شهد مخيم اليرموك فجر أمس، اشتباكات عنيفة بين داعش والفصائل المدافعة عن المخيم الفلسطيني. وقال أنور عبد الهادي -رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في سوريا لإذاعة صوت فلسطين-: «نشبت منذ الفجر اشتباكات قوية بين تنظيم داعش ولجان الفصائل وقوات الدفاع الوطني ومن بقي من قوات أكناف بيت المقدس». وأوضح عبدالهادي، أن داعش يستخدم سكان المخيم «دروعا بشرية»، وقال: «أهالينا محاصرون من داعش، وقناصو داعش يمنعونهم من الخروج من المخيم كي يستخدموهم دروعا بشرية، نحن نسعى بكل الوسائل لفك الحصار عنهم وتأمين خروجهم». وأضاف: «استطعنا (خلال يومين) أن نُخرج 400 عائلة من المخيم، بعد أن تمكنا من الوصول إلى ممرات آمنة». وذكر عبدالهادي، أنه «تم تحقيق تقدم بنسبة ثلاثين إلى أربعين في المئة (في سيطرة القوات التي تدافع عن المخيم)». وقال: «داعش موجود في جنوب وشرق المخيم ووسطه، أما اللجان الشعبية ففي شرق وشمال المخيم». وحول عدد من بقي في المخيم، قال: «يتراوح الجميع ما بين عشرة إلى 12 ألف كأقصى حد بين فلسطينيين وسوريين، وعدد الفلسطينيين تقريبا لا يتجاوز تسعة آلاف، نحن نعمل من أجل حمايتهم من القتل الذي تمارسه داعش.. عدد القتلى 21 والمختطفون حوالي 80 ما بين شاب وفتاة». وكان أحمد مجدلاني -عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية- في طريقه إلى سوريا أمس، مبعوثا للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال مجدلاني: إنه سيلتقي بمسؤولين سوريين لبحث الوضع في المخيم. وأضاف بقوله ل «فرانس برس»: أنا في طريقي الآن إلى سوريا للاطلاع على الاوضاع الميدانية وبذل الجهود لتوفير الحماية لأبناء شعبنا في مخيم اليرموك». وبحسب المجدلاني، فإن تنظيم داعش يسعى «للسيطرة على مخيم اليرموك لتغيير الوضع العسكري، واستخدامه نقطة انطلاق للهجوم على العاصمة السورية دمشق، خاصة بسبب موقعه الإستراتيجي الهام». ويوم الأربعاء، شن داعش هجوما على مخيم اليرموك الواقع جنوب العاصمة السورية دمشق، وتمكن من السيطرة على أجزاء واسعة منه. وتحاصر قوات النظام السوري، المخيم منذ أكثر من عام، مما تسبب في نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية، أسفر عن وفاة مئتي شخص. وتراجع عدد سكانه من نحو 160 ألفا قبل اندلاع النزاع السوري إلى نحو 18 ألفا. وفي لبنان، عمت المسيرات مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تضامناً مع أهالي مخيم اليرموك الدمشقي. وطالب اللاجئون الفلسطينيون خلال مسيراتهم -التي جالت أحياء المخيمات- بتدخل عربي ودولي عاجل لحماية اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك الذي تعرض ولا يزال يتعرض لاعتداءات وحصار خانق، كما أكد المتظاهرون رفضهم المساس بأمن أي مخيم فلسطيني في سوريا، وللحصار والتجويع الذي يتعرض لها أهالي المخيم المذكور. وتجد التنظيمات «الجهادية» في بعض المخيمات الفلسطينية في لبنان، مرتعا لبسط نفوذها، خاصة بعد اندلاع الثورة الشعبية في سوريا، ففي مخيم عين الحلوة باتت أحياؤه الفقيرة والمنسية ملجأ للعديد من المقاتلين المتنقلين بين سورياولبنان. ويقول أحد قادة هذه الجماعات -ويدعى جمال حمد لوكالة فرانس برس-: «في المخيم تعاطف مع القوى الإسلامية.. هناك تعاطف مع جبهة النصرة، والبعض يتعاطف مع (داعش)». ويُعتبر حمد من أبرز قيادات تجمع «الشباب المسلم» الذي ترافقت نشأته في عين الحلوة، مع بروز التنظيمات «الجهادية» كلاعب رئيسي على ساحة النزاع السوري المستمر منذ أربع سنوات. ويقول مصدر أمني: إن التجمع يضم متطرفين، بعضهم مطلوب في جرائم تفجير واغتيالات حصلت في لبنان في العامين الأخيرين. ويقول حمد: «كعمل تنظيمي لا وجود معلن للنصرة أو (داعش) في المخيم»، لكنه يصف تجمع «الشباب المسلم» ب «تجمع فسيفسائي للشباب» الراغبين في القتال». في وسط الطريق المؤدي إلى حي الطوارئ الذي يعتبر منطقة نفوذ للحركات المسلحة في المخيم، ترتفع راية «داعش» السوداء أو راية «القاعدة». لكن مرافقي فريق وكالة فرانس برس، ينصحون بعدم دخول الحي. فمخيم عين الحلوة مقسم لمناطق نفوذ بين القوى المسلحة، ولا يخاطر أفراد هذه القوى بدخول مناطق غير مناطقهم. وتتوزع المجموعات المسلحة على ثلاثة أحياء؛ هي الطوارىء والصفصاف وحطين التي يستقر فيها مقاتلون عملوا في سوريا، او يستعدون للتوجه إليها للقتال، بحسب مصادر أمنية وسكان. ويوضح الفلسطيني أبوهاجر الموجود في سوريا، عبر سكايب، أنه قاتل مع جبهة النصرة في الغوطة الشرقية والقلمون في ريف دمشق وفي حمص والقصير في وسط البلاد. ويقول الشاب العشريني: «في المرة الاولى، بقيت ثلاثة أشهر في سوريا، ثم عدت إلى المخيم بعد إصابتي في يدي اليسرى في معركة القصير. ثم عدت مرة أخرى ومكثت شهرين.. وهكذا في كل مرة أذهب ثم أعود، عبر «هوية مزورة» يجتاز بها حواجز الجيش اللبناني، «مع تعديل بسيط على الشكل الخارجي». ورصدت الأجهزة الامنية اللبنانية، مغادرة قرابة 46 شابا مخيم عين الحلوة إلى سوريا للقتال، بالإضافة إلى العديد غيرهم ممن «يأتون ويذهبون». ويقلل قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان -اللواء صبحي أبو عرب-، من أهمية العدد الذي توجّه الى سوريا، متحدثا عن «أقلية». ويقول: إن «عددا منهم رجع، لانهم لم يقتنعوا بما قاموا به أو لأن ما رأوه على الارض جاء مغايرا لما اعتقدوه». أما قائد القوة الامنية المشتركة في مخيمات لبنان -اللواء منير المقدح من (حركة فتح الفلسطينية)-، فيؤكد أن «أعمار الشبان الذين توجهوا إلى سوريا لا تتعدى 17 عاما.. هم من الجيل الجديد غير الواعي وغير المدرك». ولا تتعدى مساحة مخيم عين الحلوة الكيلومتر المربع، ويعيش فيه 55 ألف فلسطيني على الاقل، وفق سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يضاف إليهم ستة آلاف على الاقل قدموا من سوريا منذ بدء النزاع، ومعظم هؤلاء من مخيم اليرموك للاجئين في دمشق. ورؤية السلاح والمسلحين أمر عادي في المخيم، الذي لا تدخله القوى الأمنية اللبنانية بموجب اتفاق ضمني مع القيادة الفلسطينية يُطبق على كل مخيمات لبنان التي تعتمد «الأمن الذاتي». وتنتشر في أزقة المخيم الضيقة والمليئة بالحفر وبرك المياه الآسنة، مكاتب حزبية وعسكرية وحواجز للقوة الامنية المشتركة وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. ويبدو واضحا أن توسع نفوذ التنظيمات المسلحة داخل المخيم والرد الامني يثيران استياء الاهالي الذين يشكون أصلا من الفقر والتهميش. في محل متواضع وسط شارع صغير يضج بالمارة ومحال تجارية عشوائية وأسلاك كهربائية متدلية من كل مكان وجدران مغطاة بصور زعماء و «شهداء» وملصقات حول فلسطين، يقول فادي -بعصبية بينما يبيع القهوة-: «نحن نعيش في التوتر بينما لا أحد هنا قادر على تأمين لقمة عيشه». ويقول رافع (23 عاما): «يسافرون إلى سوريا ليقبضوا أموالا». ويؤيده لطفي (25عاما) قائلا بأسى: «يرمون أنفسهم إلى الموت». عند مدخل المخيم، يُخضع الجيش كل الداخلين والخارجين والسيارات لتفتيش دقيق. واستقدم أخيرا جنديات لتفتيش المنقبات. ويخشى القائمون على المخيم أن يتطور تنامي التنظيمات المتطرفة إلى صدامات مسلحة كما حصل في عام 2007 في مخيم نهر البارد (شمال)، حيث تسببت معركة بين الجيش وحركة فتح الاسلام المتطرفة، في تدمير المخيم ومقتل العشرات. وهم يؤكدون تعاونهم مع السلطات. ويقول المقدح: «هناك توافق مع الجيش اللبناني على معالجة موضوع المطلوبين بطريقة هادئة»، مشددا على ان «العبث بأمن المخيم ممنوع. لأن أمن البلد والمخيمات خط أحمر».