تراجع معدل الخصوبة في السعودية إلى 2.7    أمريكا: العثور على الطائرة المفقودة في ألاسكا ومقتل جميع ركابها    «إيلون ماسك» يشارك تغريدة قائد فريق النصر    «فائق وشريفة»: رفع علم المملكة حلم لكل رياضي    24 مليون مشاهدة تجسد تأثير كريستيانو رونالدو    جون دوران يدخل تاريخ النصر    ورشة التوعية برؤية واستراتيجية وزارة الموارد البشرية بالمدينة    الهلال يُحافظ على سالم الدوسري    على كأس خادم الحرمين الشريفين سباقات القدرة والتحمل العالمي في العُلا    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    ترودو يدعو إلى أخذ تهديد ترامب بضم كندا على «محمل الجد»    "الأونروا" تؤكد تعرض سكان غزة لعملية تهجير ممنهجة    إيمري يتطلع للتحدي الضخم بإعادة ماركوس راشفورد لمستواه    جوجل تضيف علامات مائية خفية للصور للكشف عن التعديلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي    إنجاز أكثر من 80% من مشروع الطريق الدائري الأوسط في الطائف    الوحدة يُعلن عن تعرض أنظمة الشركة المشغلة لمتجر النادي ل «الاختراق»    ثنائية توني تمنح الأهلي الفوز على الفتح    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    فعالية "حكاية شتاء" تجمع أكثر من 14,000 زائر في قاعة مكة الكبرى    الفيفا: الإنفاق في الميركاتو الشتوي قياسي    مصرع شخصين في تحطم طائرة صغيرة في «البرازيل»    فريق الوعي الصحي بجازان يشارك بمبادرة "سمعناكم" لذوي الإعاقة السمعية    ضبط شخص في جازان لتهريبه (60) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    «سلمان للإغاثة» يوزع 492 سلة غذائية في منطقة بإقليم خيبر بختون خوا في باكستان        «تعليم الرياض» يحصد 39 جائزة في «إبداع 2025»    تتويج السعودي آل جميان بلقب فارس المنكوس    درجات الحرارة الصفرية تؤدي لتجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    وزير الصناعة يختتم زيارة رسمية إلى الهند    أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    "احمِ قلبك" تنطلق لتعزيز الوعي الصحي والتكفل بعلاج المرضى غير المقتدرين    نددت بالعقوبات الأمريكية.. «الجنائية الدولية» تتعهد بمواصلة إحقاق العدالة    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    السجن 45 ألف عام لمحتال «بنك المزرعة»    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «الشورى» يوافق على 5 مذكرات تفاهم مع دول شقيقة وصديقة    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    كيف كنا وكيف أصبحنا    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن الشيخ: تنوع نتاج الشباط الثقافي بين التراث والتاريخ والتراجم والكتابة الصحفية
الأدباء: عبدالله الشباط نخلة سامقة في واحة الأدب السعودي
نشر في الرياض يوم 13 - 09 - 2012

ارتبط الأدب بالمنطقة الشرقية (الأحساء) برموز هامة تلألأت في سمائه وأخلصت لهذا الفن وكافحت لتبني صروح الثقافة للأجيال القادمة فمن أبرز هؤلاء: أحمد المبارك ومحمد سعيد المسلم ومحمد سعيد الخنيزي وعبدالرحمن العبيد وعبدالله الجشي وآخرون، إلا أن الأديب الكبير الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط كان وما زال أشد ارتباطاً بأدب وثقافة منطقة الأحساء فأخلص لها أيما إخلاص دل على عشقه وولعه بالمنطقة الشرقية فأنجز عبر عمره المديد مؤلفات العديدة في الأدب والتاريخ والقصة والتراجم والنقد.
