هل تتذكرون انهيار عام 2008؟ اليوم يفقد برميل النفط 70 في المائة من قيمته، في وقت بدأ فيه العالم يخرج عن السيطرة وسعر كل شيء يتحطم. وطبعاً ما كان يجب أن ترتفع الأسعار أصلاً لتصل إلى 146دولاراً للبرميل كما كانت في صيف ذلك العام، ولكنها لا يجب أن تتحطم، كما حدث في نهاية تلك السنة، لتصل إلى 40 دولاراً للبرميل. بعد أن انخفضت الأسعار بنسبة 15 في المائة على الأقل خلال أشهر قليلة، واجهت سوق النفط منذ أن تعافت ثلاثة تصحيحات رئيسية في الأسعار، والآن نحن في وسط التصحيح الرابع، بعد أن انخفضت الأسعار لأكثر من 20 في المائة نسبة لذروة الأسعار التي بلغت حوالي 115 دولاراً للبرميل الواحد في أواخر شهر يونيو (حزيران) الماضي. تحوم الأسعار الآن في مجال 80 دولاراً في المتوسط للبرميل الواحد، ويمكن بالتأكيد حدوث انخفاض أكثر من ذلك. هذه أنباء سارة للمستهلكين الأمريكيين، الذين بدأوا أخيراً حصاد حسنات ازدهار الصخر الزيتي من خلال أسعار البنزين المنخفضة. ولكن يمكن أن يشير ذلك إلى مشكلة خطيرة للكثير من منتجي النفط المحملين بأعباء الديون والذين بالغوا في قيمة احتياطاتهم النفطية. وبطريقة ما، تعمل شركات النفط على وقف هذا الانهيار بالاستمرار في الحفر وزيادة إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط بأسرع وتيرة ممكنة. وبدلاً من الانسحاب أملاً في التقليل من مقدار المعروض في السوق ومحاولة رفع الأسعار، لجأت شركات الحفر إلى العمل بسرعة كبيرة وضخ النفط بأكثر سرعة ممكنة. ولإثبات ذلك، ما علينا سوى النظر إلى عدد الحفارات الأفقية التي تعمل في هذا الحقل: لقد تضاعف عدد الحفارات الأفقية التي نُشرت في السنوات الخمس الماضية أربع مرات تقريباً، فقد زاد عددها من 379 بئراً في أوائل عام 2009 ليصل عددها اليوم إلى أكثر من1,300 بئر للحفر. هذه طبعاً حكاية تكسير هيدروليكي بحتة. كانت كل المكاسب التي تم جنيها مؤخراً في الإنتاج الأمريكي من النفط ناتجةً عن تقنيات الحفر الأفقي التي اُستخدمت عبر الكثير من الوسط الغربي للولايات المتحدة، من تكساس إلى داكوتا الشمالية. وخلافاً لما يحدث في الآبار التقليدية العمودية، حيث لا يعني دائما الكثير من الآبار المزيد من النفط، فإن الحفر الأفقي هو عبارة عن استراتيجية في مجال الصخر الزيتي تتطلب حفرا أكثر، مما يمكّن من الكشف عن الزيت المحتجز في التشكيلات الصخرية. وبسبب ازدياد عدد الحفارات الأفقية بصورة مفاجئة، فقد سارت أعداد الحفارات العمودية في الولاياتالمتحدة في الاتجاه المعاكس، حيث نقصت بنسبة تقارب ال 70 بالمئة في السنين السبع الماضية. لذلك، هل بدأ منتجو الزيت الأمريكيون بشق طريقهم تمهيداً لإعلان إفلاسهم؟ نعم أصبح ذلك احتمالا حقيقيا. كانوا بالتأكيد نشيطين للغاية في الحفر، ولم يطلبوا نفس السعر للبقاء رابحين. ولكننا كنا قريبين جداً من ذلك. في شهر يوليو (تموز) الماضي، نجد بنك غولدمان ساكس يقدر أن منتجي الصخر الزيتي يحتاجون إلى أن يكون سعر البرميل هو 85 دولاراً للبقاء عند نقطة التعادل، أي دون ربح أو خسارة. وهذا هو تقريباً ما وصلنا إليه الآن. وتشير سوق العقود الآجلة إلى تخفيض أكثر في الأسعار في العام القادم، خاصة مع وجود عقود لشهر أبريل (نيسان) تقارب سعر 82 دولاراً للبرميل. وبالتأكيد يحتاج بعض المنتجين إلى أسعار أعلى مما يحتاجه آخرون. وقد يصبح بإمكان أولئك الموجودين في أسفل منحنى الكلفة الاستفادة من إمكانية حدوث موجة إفلاسات تنتشر عبر منطقة النفط، حيث يصبح بإمكانهم عندها اغتراف بعض الأصول بثمن بخس. وأخيراً علينا أن نتنبه إلى ملاحظة واحدة: مرت صناعة الغاز الطبيعي منذ سنوات قليلة في الولاياتالمتحدة من خلال هذه الدورة عندما أوقعت عدة شركات نفسها في مشاكل بسبب غمرها أسواق العالم بالغاز، محطمة الأسعار بهذه العملية وفي نفس الوقت محطمة نفسها. ففي أواسط عام 2012، أصبحت أسعار الغاز منخفضة جداً لدرجة أصبحت معها عمليات الحفر غير مجدية. ولكن ما يزال عدد حفارات الغاز الطبيعي في هذا الحقل غير قريب من العودة إلى العدد الذي كان عليه قبل سنوات قليلة.