الرياض – حسين الحربي اللقاء السابع للخطاب الثقافي السعودي يختتم أعماله في الرياض حذر المشاركون في اللقاء السابع للخطاب الثقافي السعودي، الذي اختتم أعماله أمس في الرياض، من تحول «التصنيفات الفكرية» إلى تحزبات، واستقطابات حادة ضد بعضها، تصبح سببا من أسباب هذا الشقاق، والتنازع على المستوى الوطني. وشدد المشاركون على ضرورة معالجة المصطلحات التصنيفية وبيان حدودها، وعلى خطر استخدام عبارات مثل «كافر»، «منافق»، «فاسق»، «خائن»، «عميل»، «ليبرالي»، «إخواني»، مطالبين بضرورة استثمار نظام «مكافحة الجرائم الإلكترونية» وتدعيمه بتشريعات أوسع تحفظ الحقوق للأشخاص والتيارات، وتصون الحرمات أن تنتهك، لافتين النظر إلى أهمية تعامل المناهج التربوية في التعليم العام والعالي من خلال ثقافة غير مأزومة تجاه المختلف مما يهدف إلى بناء ثقافة لا ترى ذاتها في إسقاط المقابل. ونظم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، اللقاء على مدى يومين، وشارك فيه نحو سبعين شخصا. نتائج اللقاء وخلص البيان الختامي للقاء إلى عدة نتائج ، وتلاه نائب الأمين العام للمركز، الدكتور فهد السلطان، الذي أوضح أن المجتمع السعودي كأي مجتمع إنساني؛ متنوع في الأفكار، والمفاهيم، والممارسات. وقال السلطان: إن الأصل في هذا التنوع أن يكون مصدر ثراء وتفاهم، وتقارب؛ لكنه أحيانا يتحول إلى شقاق، وتدابر، وتشويه متبادل مما يؤدي إلى تداعيات سلبية على النسيج الوطني، مستشهدا بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عبر كلمة خلال احتفالات لأهالي القصيم، قال فيها: «وأصارحكم القول إنني أرى أنه لا يتناسب مع قواعد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو بسوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان.. فهذا علماني.. وهذا ليبرالي.. وهذا منافق.. وهذا إسلامي متطرف.. وغيرها من التسميات والحقيقة هي أن الجميع مخلصون (إن شاء الله)، لا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل القاطع أن هناك ما يدعو للشك لا سمح الله. إنني أطلب من المواطنين كافة وطلبة العلم والصحفيين والكتاب خاصة أن يترفعوا عن هذه الممارسات وأن يتذكروا قوله عز وجل ((يا أيُّها الذِين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون))». وأشار السلطان إلى أن الحوار والمناقشات ثرية في الموضوع من حيث توصيف طبيعة هذه التصنيفات، وأسبابها، ومظاهرها، وسبل حماية المجتمع من آثارها، موضحا أن أبرز الأفكار، التي تم تناولها، هدفت إلى تحقيق تنوع فكري إيجابي في مجتمعنا السعودي بعيداً عن التصنيفات الفكرية المضرة. وجها التصنيف وبين أن للتصنيف الفكري وجهين، أحدهما يمثل حالة طبيعية، حينما يكون هذا التصنيف مجرد تعريف وتمييز قائم على أسس فكرية ولأغراض علمية معرفية فيكون عبارة عن تنوع فكري داخل المجتمع، وفي إطار التكامل عبر التدافع الإيجابي الذي به يتحقق الإصلاح وترتقي الحال نحو الأفضل. والآخر هو التصنيف الذي يفسد الحياة الثقافية والاجتماعية، ويتجاوز الحالة الطبيعية إلى حالات سلبية مثل الافتراء بوصم الشخص بما ليس فيه، ونسبته إلى فئة أو تيار لمجرد توافقه معه في بعض الأفكار، وكذلك الوصف بالإرهاب، حينما يصدر على الشخص أحكام الكفر أو البدعة أو الخيانة الوطنية عبر إدراجه ضمن تصنيف من التصنيفات استعداء السلطات أو الجماهير ضد تيار أو أشخاص بعد نسبتهم إلى ذلك التيار أو التوجه، أو محاولة إسقاط الآخرين وتحويلهم إلى مرمى للاتهامات واستباحة الأعراض، وصب الناس في قوالب مرفوضة منهم ومن المجتمع