ولد المحتفى به الأستاذ عبدالله بن أحمد بن عبدالله الشباط في الأحساء عام 1353ه ودرج في هذه المدينة ودرس فيها والتحق بمعهد الأحساء العلمي، وانضم الشباط إلى حقل التدريس وأمضى فيها ثلاث سنوات وقد ساغت نفسه إلى القراءة منذ صباه وركن إلى هذه الهواية ونزعت نفسه كذلك إلى طلب العلم منذ أن شب عن الطوق فأحرز دبلوم الصحافة من كلية الصحافة بمصر، وقد خاض الكتابة في الصحافة منذ رونق شبابه فكتب في مجلة هجر وأولع بالصحافة فدفعه عشقه ليخوض تجربه إنشاء وتأسيس صحيفة بالمنطقة الشرقية فكان له ذلك حيث أسس مجلة (الخليج العربي) الشهرية عام 1376ه ثم تحولت على صحيفة أسبوعية حتى توقفت عام 1383ه بعد صدور نظام المؤسسات الصحفية وقد ساهم بالكتابة في الصحف والمجلات الخليجية، رشح الأستاذ الشباط ليكون سكرتير المجلس البلدي بالدمام ثم أسندت إليه وظيفة مساعد رئيس بلدية الخبر، إلى أن تولى رئاسة بلدية المنطقة المحايدة ثم تفرغ للأعمال الحرة، كما أسس الشباط أول مكتبة عامة في محافظة القطيف، وهو عضو في النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية، كتب الأديب الشباط في مختلف حقول المعرفة (الأدب والنقد والتاريخ والتراجم والقصة والفقه) وأنجز جمهرة من المصنفات التي تربو على العشرين كتاباً، وغلب على كتاباته التقصي والتدقيق والبحث الرصين، وطوع قلمه لكتابه التراجم من علماء وشعراء وأدباء وحازت على نصيب وآخر من مؤلفاته، وهو اسم راسخ الأركان في واحة الأحساء وفي كل ما يتعلق بها من شعر وتاريخ وتراجم بما عرف عنه من حصافة وحذق فحاز قصب السبق فيه.
وقد أصيب مؤخراً بعارض صحي وخرج منه بعد استشفاء متعه الله بالصحة والعمر المديد ويعد نادي الأحساء الأدبي حفلاً تكرمياً له في الأيام القليلة القادمة احتفاءً بمنجزه الثقافي وقد طبع عنه كتاباً تذكارياً بهذه المناسبة.. واليوم تحتفي صحيفة الرياض مع كوكبة من ألمع كتاب المنطقة الشرقية للاحتفاء به وبدوره الريادي في المنطقة الشرقية وما قدمه من جليل الأعمال في الأدب والصحافة والتاريخ.
في مطلع هذا الاحتفال عن الأستاذ الشباط يأتي الشاعر الكبير جاسم الصحيح هذه المرة ناثراً يصف دور المحتفى به أنه داعم للبراعم الأدبية ويقدمها إلى المشهد الإعلامي عبر ما يكتبه من مقالات ويضيف أيضاً: الأديب الأستاذ (عبدالله الشباط) هو شيخُ الكُتَّاب السعوديِّين الذي أطلَّ على الحياة من الحارات المسكونة بالألفة والبساطة وعبق التاريخ في (الأحساء) .. عاصمة القلب.. وتَكَوَّنَتْ أخلاقُهُ من نسائم حقولها التي كانت تلامس عتبات البيوت فكان على امتداد حياته فلاَّحا في الكتب يهدي إلينا الفصلَ والحصادَ والموسم.
الأديب الأستاذ عبدالله الشباط ما زال منذ (ثمانين عاماً) يقيم في محبرةٍ كبيرةٍ.. ربما بحجم الوطن.. فهو دائما ما يرشح بالمداد وكأنّ روحَهُ هي نزيفُ أقلامه التي لم تتوقف عن الجريان في سبيل الثقافة الوطنية عبر هذا العمر المديد. لذلك فإنَّ أهميَّتَهُ لا تكمن فقط في حقيقةِ أنَّهُ روحٌ مقاومةٌ للعجز عن الكتابة طوال هذه السنين، ولكن تكمنُ أهميَّتُهُ أيضاً في أنَّهُ ذاكرةٌ حبلى تحمل تراثاً بشريًّا وتاريخاً إنسانيًّا عايشَهُ بنفسه وقَدَّمَهُ إلى الأجيال المتعاقبة في كُتُبِهِ التي تضيءُ في بيوتنا مثل فوانيس معلَّقة على شرفات الزمن، إضافةً إلى أنَّهُ يتمتَّع بلياقةٍ عاليةٍ في مضمار الكتابة ما زال يحافظ عليها ويستمدُّ طاقتها الكبرى من إصرارِهِ على الحلم وإيمانِهِ بالهدف.
