استمعنا إلى خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم الثلاثاء الماضي والذي تناول فيه الكثير من النقاط المهمة التي تؤطر لسياسية الدولة العامة ورؤية القيادة للمرحلة القادمة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. استهل الملك حديثه بالتأكيد على مواصلة التنمية الشاملة في مناطق المملكة كافة وتطبيق العدالة لجميع المواطنين دون أي تمييز بينهم وأكد على أن المواطنين سواء في الحقوق والواجبات مهما اختلفت مناطقهم وأن لا فرق بينهم وأن المجال مفتوح لهم جميعاً لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها. نال المواطن في هذا الخطاب الكثير من التركيز والاهتمام والأولوية والتشديد على نقطة سواسية المواطنين أمام قانون الدولة الذي ينظر للمواطن كسعودي كامل المواطنة دون أي تمييز أو أقواس أو علامات تنصيص! الرسائل الموجهة في هذا الخطاب واضحة للجميع ومهمة جداً خصوصاً في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها العالم العربي والإسلامي من تجاذبات طائفية وعرقية أشعلت الحروب الأهلية في بعض دول الجوار وفاقمت تأزمات الإرهاب الذي بات ينخر في جسد الأمة من الداخل نتيجة للأفكار المأزومة والتفسيرات الشاذة للدين الحنيف. وعلى مستوى الوطن الواحد هنا في المملكة العربية السعودية جاءت عبارة الملك عندما قال «نؤكد حرصنا على التصدي لأسباب الاختلاف والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات» جاءت هذه العبارة كالسيف القاطع الذي يوضح رفض القيادة لأي نوع من أنواع التمييز بين المواطنين أو التشكيك في مواطنتهم بناء على التصنيفات التي يضعها البعض والتي تشرخ مفهوم الوحدة الوطنية لأبناء هذا البلد. أكد خادم الحرمين الشريفين كذلك أن للإعلام الدور الكبير والمهم في دعم هذه الجهود ونوه إلى إتاحة الفرصة للتعبير عن الرأي وإيصال الحقائق وعدم إثارة ما يدعو إلى التنافر والفرقة بين مكونات المجتمع. وبالمفهوم الواسع والعام للإعلام فإن هذا الأمر ينطبق على شتى وسائله وقنواته، بدءًا من المناهج المدرسية وصولاً إلى منابر المساجد والقنوات الفضائية والصحف والكتب والدراسات والأبحاث. وهذا نظراً لما يمثله الإعلام من دور مهم في توجيه الرأي العام وبناء المنظومة الفكرية العامة للمجتمع. قانون العدالة والسواسية بين المواطنين بمختلف مشاربهم ومناطقهم هو الأساس لتحقيق مفهوم اللحمة الوطنية التي إذا تحققت تحقق الأمن الذي لا يختلف اثنان على أهميته وأولويته على أي شي آخر، فبدونه لا يمكن للوطن أن يتقدم وينمو، وهذه لفته حكيمة من الملك الذي افتتح خطابه بمبدأ العدالة بين المواطنين وقدمها على كل الأمور الوطنية الأخرى لأنه يدرك تماماً أن لا تنمية ولا تقدم ولا تطور ولا رخاء إلا بالمواطن الذي يعتبر اللبنة الأساس في عملية بناء هذا الوطن وعليه فإن استقامة المواطن ووعيه سبيل للنهوض والارتقاء بالوطن أجمع وأن التحديات الكبيرة التي أمامنا لن نستطيع مواجهتها إلا بالوحدة والتي من ركائز تحققها المهمة سواسية المواطنين في الحقوق والواجبات. * كاتب