نعلم جميعا أهداف الدور العسكري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية عبر مهمة عاصفة الحزم، التي انطلقت قبل فترة وجيزة، بقصد إعادة الشرعية ودحر المارقين الحوثيين ومن عاونهم في اليمن الشقيق، كما نعلم ما يواكب هذه العملية العسكرية من كم كبير من الأخبار والمواقف والإشاعات والأكاذيب التي يبثها البعض لأهداف يعنيها لخدمة مصالحه، وتشويه نُبل هذا العمل، كما أننا ندرك أن حدوث مثل هذه الأشياء طبيعي ووارد في كل حالة حرب أو عمل عسكري يمر به بلد ما، بيد أن الأمر في الآونة الأخيرة اختلف كثيرا، في ظل وجود آلة إعلامية ضخمة، ووجود مصادر معلوماتية متنوعة، معظمها وللأسف الشديد غير موثوق من صحته أو مصداقية مصدره، فاستثمرتها تلك التنظيمات أو الميليشيات الغوغائية لترويج الإشاعات والأكاذيب والأخبار الملفقة، وجعلت منها سلاحا من أسلحة غزواتها وأعمالها الفوضوية، ولنا في تنظيم داعش مثالا حيا لكيفية توظيفه الإعلام ووسائطه. يكفي أن تشاهد ذلك العدد الهائل من القنوات الفضائية التي صنعتها المادة والتوجهات المتطرفة أو الإرهابية أو العصابات لتبني من خلالها جسرا ممتدا مع الآخرين بغرض إيصال الأفكار والخزعبلات لكل بقاع الأرض، ويكفي أن تفتح لك حسابا خاصا في برنامج التواصل الاجتماعي «تويتر» لترى العجب العجاب، وتشاهد على مدار الثانية الواحدة التلفيق والترقيع والدسائس وغير ذلك، فضلا عمّا قدمته التكنولوجيا من سرعة، أو تسهيلات في مجال التلاعب بالصور ومقاطع الفيديو وصياغة الخبر، لتتحول في هذا الفضاء المفتوح الحقائق إلى أكاذيب، وتقترب الإشاعات من الحقائق، وتنقلب الطاولة رأسا على عقب، فيدور رأسك معها!!! وهنا لا أستثني الدور الخطير الذي بدأ يلعبه برنامج «واتس أب» في تحوير القضايا، وتشويه الحقائق، واستبدال المصداقية باللامصداقية، ومن المعروف أن نسبة كبيرة من طلابنا يتعاملون مع هذا البرنامج، ويجعلونه مصدرهم الإخباري الأول، ومن هنا حرصت على طرح هذه القضية التي تمس طلابنا وعلاقتهم بما يقوم به الجيش السعودي حاليا من دور في الحرب على الحوثيين ومن عاونهم عبر عاصفة الحزم، بمعنى أن ثمة تهيئة وتوعية لطلابنا وطالباتنا حان أوانها، وباتت ضرورة ملحة، كي يستوعبوا -ومن مصادر رسمية ومختصة- مايحدث الآن على حدودنا، وما يقوم به جيشهم من نصرة للشرعية ودفاع عن الوطن وحدوده. إني أقترح على المؤسسة التعليمية لدينا هذا البرنامج التوعوي، عبر خطة تعمل على تنفيذه عاجلا، إما عن طريق المحاضرات والندوات، أو عبر الأعمال الدرامية المدرسية والجامعية، وعبر كل الوسائط الممكنة، وتزداد أهمية هذا الإجراء في ظل الخزعبلات التي يروجها الإعلام الرخيص المعادي، الذي جعل من عاصفة الحزم حربا سنية شيعية، وعدّها تدخلا من المملكة وحلفائها في الشأن اليمني، أو وضعوها في سياقات أخرى تخدم مصالحهم وتشوه الأهداف السامية النبيلة التي جاءت من أجلها. نعم أبناؤنا الطلاب بحاجة ماسة لمثل هذه التوعية، ليس فقط بما تقوم به عاصفة الحزم، بل أيضا بتوضيح الواجب الملقى على عاتقهم كمواطنين، وفي هذه الفترة تحديدا، خاصة بعد أن لاحظنا انسياق شبابنا وراء الرسائل الساخرة أو الفكاهية أو حتى العسكرية الحساسة ونقلها دون وعي بخطورة ما يقومون به، أو ما لاحظناه من خلط في أفكارهم حول اليمن وعملية عاصفة الحزم، وهذا الخلط يحدث حينما تتسع المصادر وتقل مصداقيتها، ليصبح واجب التوعية بالأهداف والأدوار أمرا ملحا وراهنا وضروريا.