الأديب الأستاذ عبدالله الشباط هو رجل التاريخ الذي انتشلَ أسلافَهُ من المقابر وأرقدَهُمْ في دفاتره وغطَّاهم بالحروف الدافئة إيمانا منه بأنَّ التاريخ جزءٌ هامٌّ من مكوِّنات الهوية الوطنية. وإذا كان التاريخ يمثِّل جزءاً هامًّا من تكوين الأديب الأستاذ عبد الله الشباط، فإنّ رعاية البراعم في بستان الإبداع هي المعادل الحيويّ في علاقته بالمستقبل، فلا يكاد يقرأ لبرعمٍ نابتٍ للتوِّ في هذا البستان حتَّى يتواصل معه ويقدِّمه إلى المشهد الإعلامي عبر مقالةٍ أو جزء من مقالة، ولم نعهده يوما ما مترفِّعا على المواهب الشابَّة التي تطلُّ بأعناقها من أفق الأدب، بل كان على العكس من ذلك باحثاً عن هذه المواهب ومحتفياً بها في ظلال مقاماته الرفيعة في الشأن الثقافي والشأن الصحافي والشأن الإعلامي.
وينظر الأديب والكاتب حسن السبع إلى تجربة الشباط الثقافية بأنها ثرية ومتنوعة وكانت مزيجاً من العذوبة والعذاب وقال أيضاً: لا يعني تجاوز الماضي، ثقافياً وإبداعياً، التنكر له، أو التعالي عليه، أو تهميش إنجازات الروّاد. نعم. من يفهم التجاوز فهما صحيحاً يدرك أن المنجز الثقافي والإعلامي الراهن ليس وليد اللحظة، ولم ينبع من فراغ، بل هو امتداد لعمل الرواد الذين وضعوا اللَّبنات الأولى بأدوات بدائية. ومن يقدر الريادةَ حقَّ قدرها يعي جيداً معنى أن تكون الأول، وأن تعمل في ظل ظروف صعبة، وبوسائل متواضعة.
وقد كان الأستاذ عبدالله أحمد الشباط أحد أولئك الروَّاد الذين حملوا شعلةَ الثقافة والصحافة المحلية منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي. نعم. من يطلع على البدايات الصحافية يدرك أية مغامرة تلك التي خاضها الأستاذ الشباط مع بقية رفاقه ممن كانت لهم، آنذاك، تجارب مماثلة. ولعل الحافز الوحيد الذي يوقد شعلة الأمل، ويحثُّ على الاستمرار، هو الفرح المصاحب للإنجاز، كلما رأى عدداً من أعداد الجريدة النور.
وعن دوره الثقافي ومؤلفاته الأدبية يقول السبع: كان الأستاذ عبدالله الشباط، إضافة إلى تأسيس جريدة (الخليج العربي)، ومشاركاته الثقافية المتنوعة، راصداً للنشاط الثقافي، وللإبداع الأدبي بصفة خاصة، في المنطقة وبلدان الخليج. وفي رحلة طويلة، هي مزيج من العُذوبة والعَذاب، قدَّم الأستاذ عبدالله الشباط للساحة الثقافية حصاد سنين من الكدح الثقافي والأدبي، فأثرى السَّاحةَ الثقافية بمؤلفات أبرزها: أبو العتاهية، آفاق خليجية، شاعر الخليج، هجر واحة الشعر والنخيل، شخصيات من التاريخ، والكتاب/ الموسوعة (أدباء وأديبات من الخليج العربي).
أما الجميل والباعث على الإعجاب بشخصية الأديب الأستاذ عبدالله الشباط فهو تواضعه الجم؛ تلك الصفة الجميلة، والعملة النادرة في أيامنا هذه. ففي كل منتدى يشارك فيه، أو لقاء صحافي يُجري معه، لا تَشِي لغتُه بأي شكل من أشكال المبالغة أو الادعاء، أو الاهتمام بالهامش على حساب المتن، أو افتعال الضجيج للفت الأنظار وصناعة الخصوم. وفي الوقت الذي يلاحق غيره الأضواء، يكرّس الأستاذ الشباط وقته معتكفا في صومعة الكتابة. فكان، وكما وصفه الشاعر جاسم الصحيح، كاتبا «يقيم في محبرة»! وكان حصاد تلك الإقامة الطوعية مجموعةً من الكتب/ المراجع التي لا غنى عنها للطلاب والباحثين المهتمين بالحركة الثقافية والأدبية في هذه المنطقة.