لهم. وقال إن الوجه الثاني من التصنيف هو الذي يمثل عامل تحطيم للعلاقات الاجتماعية وسبيلا إلى خلخلة الوحدة الوطنية وإذكاء لروح التحارب وفساد النفوس تجاه بعضها. افتتاح اللقاء وكان اللقاء قد افتتح أمس الأول بكلمة الأمين العام للمركز، فيصل بن معمر، بين فيها حرص المركز على أن يتم نقل فعاليات اللقاء عبر جميع وسائل الإعلام، وبشكل مباشر، ليصل إلى جميع أبناء المملكة ليطلعوا على مشاركات نخبة من المثقفين والمثقفات، والحلول التي يرونها للحد من أسلوب التصنيف الذي اتفق الجميع على أنه أمر غير مقبول في المجتمع السعودي. كما أقيمت أمس الأول جلستان ضمن أعمال الملتقى الأولى بعنوان «التصنيفات الفكرية وواقعها في الخطاب الثقافي السعودي»، فيما حملت الثانية عنوان «مغذيات التصنيفات الفكرية في الخطاب الثقافي السعودي». استكمال الأعمال واستكمل اللقاء أعماله صباح أمس، وخصصت للحوار حول التصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية ومسؤولية النخب السعودية في هذا الشأن. وبدأت أعمال اليوم الثاني بالجلسة الثالثة «آثار التصنيفات الفكرية على الوحدة الوطنية ومسؤولية النخب»، التي ترأسها عضو اللجنة الرئاسية للمركز، الدكتور عبدالله العبيد، وتناولت مواضيع لها علاقة بمسؤولية النخب الثقافية في المملكة في موضوع التصنيفات الفكرية وما يؤثر على الوحدة الوطنية. واختتم اللقاء بالجلسة الرابعة وكانت تحت عنوان «كيف نبني خطابا ثقافيا يتجاوز التمحور والتصنيف نحو التنافس والحوار والتعايش الفكري في ظل الوحدة الوطنية؟»، وترأسها الأمين العام للمركز، فيصل بن معمر، الذي أكد على أهمية هذا المحور كونه يعتبر ختاما لهذه الجلسات، ولهذا اللقاء السابع، وفيه يتم تشكيل صورة أولية عن هوية الخطاب الثقافي، الذي يسعى الجميع إلى أن يتجاوز التمحور والتصنيف في ظل الوحدة الوطنية، مشددا على دور مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وتبنيه مد جسور التواصل بين المجتمع وصانع القرار. وبدأت الجلسة باستعراض دراسة أجرتها وحدة الاستطلاعات والرأي بالمركز حول موضوع التصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية، قبل أن يتبادل المشاركون الحديث حول المحور الأخير للقاء، طارحين آراء متنوعة شددت على أهمية استمرار عقد مثل هذه اللقاءات والجلسات للوصول لصيغة موحدة تساهم في بناء خطاب ثقافي يردم الفجوات ويقرب المسافات ويلغي التمحور والتصنيف الذي إن لم تتم معالجته والاعتراف به كجانب فكري موجود ومعمول به فإن الهوة ستتسع، مختتمين الجلسة بتأكيد أهمية هذا المحور الذي سيشكل نواة ينطلق منها الجميع لتحقيق الهدف المرجو من هذا اللقاء. أبرز النقاط المطروحة في الجلسات * الجلسة الأولى (التصنيفات الفكرية وواقعها في الخطاب الثقافي السعودي): - التصنيف الفكري في الخطاب السعودي قائم على الناحية الدينية وليس الفكرية. – انصراف دلالة مصطلحي العلمانية والليبرالية إلى الخروج على الدين. – التصنيفات الفكرية محصورة في تصنيفين: التيار الديني، ومن يخالفه. – خطورة التصنيف تكمن في التوظيف السلبي في السجالات الثقافية للنيل من الآخرين. – أهمية الإيمان بأن الوطن للجميع والدين لله والمجتمع قائم على التعددية الفكرية. – التنوع الفكري مطلب ومصدر إثراء ودافع لمعالجة الأفكار وإعادة قراءتها. – السعوديون في وسائل الإعلام المختلفة هم أكثر المشاركين في تصنيف الشعوب الأخرى. – الجيل الواعد يحتاج إلى الثقة والاحترام المتبادل وهو جيل واعٍ رغم تأثره ببعض الاتجاهات الغربية. – الدعوة للاتفاق على نظام وطني