رحل خادم أمة الاسلام وشعوبها - مواطنين ومقيمين - الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحل ولم يغب وهو الحاضر في ارجاء المملكة وفي وجدان اهلها مواطنين ومقيمين وأولئك المكروبين في الخارج ايضاً، وهو من ظلّ يعمل من اجل فك كرب المكروبين اينما كانوا سواء في الداخل او الخارج، وستظل مناقبه تتحدث عنه على ارض الواقع بما احدثه من طفرات هائلة في كافة المجالات. ستظل الحروف تتزاحم عند كل بليغ لكي تنال شرف الحديث عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز - عليه رحمة الله -، وهو من أرسى للمملكة حضورها ذا الأثر البليغ في كافة المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية على وجه الخصوص، إضافة حسنة لما تميزت به المملكة في الناحية الدينية، كيف لا وهي ارض الحرمين الشريفين التي تشرف الملك عبدالله بان عاش خادماً لها ولضيوف الرحمن، حتى اصبح القدوة الحسنة للصغار والكبار في حسن ضيافة كل من أمها حاجاً او معتمراً او زائراً او عاملاً، وهي الارض التي اختارها الله وشرفها بنزول الوحي فشع نور الإيمان في عزة وشموخ فيها قبلة لكافة المسلمين، ومثوى لرسول الاسلام عليه الصلاة والسلام. ظلّ فقيد الامة الملك عبدالله بن عبدالعزيز امتداداً طيباً لكل من سبقه من اخوته ومن قبلهم الاب المؤسس الملك عبدالعزيز، فسار على الدرب وزاد في الخطى خطوات وخطوات وها هو الملك عبدالله وقد اوصل البلاد الى مكان الصدارة على مستوى العالم اجمع من حيث استتباب الأمن، واستقرار الأحوال وتلاحم الرعية مع راعيها في اسلوبٍ تميز بالبساطة والرقي في توازن فريد داخلياً وخارجياً، ويظهر ذلك في احترامه للعهود والمواثيق والاعراف والنظم التي تنظم علاقات الافراد والمجتمعات والدول، فحظيت المملكة باستقرار داخلي وخارجي في زمن ظلت الاعاصير والزلازل تحيق بالارض من اقصاها الى أدناها. وتجلى ذلك الاستقرار في وضع اقتصادي وسياسي وامني مؤثر على كل الأصعدة عالمياً واقليمياً ومحلياً. وكان ذلك من حسن تدبير ولاة الأمر وتصريف شؤون الدولة بمهنية عالية راقية أصبحت إرثاً يحتذى تحت قيادة الراحل الملك عبدالله، حتى وصلت المملكة الى نهضة لا تحيد عنها عين مبصرة ولا بصيرة مقتدرة، وفي وقتٍ وجيز اصبحت ذات وزن عالمي مميز ورقماً يستحيل تجاوزه عند ذكر الامن والاستقرار في رخاء ونماء متصلين دون توقف. وقد تميزت شخصية الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالوضوح المؤثر البليغ في تعامله مع قضايا الأمة العربية والإسلامية، في حكمة قلما توفرت عند معظم حكام العالم، فتجلت مبادراته الحصيفة بالخروج الى بر الأمان للكثيرين دون الالتفات الى قول المتقولين، وأصبح نهجه قدوةً ونموذجاً يُحتذى حتى درجت بعض المؤسسات الاعلامية العالمية على منحه لقب أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم، وحُق للألقاب ان تفتخر بنسبتها اليه لأنه بالفعل كان مؤثراً في إباء وشموخ، وهو من كان له عطاء انساني يسبق الالقاب الى قلوب الأحباب وغيرهم. برحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز فقدت الامة خادماً حكيماً قبل ان يكون مليكاً قائداً فذاً، بذل العمر في العطاء من اجل النماء لخدمة شعبه ودينه نصرة للأمة في كافة قضاياها، وستظل إنجازاته العملاقة المتمثلة في البنى التحتية في كافة مجالات الحياة، موصولة ايضاً بأعماله الخيرة التي ستظل محفورة في وجدان شعبه وأمته وكل من عرفه، وستتناقل سيرته الاجيال جيلاً بعد جيل، وستظل خالدة تلك الجهود الكبيرة التى بذلها الملك عبدالله من اجل المحافظة على تماسك دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتثبيت مبدأ وحدتها في مواقف مخلصة صلبة من اجل دعم مسيرة المجلس منذ تأسيسه توحيداً للصف الخليجي المشترك وتحقيقاً لتطلعات شعوبه من اجل الوحدة الخليجية. اننا برحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز فقدنا نجماً ظلّ ساطعاً فلن نقول شعاعه قد أفل، ذلك أنّ أرض الحرمين وبما خصها الله تعالى من نعم ما غاب عنها نجم الا وسطع نجم، وما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلا نجمٌ بارقٌ، وهو من عاصر أخاه الملك عبدالله عن قرب، وهما متشربان من نبع واحد أصيل، ما يجعله ايضاً نموذجاً يحتذى به في القيادة والبذل والعطاء والحكمة، والتقدم بالمملكة من مرحلة عالية الى مرحلة أعلى وأسمى في خطىً ثابتة ومواكبة لكل اسباب التقدم والازدهار. رحم الله فقيد الامتين العربية والاسلامية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وندعو الله ان يوفق الملك سلمان بن عبدالعزيز ومعاونيه الى ما هم اهل له ادارة حكيمة بها تتحقق الطموحات الكبيرة بمشئة الله تعالى. * محامٍ دولي ومستشار قانوني