وعبدالله الشباط هو أحد أعلام الصحافة والأدب، ومنذ ما يزيد على نصف قرن وهو يواصل عطاءه الصحفي والأدبي الذي بدأه بإصدار مجلته «الخليج العربي» عام 1957م التي تحولت إلى جريدة أسبوعية منذ بداية عام 1958م إلى أن توقفت عن الصدور مع صدور نظام المؤسسات الصحفية الذي ألغى صحافة الأفراد ليحولها إلى صحافة مؤسسات عام 1964م لضمان استمرار الصحف في التي كانت تتوقف عن الصدور لأسباب تتعلق بصاحبها، وقد أصدر الشباط مجموعة من الكتب الثقافية ذات القيمة التاريخية الهامة، أهلته للتكريم من جهات حكومية وأهلية عديدة، كما كرمته جامعة الدول العربية في مهرجان الرواد والمبدعين العرب في القاهرة عام 2002م وبلغ مجموع إصداراته أكثر من عشرين إصداراً وجميعها ذات قيمة أدبية وثقافية تدل على سعة اطلاعه وعمق تفكيره، وحماسته في الدفاع عن قيم الخير التي تحقق كرامة الإنسان وحريته، وكان أول إصداراته كتابه «أبو العتاهية: لمحات من حياة حافلة» عام 1984م ثم توالت هذه الإصدارات لتشمل مواضيع مختلفة أبرزها كتاباته عن أدباء وأديبات الخليج العربي، وشخصيات من التاريخ ونوافذ على الحضارة الإسلامية، ولا يزال يواصل عطاءاته الأدبية وإصداراته الثقافية، ومقالاته الصحفية التي يطل منها على القراء أسبوعيا في جريدة اليوم، ويعالج فيها الكثير من قضايا مجتمعه ووطنه وأمته.
ويواصل الفزيع طرحه عن هذا الكتاب ويذكر فيه: وقد طاف بنا الشباط في مؤلفه الجديد «الطرائف الأدبية» عبر العصور، في بحثه عن الطرائف الأدبية التي مرت على أدبائنا العرب في ماضي وحاضر تاريخ الأدب العربي في نثره وشعره، فلا مفر من الضحك، والابتسامة في وجه الخطوب لا تعني البلادة، ولكنها نوع من الفلسفة التى تنظر إلى الجانب الإيجابي من المواقف مهما بلغت قسوتها.
كما ويورد المؤلف نماذج من طرائف الشعراء والأدباء، مما يجلب الابتسامة، ويعيد للنفس توازنها لمواجهة قسوة الحياة وعنتها، وكذلك حكاياتهم في التخلص من المواقف الحرجة، وتحويل المواقف الدرامية إلى مواقف كوميدية قد تنقذهم من جزاء مستحق، أو عقاب واجب النفاذ، وبأسلوبه البعيد عن التعقيد.
في حين نجد الكاتب والشاعر محمد الجلواح عضو نادي الأحساء الأدبي يضيف الأديب الشباط بأنه النهر الأحسائي وذلك لدوره الريادي في المنطقة ويقول عنه أيضاً: النهر لم يَشُقّ الأحساء بمائه وجداوله ومَصَبّاته، وفروعه، كما هو شأن كل الأنهار الطبيعية التي تتدفق على الأرض جغرافيا، وتضاريسيا.
لكنه شَقّها حرفاً وفكراً وأدباً وخلوداً، شقها بماء آخر يوازي ماء النهر إنه ماء الكلمة، والفكر والإنسان.
إذن في الأحساء أنهار كثيرة من هذا النوع.. وفيها ماء كثير وخيرات لا تحصى، فالحمد لله رب العالمين.
وتنطبق هذه الكلمات انطباقاً كاملاً على إحدى النخيل الأحسائية التي تنبض بالحياة.
آه .. إذن هو نخلة ونهر وأدب، مثلث تتنافس أضلاعه الحبلى بكل جمال ووفرة ونعمة على بعضها هربا من الوصول للنهاية.
الأستاذ الأديب عبدالله بن أحمد الشباط.. هو المعنِيُّ بهذه الحروف..
تماماً كمان كان يهدي الحروف إلى أبناء واحته ووطنه.
عبدالله الشباط الذي لا يكاد يترك صغيرة ولا كبيرة من شؤون الأحساء وأدبها ونخيلها وهمومها وأحلامها وتطلعاتها وجمالها وإلا وَحَبّرها بقلمه ورَصَدَها بكلماته، وتلقفها بمقالاته، ثم قذف بها إلى الصحف المحلية والخليجية، هو نفسه الرجل الذي يدهشك بأخلاقه، وتواصله.
