقة التوزيع تختلف من شخص لآخر وفقاً لطبيعة وحجم الأعمال التي يملكها المؤسس، حيث لا يوجد نص شرعي أو قانوني يضبط المسألة، وأشار إلى أنه يحق للمؤسس توزيع أعماله التجارية بين أبنائه أثناء حياته، ولا يوجد مانع قانوني لذلك إلا أنه لا يصح تسمية علمية توزيع المؤسس لأعماله التجارية أثناء حياته بين الأبناء (الورثة) بتوزيع "التركة". وأوضح يماني بأن توزيع المؤسس لأمواله أثناء حياته على أبنائه ليس من باب توزيع تركة، وإنما من باب الهبة، مشيراً إلى أن هذا التوزيع يأخذ تكييفاً قانونياً مختلفاً، وتجري عليه أحكام الهبة، ولكنه يؤدي نفس الهدف الذي يسعى إليه المؤسس، منبهاً على أهمية أن ينقل المؤسس ملكية المال الموهوب لأبنائه أثناء حياته، فإذا توفي قبل ذلك بطلت الهبة، ويعتبر التوزيع بعدئذ من باب الوصية وتجري عليه أحكامها وهذا الأمر فيه إشكالات متعددة. واستعرض يماني آلية التوزيع موضحاً بأن المؤسس قد يحتفظ بحصص في شركاته وينقل الباقي لأبنائه، أو قد يستقل بإحدى الشركات عن ورثته، ويترك لهم الباقي، إلى جانب أن توزيع الأعمال التجارية بين الأبناء يأخذ في الغالب شكلين بعد تقييم الأعمال، توزيع نوعي كشركة أو نشاط معين، أو توزيع حصص جميع الشركات بين الأبناء دون تمييز، حيث لا بد أن يكون التوزيع أساسه العدل بين الأبناء.