يجُرم الاعتداء على المجتمع بالقول أو الفعل. – التنويه بكلمة خادم الحرمين الشريفين حول التصنيفات الفكرية. * الجلسة الثانية (التصنيفات الفكرية ومغذياتها في الخطاب الثقافي السعودي): - التصنيفات السيئة لها مغذيات تتمثل في الجهل وقلة العلم وعدم التثبت وعدم وضوح الرؤية والاستعداد الشعبي. – الشحن المذهبي والطبقي قائم على أسس تنبثق من الجهل. – مغذيات التصنيفات الفكرية منابعها محلية وليست خارجية. – أهمية الاتفاق بين أصحاب التيارات والمذاهب على تعايش أبنائهم وفق القانون. – تفشي ثقافة القطيع في شبكات التواصل الاجتماعي. – أكبر مغذيات التصنيف الفكري تتمثل في انشغالنا بقضايا الغير أكثر من انشغالنا بأنفسنا. – نظرية المؤامرة من أهم المغذيات للتصنيفات الفكرية في المجتمع السعودي. – بلادنا أنشأت منارات للحوار في أوروبا، والأولى أن يقبل بعضنا بعضاً في ظل دولتنا المسلمة. – الأسرة والمسجد والمدرسة والإعلام من أهم المغذيات الأساسية في التوجه والتصنيف الفكري. – الحاجة ماسة لوجود قانون محاسبي يهدف إلى جمع الكلمة ونبذ الفرقة. * الجلسة الثالثة (التصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية ومسؤولية النخب السعودية في هذا الشأن): - مناقشة الرأي الفاسد والرد عليه بالحجة والبرهان وليس بالسخرية والانتقاص. – تنحي كثير من العلماء والمفكرين عن المشهد الثقافي حتى خلت الساحة من وجودهم خوفاً من الدخول في صراعات التصنيف. – المسؤولية مشتركة بين المثقف والسياسي تجاه التنوع الفكري بما يعزز الوحدة الوطنية. – أهمية الانكفاء على الداخل والاهتمام بالشؤون الداخلية وتقليل التدخل في شؤون الآخرين. – خلو المشهد الفكري من النخب المعتدلة. – عدم قدرة كثير من النخب الفكرية على التخلص من السلطة الفكرية للتيار الذي ينتمي إليه. – دور النخب الثقافية يتمثل في الخروج من حالة الانكفاء على الذات ومن مرحلة الاستيراد إلى مرحلة التصدير. – مسؤولية التصدي للتصنيفات الفكرية مسؤولية تقع على كافة فئات المجتمع مفكرين وعلماء وطلبة وغيرهم. – تكريس مفهوم «أنت تختلف معي؛ إذاً أنت وجه آخر للحقيقة». – دور المرأة المثقفة في التغيير والتخفيف من آثار التصنيفات الفكرية محدود؛ لضعف صلاحياتها. * الجلسة الرابعة (كيف نبني خطاباً ثقافياً يتجاوز التمحور والتصنيف نحو التنافس والحوار والتعايش الفكري في ظل الوحدة الوطنية؟): - تحقيق الوطنية يكون بالمساواة في الحقوق والواجبات وليس بالشعارات. – أهمية وجود ضوابط تحول دون التأجيج وإثارة الفتن والعنصرية. – الحوار وحده لا يكفي لتحقيق الوحدة المأمولة بل لا بد من إشاعة العدل والقضاء على الفساد. – إيجاد نظام وطني يجرم كافة التصنيفات على المستوى الاجتماعي أو الوظيفي بحيث يتولى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وضع مسودته. – الوقوف على احتياجات الإنسان وتحقيق مطالبه هي الأساس في بناء خطاب ثقافي وحدوي. – الحاجة لمجددين محافظين على القيم الدينية، وفتح باب الاجتهاد وعدم الاكتفاء بتقليد الأسلاف فقط. – أهمية وجود وثيقة شرف تتفق عليها جميع التيارات. – تفعيل دور المدارس والمساجد ووسائل الإعلام وجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية لنشر ثقافة الحوار وإشراف مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على ذلك. – تصدر حب الوطن والولاء له على جميع المعايير سيذيب كل التصنيفات والاختلافات بين أفراد الوطن. – التعاهد على تحمل الجميع لمسؤولية إبراز خطاب ثقافي رائد ينشر الألفة ويمثل ويعكس التاريخ في أجمل صورة.