أريد أن أتجاوز هذه المقاطع الإنشائية السطحية الصادقة جداً عن أستاذي (أبي منذر) إلى القول: أن الرجل لا يؤمن (بتقاعد) الكاتب أو الأديب، شأنه شأن كل من اشتعل الحرف في داخله..
فمن (أدْرَكَتْهُ حُرفَة الأدب) كما يقولون.. لا يمكن أن ينشد تقاعده عن الأدب، لأن الأدب - في الأصل - حرفة لا تقاعد لها، ولا فيها.. هذا إذا تم إدراجها ضمن الحِرَف التقليدية المعروفة، أو لم يتم..
وهو، وإن جَرّهُ تواضُعُهُ الجَمّ إلى عدم الاعتراف بأن هذه الحرفة قد أدْرَكَتْهُ، لكننا نراه أنه من خير سَدَنَتِها، فتجده يقرأ ويكتب ويؤلف حتى وهو على في فراش مرضه في المستشفى، وفي البيت أيضاً (متعه الله بالعافية).
لقد تفوق الأستاذ عبدالله الشباط على نفسه في مؤلفاته الكثيرة وكتبه العديدة ودراساته، واحتضانه لمواهب أبناء الأحساء والوطن، ورصده أدباء الخليج نساء ورجالاً.
وحينما وَصَفْتُهُ في أول المقال بأنه نهر، وانه نخلة ، فذلك لأن العطاء منهما غير مقطوع، ولا ممنوع..
وعن دور الشباط في دعم الأصوات الأدبية بالمنطقة: وأحسب أن أبناء الأحساء وأدباءها ومفكريها قد حققوا شيئاً من أحلام وتطلعات وأمنيات أستاذنا الشباط حينما دأب - وما زال - على الهتاف بهم منذ ما قبل أربعين عاماً لمواصلة الكتابة والقيام بالنشر والتأليف، وتشجيعهم، وإيجاد موقع بارز لهم و للأحساء في المحافل والأماكن والمكتبات والمهرجانات والمنتديات وغيرها.
فها هي واحتك النخيلية يا أبا منذر بأبنائها وأدبائها ومبدعيها في المجالات المتعددة وناديها الأدبي وجمعيتها للثقافة والفنون ومجالسها الأدبية، تقف إلى جانب مثيلاتها من مناطق ومحافظات بلادنا الغالية شامخة.. حاضرة تقول: ها أنا ذا في خدمة الدين والوطن، والحرف والكلمة والأدب الرفيع الجميل، وهاهم أبناؤك وأحبتك يفتحون قلوبهم وأيديهم، يلهجون بذكرك وشكرك والاعتراف بجميل صنعك، وجليل إبداعاتك وأعمالك وأدبك..
بل ما فتئوا يعبوّن من حروف كتبك القيمة الكثيرة التي تصيبهم بالدهشة والحيرة اختياراً، ومتعة..
فمن أيِّها نبدأ، وعند أيِّها نتوقف، ولأيها نحضن؟
هذا واستأذنا الشباط يمدنا كل يوم بمقالة اجتماعية في جريدة اليوم، وبمقالة أدبية وفكرية في المطبوعات المحلية الأخرى.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية تحتضنها نهاية المقالة، كاحتضانها مقدمتها، وهي أنه إذا افتخرت الأحساء بأديب كالأستاذ عبدالله الشباط فإن هذا الفخر الإيجابي هو بالطبع فخر لوطنا العزيز بأكمله.. المملكة العربية السعودية.
اسأل الله تعالى أن يمنن على أديبنا القدير الأستاذ أبي منذر بالصحة والعافية والشفاء العاجل إنه سميع قريب مجيب.
أما الكاتبة والقاصة شريفة الشملان فتشيد بدوره الصحفي وعشقه لواحته الأحساء فهي نبض كتاباته وقالت: منذ أن عرفت الدمام قبل حوالي 38 عاماً، عرفت جريدة اليوم صحيفة بسيطة آن ذاك طباعة وإخراجاً، كما هي بسيطة في مواضيعها، من تحقيقات وأخبار مع كتاب قليلين، ولكن يغوص بعضهم في عمق المجتمع.
