يعد من أنشط أدباء الأحساء والمملكة وأغزرهم انتاجا، أصدر جريدة "الخليج العربي" المحتجبة عام 1375ه وكتب في كثير من الصحف والمجلات المحلية والخليجية والعربية، وألقى العديد من المحاضرات في الجمعيات والأندية الأدبية والثقافية بالمملكة، وكرم من عدة جهات أهمها تكريمه من قبل فعاليات الدورة التاسعة والعشرين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية حيث حصل على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير مجهوداته المثمرة لخدمة الحركة الأدبية والفكرية والثقافية والصحفية بالمملكة، وله العديد من الكتب أشهرها: "أبو العتاهية.. لمحات من حياة حافلة" وأحاديث بلدتي القديمة، وصفحات من تاريخ الأحساء، وأدباء من الخليج، والفقيه الشاعر عبدالله بن علي آل عبدالقادر، وحمدونة "مجموعة قصص قصيرة" وليلة أنس "قصص من التاريخ" وأصداء من وادي عبقر "دراسات نقدية" وسواها من الكتب الأدبية والثقافية الهامة. "انه الكاتب والاديب عبد الله الشباط الذي التقى به "الجسر الثقافي" فكان هذا الحوار: سألناه في البدء عن الفوارق الرئيسة التي يراها بين صحافة اليوم وصحافة الأمس فقال: * هذا سؤال تصعب الاجابة عليه الا لمن يتجرد عن الهوى ويبتعد عن الخوف من الألسن الحداد التي لاتميز بين الطيب والخبيث، والفرق، بل الفروق واضحة بين صحافة اليوم وصحافة الأمس، فالفرق كبير والمسافة بعيدة والكلمات والألوان كثيرة متشابكة ومختلطة أحيانا ومتباعدة في أحيان أكثر من الأولى، وصحافة اليوم تجري في لهاث نحو السبق، ولذلك فالقارئ اليوم لايرى في الأخبار التي توردها الصحيفة، أي صحيفة، كلمة صادقة مبنية على الثقة التي توارثها أبناء المجتمع ويحاول محرروها أن يجمعوا المواد الثقافية والأخبار الرياضية والاقتصاد في سلة واحدة، وصحافة الماضي ثقافية في الدرجة الأولى واخبارية في الدرجة الثانية، ولذلك كانت الصحيفة تجمع في صفحاتها الأولي الأخبار والتعليقات وفي الداخل القصيدة والدراسة الأدبية والقصة، وأحيانا الفكاهة وبعض الرسوم المضحكة، كما كانت الصحيفة تلتزم بجودة الأسلوب وسلامة اللغة ومراعاة الأهداف. أهذا يعني أن الكتاب الآن يحومون حول الصحافة للمحافظة على أسمائهم فقط؟ * الآن سقطت الكثير من الأعراف الصحفية حيث الصحافة الورقية تضطر للسباق مع وسائل الاتصال الحديثة دون اهتمام بصدق الخبر وسلامة اللغة، أما صحافة الماضي فقد كانت متكأ لكثير من رواد الأدب واللغة أمثال علي أمين والرافعي والزيات والمازني وطه حسين والعقاد وغيرهم، وأكاد أميل بالفعل الى القول ان الكتاب في هذه الأيام يحومون حول الصحافة لاسيما أولئك المنهمكين بكتابة الزوايا اليومية أو الأسبوعية للمحافظة على أسمائهم خوفا أن تسقط من الذاكرة. متى تقترب الكتابة الصحفية من لغة الأدب؟ وما جدوى توثيق المقالات الصحفية في كتب ورقية مقروءة؟ * الكتابة بالصحيفة يلزمها لتكون قريبة من لغة الأدب الملامح الأدبية في الكتابة، وهذا نادر لأن الأدب فيه القصة والقصيدة والتراسل، وهذا ما لاتستطيع الكتابة الصحفية اليوم التي يجري محرروها وراء السبق الصحفي للحصول على كلمة ذات رنين خصوصا اذا كان ماتكتبه الصحف ذا مردود مادي، خذ مثلا توثيق المقالات الصحفية في كتب مقروءة لحفظ الاسم فقط لئلا يسقط من ذاكرة القراء السابقين. أتعني هذه الاجابة أنك تؤيد توثيق المقالات الصحفية في كتب مقروءة؟ * اذا كانت تلك المقالات الصحفية ذات قيمة أدبية فلا أجد مايمنع من توثيقها في كتب مقروءة، أما اذا كانت تلك المقالات ذات طبيعة "صحفية صرفة" فلا أرى مايدعو لتوثيقها، فهي في هذه الحالة أشبه ماتكون بالخبر الصحفي العابر يقرأ أثناء نشره وتنتهي مهمته بعد النشر. الثورة الاتصالية في وقتنا الحاضر هل ترون أنها خدمت الصحافة الورقية؟ وهل تعتقدون أن الصحافة الالكترونية ستكون بديلا عن تلك الصحافة في المستقبل المنظور؟ * يمكن القول ان الصحافة الالكترونية خدمت الصحافة الورقية بتسهيل الوصول الى السبق الصحفي اذا كان صادقا، بينما الحاصل الآن أن خمسين بالمائة تقريبا أو أكثر من الأخبار عارية عن الصحة، فبعض الأخبار تشويش وبعضها تهويش قد يصل الى درجة الاستفزاز، ومن هذا المنطلق فانني أعتقد أن الصحافة الالكترونية قد تخدم الصحافة الورقية أحيانا ولكنها قد لا تخدمها في كثير من الأحايين. هل تعتقدون أن النقد الأدبي بالمملكة يخدم الحركة الأدبية القائمة حاليا؟ وهل يتساوى في رأيكم مع الكم الهائل من الأعمال الأدبية في مجال الرواية والقصة القصيرة والشعر؟ * لا أعتقد أن كثرة الكم من الأعمال الأدبية في الوقت الراهن دليل صحة المنهج الأدبي الا في القليل النادر لأن من يصلون الى هذه المرحلة لايمكن أن يصلوا الى مستوى "فكري أباظة ومحمد الصاوي والتابعي وألبير أديب وسهيل ادريس ورياض طه" ومن في مستواهم، ويظهر أن الصحافة في الوقت الراهن أساءت للأدب حيث يختلط الصدق بالكذب والصحيح بالغلط أسلوبا ومعنى حيث ان النقد الأدبي مع وجود الكم الهائل من النقاد لا يزال يمشي على استحياء لأن الناقد يحاول أن يسترضي الكاتب والقارئ، ويبرز مكانة لما يدور حوله من حراك أدبي كثير الاهتزاز حيث يسقط كثير من الكتاب والشعراء وكتاب القصة والنقاد أيضا لكثرة الاهتزاز، أما أن يتساوى النقد مع الكم الهائل من الانتاج الأدبي فلكل مستواه لافرق بينهما فان فتشت عن الرواية لن تجد روايات في مستوى روايات نجيب محفوظ وأبناء جيله من الرواة، أما "القصة القصيرة جدا" التي تولدت لنا من قصص هذا الزمان فانها من الأحاجي التي تصارع للحصول على موقع بين أجهزة التواصل الاجتماعي السائدة اليوم. يقال ان الحركة الثقافية بالمملكة ابان القرن الماضي تميزت بنوعيات تضاهي الحركة الثقافية الحالية في العصر الراهن.. فما مدى صحة هذه المقولة؟ * لا نستطيع أن نقول ان الحركة الأدبية في المملكة ابان القرن الماضي تميزت بنوعيات تضاهي الحركة الثقافية الحالية، في هذا الزمن الذي نعيشه الآن يجري الوقوع في مطبات الزمن الذي أوشك على الجفاف لأن أمامي زمانين الماضي والحاضر، والماضي مع قلة امكاناته الفنية حيث كان أبناء ذلك الجيل يحرصون على وجود الكتاب الذي يعتبر من وسائل امداد الأديب بالثقافة وكان الكتاب والشعراء لايرضيهم مقولة "املأوا فمه ذهبا" بل بالجودة أسلوبا ولغة مع اختيار الموضوعات النافعة الهادفة بعكس هذا الزمن الذي تحولت فيه الصحافة الى وسيلة من وسائل التشويش والاثارة ما عدا ما كتبه كتاب من القرن الماضي أمثال الأستاذ سعد البواردي وعبدالكريم الجهيمان ويوسف الشيخ يعقوب فهم حافظوا على كرامة الكلمة وعلى خدمة الدين والوطن، أما اليوم فليس هناك سوى "هرطقات" تطلق من خلال أجهزة الاتصال الاجتماعي. ظهرت مواهب وابداعات جديدة شابة في عالم الأدب بمنطقة الخليج العربي لم تتضمنها كتاباتكم التوثيقية عن أدباء المنطقة، فهل لديكم نية باضافة تلك الابداعات الى تلك الكتب في حالة اعادة طبعها من جديد؟ * كان الأمل لدي أن أبدأ مشروع موسوعة أدباء الخليج لولا عقبات ثلاث الأولى الرؤية البصرية التي اخذت تجف ويعشى نورها، والثاني قلة الامكانيات التي تساعد على السفر والتنقل من مكان الى مكان حيث يتطلب ذلك الحصول على المراجع ومقابلة ماتيسر من الأدباء، وما أتيح لي في هذه الناحية هو ماورد في كتاب أدباء وأديبات الخليج المطبوع، ومن هؤلاء كانت لي بهم علاقة قبل الشروع في الكتاب مثل الأستاذ عبدالرحمن المعاودة والشاعر أحمد محمد الخليفة والشاعر ابراهيم العريض من البحرين وعبدالله الأنصاري وعبدالله سنان المحمد وعبدالله الغنيم وأحمد السقاف من الكويت. من الملاحظ أنكم لا تمارسون من الكتابة في الوقت الحاضر سوى المقال الصحفي الأسبوعي بجريدة "اليوم".. فهل هذا يعني أنكم اقتصرتم على كتابة هذا المقال دون غيره من الكتابات الأدبية الأخرى؟ * الى ما قبل خمس سنوات كنت أنشر في "الجزيرة الثقافية والمجلة العربية ومجلة الحرس الوطني "وجريدة "اليوم" التي ما زلت أواصل الكتابة فيها منذ عهد الصديق الأديب خليل بن ابراهيم الفزيع الذي كان يرأس تحريرها وقتذاك، والذي كان يرتق الفتق ويعطيني من المساحة ما أستطيع أن أفرغ فيه غثاء أفكاري، ولا أظن أن باستطاعتي العودة الى أنشطتي القديمة في الصحافة السعودية ماعدا ماأكتبه الآن في جريدة "اليوم" فالعودة بحاجة الى تفرغ كامل قد لا يسمح الزمن الحاضر بالعودة اليه من جديد، وأظن أن تركيزي الآن ينحصر في النوع لا الكم، بمعنى أن ما أكتبه اليوم قد يختصر الكثير من الأفكار المتعددة التي ربما أتوق الى كتابتها بين حين وحين. وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى الذي تقلدتموه أثناء حفل انطلاق فعاليات الدورة التاسعة والعشرين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية.. ماذا أضاف للأديب عبدالله الشباط؟ * وسام الملك عبدالعزيز رمز وفخر واعتزاز لمن يستطيع الوصول اليه، وقد كتبت عنه ما يكفي، انه يحمل اسم الملك الذي أسس هذا الكيان المترامي الأطراف والذي ضم بين أركانه أركان الدين ومهبط الوحي وأرومة الأمة الناطقة بالضاد ولديها تراث أدبي لايزال مضرب الأمثال للأجيال، والوسام تكريم أعتز به أيما اعتزاز فهو يؤكد اهتمام الدولة بالفكر والأدب والثقافة واهتمامها الملحوظ بحملة الأقلام الذين مازالوا يبذلون الكثير من جهودهم في سبيل الاصلاح وتبيان ماتبذله الدولة من خطوات حثيثة في ميادين ومجالات التنمية والبناء والنهضة. تجربتكم الصحفية الرائدة باصداركم لجريدة "الخليج العربي" عام 1375ه، كيف سيكون شكلها لو ولدت من جديد في الوقت الراهن؟ * مجلة وجريدة "الخليج العربي" لايهم بأيهما نبدأ لكن بما أن السؤال نص علي فأقول نعم، ان الجريدة لو ولدت من جديد فانها ستولد بين حاضنات ومربيات جديرات بزفافها الى الأفكار حسبما هو مطلوب في العهد الحاضر بألوان وصور وعناوين ضخمة ورتوش لابد منها "لزوم الشيء" لكن مصيرها الى مخازن شركة تصنيع الورق ليأتي دورها لتكون كيسا لبضاعة أو كأسا لشراب وقد يسعدها الحظ لتكون ورقا لمطبوعة ثقافية. ماهي الأدوار التي ترون أن على الأندية الأدبية الاضطلاع بها لخدمة الأدب والأدباء بالمملكة؟ وهل أنتم راضون عن الفعاليات التي يمارسها النادي الأدبي بالأحساء؟ * هذا السؤال يجب أن يوجه لوزارة الثقافة والاعلام التي وضعت القوانين وحددت الحدود دون أن يكون لها رأي أو نص على تنصيب رؤساء الأندية ومساعديهم، لذلك فان الأندية الأدبية ليس لها خيار الا ما يأتي من الوزارة، ويكفي أن يحضر معالي الوزير أي فعاليات من فعاليات النادي لتؤخذ له العشرات من الصور، وهذه أجود مالدى بعض الأندية. الكتاب الالكتروني هل ترون أنه يكفي لاشباع نهم الأدباء المعاصرين للقراءة، وهل تعتقدون أنه قد يكون بديلا عن قراءة الكتب بالطريقة الورقية التقليدية المعهودة؟ * لن يكون بديلا بالطبع عن الكتاب التقليدي، فستظل للكتاب الورقي أهميته الخاصة كوسيلة من وسائل التثقيف والتوعية، والكتاب الالكتروني لن يلغي الاعتماد على الكتاب الورقي، غير أن أهميته تكمن في تحوله الى مرجع سهل للحصول على المعلومة الثقافية بطريقة أسرع وأجدى وان كانت مبتسرة واسمح لي فان أمامي كتابا ورقيا مفتوحا أريد استكمال فصوله. ماهي الأسباب الجوهرية لعزوف أدباء المنطقة الشرقية عن حضور فعاليات النادي الأدبي بالدمام وكذلك نادي الأحساء الأدبي من وجهة نظركم؟ * لأسباب متعددة أهمها كما أرى انشغال الناس والأدباء شريحة منهم بأدوات الاتصال السريعة التي قد يرون أنها بديلة عن حضور فعاليات الأندية كالمحاضرات الأدبية والأمسيات الشعرية والقصصية، فتلك الأدوات أضحت بديلا عن تلك الأنشطة كما أرى لسهولة تداولها ولسهولة الحصول على معطياتها المعلوماتية. التراجم الأدبية والتاريخ والقصة القصيرة والدراسات النقدية والمقال الصحفي.. لأيها يميل الكاتب والأديب عبدالله الشباط أكثر من غيره عند ممارسته للكتابة؟ * كنت أميل اليها جميعا عندما كانت الأحوال أفضل مما هي عليه اليوم، وتلك الأنشطة هي وليدة اللحظة التي تكتب فيها، وقد عالجتها جميعا والحكم متروك أولا وأخيرا لذائقة القارئ واتجاهاته واختياراته ولآرائه أيضا عندما يتحول الرأي الى نقد لاذع طلبا للاستثارة ولفت الأنظار. الشباط يحتفل مع اسرته بالوسام