جلس مع ابنه ينصحه: يا بني عندما تكبر سترى في هذه الدنيا عجباً، فإياك إياك من (الشوك) سأله ابنه: وما هذا الشوك يا أبي؟؟ لم يرد عليه والده واكتفى بقوله: إذا كبرت ستعرف كل شيء!! ومع نهاية كل مرحلة دراسية كان الأب يكرر على مسامع ابنه: إياك إياك والشوك يا بني، الأب يحذر والابن يستفسر والأب لا يجيب، وما إن تخرج الابن في الجامعة وصار موظفاً حتى صارحه والده بهذا الشوك: لا للشراكة، لا للوكالة، لا للكفالة (ش، و، ك) ثلاث لاءات كانت هي خلاصة خبرته مع الآخرين لخصها في حروف ثلاثة وأهداها لابنه، هذا الأب لم يدرك أن هناك فخاخاً ثمانية هي التي تستحق أن يعلمها لابنه، بل ليتها كانت ضمن مناهج المواد الدراسية في مادة (المهارات الحياتية) بمدارسنا نعلمها لطلبتنا حتى يستطيع أبناؤنا تحقيق النمو السليم لأنفسهم بعيداً عن كل فخ ومصيدة، وليت الآباء يحرصون كل الحرص على تثقيف أبنائهم لهذه الفخاخ الثمانية، بل ليتنا تعلمناها في وقت مبكر جداً من أعمارنا لتغير وجه التاريخ في حياتنا!!. هذا الشوك لم يكن يستحق كل هذا الهاجس من الأب لأنه متعلق بالنواحي الاقتصادية والمالية في حياة الكثيرين، وخاصةً رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، فهم لا غنى لهم عنه حتى في حياة بعض العائلات التي يتداول أفرادها شيئاً من العقارات والشركات والمشاريع الصغيرة والكبيرة وغيرها. "ثمانية أفخاخ" هي في حياتنا جميعاً، قليل منا من يسلم منها، وإذا عالجنا سبعاً منها فستبقى واحدةً ضمن منطقة التهديدات لمستقبلنا، هي ثمانية إذا سلمنا منها فنحن سالمون بإذن الله تعالى ويتحقق لنا النمو العلمي والمعرفي والنفسي والبدني والاقتصادي والاجتماعي السليم. ولعلنا نبدأ في عرضها باختصار: 1- الفخ الافتراضي: يفترض الفرد منا أن العمر كفيل بتطوير الذات، وأن النمو الذي يرافق الجسد فإنه يحدث تلقائياً للعقل والروح والعاطفة؛ لذا فإن البعض يرى أن كبار السن هم الخبرة في كل شيء، ومن هنا جاءت المقولة (أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة) ومن نتائج هذا الاعتقاد الخاطئ هو أنه يمنع الكثيرين من تطوير ذواتهم، فلا يدرون كيف سيكونون بعد ثلاث سنوات لأنهم لم يرسموا أهدافهم واضحة، خطأ مديرات المدارس - مثلاً - أنهن يسعين لتطوير فريق العمل طوال العام ولكنهن ينسين أنفسهن بحجة لا وقت لديهن. 2- الفخ المعرفي: يحدث نفسه دائماً "أرغب في نمو ذاتي، ولكن لا أعرف كيف أنمو وكيف أنطلق؟ وتتوق نفسي لأكون مثقفاً أو كاتباً شهيراً أو مدرباً كبيراً أو صاحب قصة......الخ، ولكني لا أعرف السبيل؟؟ والقضية لا تحتاج إلا لخطوات مدروسة (تعرف على المبدعين في مجالاتهم وتعلم منهم، تتلمذ على أيديهم ولا تخجل من السؤال عما تجهله، ولا تيأس من الفشل وحدد لنفسك فترة زمنية لتحقيق حلمك). 3- فخ التوقيت: وهو ما يعرف شرعاً بالتسويف والذي حذرنا منه نبينا المصطفى - عليه الصلاة والتسليم - ومن صوره: تحاور نفسك بأنك تحتاج لتطوير نفسك وتؤجله لما بعد التخرج، تريد أن تتقرب إلى الله بالطاعات ولكن بعد التقاعد، ترغب في التعرف على العالم ولكن بعد أن يكبر الأولاد، وهكذا وكأن الواحد منا قد ضمن عمره وصحته وقوته!، وتأتي مضار التسويف في أنه يفوت علينا فرصاً كثيرةً كان بالإمكان استثمارها لتساعدنا في كسب مهارات جديدة في الحياة. 4- فخ الأخطاء: ما من أحد إلا ويرغب أن يكون هو الأفضل وبلا أخطاء، وينسى أن الخبير التربوي لا يكون خبيراً حقيقياً إلا بعد أن يقع في مئات الأخطاء، فالخطأ جزء من منظومة النجاح، "أديسون" مخترع المصباح الكهربائي كثرت أخطاؤه حتى وصلت قرابة المائة بعدها أبهر العالم وأنار الدنيا ونفع البشرية جمعاء، من لا يعمل لا يخطئ، ومن لا يخطئ لا يتعلم أبداً. في الختام: هذه أربع وتبقى الأخرى سنكملها في الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى، في إحداها سترون كيف أن شوارعنا ستكون: (نزهةً وتراحما بين الناس وسيبتسم الجميع)!!. * خبيرة إدارية – تربوية