عمدتهم وأثبتهم الأستاذ عبدالله الشباط بطرحه البسيط القريب للقلب، كتاباته التي تخاطب الجميع، الصغير والكبير، وبين كلماته تهب رائحة الأحساء، البيوت المتجاورة والحارة البسيطة، ورائحة لقاح النخيل. ومشموم نسائها، والحناء بالأيدي والأقدام.. كل جمال وبساطة الأحساء وكرم أهلها، ممزوج بعمق ثقافاتها وأسرها الأدبية المشهورة والمشهود لها بالحراك الثقافي. والتي كانت ومازالت شامخة بعطائها الأدبي والاجتماعي يتوارثه الآباء والأبناء.
كل تلك الخميرة مع ما كسبه الشباط من خبرات أدبية ومجتمعية وتراكمات كثيرة سجلها الاستاذ عبدالله الشباط.. نمت عجنية صنع منها مقالاته ليبعثها للمتلقي.. ويمتع بها الكثيرين..
كان ومازال ركنا في جريدة اليوم، التي تطورت تقنية وتحريراً وكسبت جمهور قراء أكثر، الذين أيضاً كسبوا قلماً مميزاً فيه عمق الوطن وينبض بحب الوطن..
للشباط سجل ذاكرة حبلى بالكثير من تاريخ المنطقة الشرقية سجل حياة كما هو سجل الصحافة وما مر بها من ظروف، وخاصة جريدة اليوم التي شهد لها تاريخها الكثير من المد والجزر كان شاهد عليه التي كانت تشرق كوجه فتاة ثم تخبو كعجوز هدها الألم.
مازال جيلي يذكر ويتذكر أيامها، كوكبة جميلة من أصحاب الأقلام المضيئة، التي كانت تسجل حضوراً مميزاً في جريدة اليوم.. الجريدة التي عادت تنبض بالحياة من جديد حتى وصلت لما هي لآن.
أبلغت أنه مريض وقد دخل المستشفى وتماثل للشفاء، نرجو له الشفاء العاجل إجازة لقلمه الذي نرجو ألا تطول ويعود لنا سالماً مليئاً بحبر الحياة الذي يتدفق عطاء.
وتختتم الشملان حديثها عن المحتفى به: الذي عرفت عن الكاتب الشباط أنه محب للأقلام الشابة عبر مسيرته الطويلة، يشجعها على العطاء والإستمرار.. ويقدمها عبر لفتة طيبة من لفاتاته العديدة.. والصحافة تنبض في دمه، منذ شبابه.
أمد الله بعمر كاتبنا المعطاء عبر زمن طويل قضاه في جنبات الصحافة. شافاه الله وعافاه وصرف عنه كل مكروه.. فهو قلم يتقطر حبره حبا بالشرقية.
من جهة أخرى يرى الروائي والقاص حسن الشيخ أن الدور الذي قدمه الأستاذ الشباط تعدد عبر دوره التعليمي والإداري والصحفي والأدبي وفي ذلك يقول: يعد الأستاذ عبدالله الشباط أحد الرواد الأوائل في العديد من المجالات التعليمية والأدبية والثقافية والصحفية. وإذا تتبعنا حياة الأديب عبدالله بن أحمد الشباط، لوجدناها حياة حافلة في كل مجال من هذه المجالات وله سبق الريادة في العديد من النشاطات الفكرية تلك.
والأستاذ الشباط غني عن التعريف، فمنذ ولادته في خمسينيات القرن الماضي الهجري، وحتى يومنا الحاضر وهو يواصل العطاء من دون كلل أو ملل. والتحول الكبير في حياة الأستاذ الشباط حينما انخرط في العمل الصحفي وأصدر جريدة (الخليج العربي) بالخبر، وغدت من أوائل الصحف السعودية - قبل صدر قانون المؤسسات الصحفية - واستمرت الجريدة في الإصدار لسنوات خمس. وبعد توقف الجريدة اتجه للأعمال الحرة. إلا أنه لم ينس الصحافة، ولم يترك المطالعة والقراءة والكتابة يوما. لذلك كتب في أكثر الصحف والمجلات المحلية. بل وعمل في فترة مبكرة من حياته محرراً متعاوناً مع جريدة اليوم. واستمرت كتاباته في الصحف والمجلات المحلية لأكثر من نصف قرن. رصد فيها كل مناشئ الحياة الفكرية والأدبية في المملكة. وتناول اغلب الأعمال القصصية والشعرية والإدارية والنقدية بالقراءة والمطالعة والتعليق. حتى نستطيع أن نقول ونحن على ثقة تامة أن الأستاذ الشباط هو الكاتب الوحيد بالمملكة الذي كتب عن كل أدباء وكتاب ومثقفي المملكة دون استثناء.
ومن خلال هذا الرصد الثقافي للإصدارات على الساحة المحلية، أصدر العشرات من الكتب، التي وثقت لكل مراحل الحياة الأدبية في المملكة، وخصوصاً في المنطقة الشرقية منها.
والحقيقة أن الأستاذ الشباط لم يتكئ على العقل والذاكرة فقط لحفظ أطنان المعلومات من الكلمة الطيبة. بل توجه لرصد كل ذلك من خلال إصداراته، فأصدر أكثر من عشرين كتاباً، في مجالات ثقافية متعددة. مترجماً للأدباء تارة، وقارئاً لإنتاجهم الفكري تارة أخرى. كما كتب في التراث وفي التاريخ وفي القصة. كتب للصحافة الكثير ولكنه لم يترك ما كتبه للصحافة يضيع عبر الأيام، بل وثق أكثر كتاباته الصحفية في كتب خاصة، اصدر اغلبها على نفقته الخاصة.
ويختم الشيخ طرحه عن الشباط قائلاً: اليوم ونحن نحتفل بالأستاذ عبدالله الشباط مجدداً، ليس لأنه منسي. أو أنه غاب عن ذاكرتنا. أو حتى نكرمه بعد هذا العمر الطويل. لأن كل ذلك لم يحصل.
الشباط حي في الذاكرة، وقد كرم واحتفي فيه مرات عديدة. ومن حقه كأديب كبير أن يكرم لمرات عديدة. فهذا حق من حقوق الأبناء على الأوطان.
ولقد كرم الأستاذ الشباط في أثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجة بجدة، وكرمه مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض مع لفيف من الأدباء الكبار بالمملكة. كما يجب ألا ننسى المحاضرات العديدة التي ألقاها الأستاذ الشباط، في العديد من النوادي الأدبية بالمملكة، والمراكز العلمية. حتى أضحى الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط اليوم قامة عالية في مجال الأدب والفكر. داعين له بطول العمر والصحة والعافية.
ويتوقف الناقد الدكتور نبيل المحيش عند نوعين من الكتابة التي مارسها الأديب الشباط ليبرز أهميتها ليقول: إن من يريد الكتابة عن الأستاذ عبد الله الشباط لابد أن يصاب بالحيرة من أين يبدأ وماذا يكتب عن هذا الرائد الكبير؟.. الرائد في ميدان الصحافة الخليجية، والرائد في ميدان تاريخ الأدب في الأحساء والخليج العربي، وهذا واضح من خلال كتابه :(أدباء وأديبات من الخليج العربي)، وكتابه: (الأحساء أدبها وأدباؤها المعاصرون)، وكتابه : (هَجر واحة الشعر والنخيل).
ولكنني سوف أتوقف عند كتابه: (صفحات من تاريخ الأحساء) الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1409ه - 1989م، وسبقه في تأليف كتاب خاص عن الأحساء الشيخ محمد بن عبدالقادر بكتابه :(تحفة المستفيد)، والأستاذ خالد الغريب بكتابه: (منطقة الأحساء عبر أطوار التاريخ)، ثم جاء بعدهم الأستاذ عبدالرحمن المُلا بكتابه: (تاريخ هجر)، والأستاذ عبدالله المطلق بكتابه :(الأحساء).
وقد فصَّل الأستاذ الشباط الحديث عن الأحساء ومدنها وقُراها ومناخها وسكانها، وأشار إلى الاستيطان البشري القديم فيها، وفصَّل الحديث عن تاريخ الأحساء السياسي منذ الجاهلية حتى العصر الحديث. والكتاب الآخر الذي سأتوقف عنده هو كتابه: (الأحساء أدبها وأدباؤها المعاصرون)، وقد تحدث فيه عن روافد الحركة الثقافية والاتجاهات الأدبية في الأحساء.
بارك الله في جهودك أيها الرائد الكبير، وستبقى كتاباتك مصدراً مهماً لكل دارسي الأدب والتاريخ في منطقتنا.
محمد الجلواح
حسن الشيخ
جاسم الصحيح
نبيل المحيش
خليل الفزيع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.