وصف باحثون ومفكرون بالمدينةالمنورة الارهاب بأنه آفة العصر ضد الأمم والشباب وجريمة إنسانية خطيرة مهما كانت دوافعه، وشددوا على ضرورة تضافر كافة الجهود لاستئصالها وبيان أخطارها المحدقة على الشباب والجماعات. تطرف فكري أكد الباحث والمفكر التربوي وعميد كلية التربية بجامعة طيبة الدكتور محمد الخطيب أنّ ظاهرة الإرهاب تُصنّف ضمن التطرف الفكري، وهي ظاهرة قديمة لكنها تغيّرت بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير، بسبب العولمة والغزو الثقافي والشعور بالاغتراب، ووجود بعض الأفراد أو المؤسسات الداعمة محلياً أو دولياً. وأضاف: إنه من المؤسف أن الشباب يمثلون أكبر الشرائح المجتمعية المتورطة في قضايا الإرهاب، وخاصة الذكور منهم، ويعود اقتناع هذه الشريحة بفكر التطرف والإرهاب، إلى ضعف قدرتهم على التمييز بين الخطأ والصواب، وضعف قدرتهم على إدراك القيم الدينية والمجتمعية، وأضاف: إن العديد من الدراسات تناولت موضوع الإرهاب، ومن عدة زوايا، فبعضها ركّز على موقف الدين من الإرهاب، وبعضها ركّز على القانون وعلاقته بالإرهاب، والبعض الآخر ركّز على الإرهاب وعلاقته بالجريمة المنظمة، فيما ركّزت دراسات أخرى على الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن الإرهاب والأسباب المؤدية للإرهاب، ودور المؤسسات المدنية في مواجهته ومكافحته. فهم خاطئ وزاد الخطيب بقوله: إن خطر الإرهاب والجماعات الإرهابية على الشباب يتمثل في عدة جوانب منها نقل العديد من الأفكار الخاطئة والمنحرفة عن الدين وعن السياسة والاقتصاد والتربية والإعلام والثقافة وغيرها، وتكوين جماعات متطرفة ومعادية للمجتمع، والتشويش على فكر الشباب، وصرفه عن جوانب الحياة الطبيعية، وإيهامهم بوعود غير ممكنة التحقّق. وكذلك تعويد الشباب على الخروج عن قواعد الأسرة وتقاليدها وعن قواعد الضبط الاجتماعي والقيم المتعارف عليها، مما يجعلهم يعيشون في أنماط من المتناقضات، وتسطيح أفكارهم عن الهموم والبرامج المجتمعيّة، وإبعادهم عن المدارس والمعاهد والجامعات تحت حجج واهية، وكذلك الإساءة إلى شخصيات الشباب وفطرتهم وتحويلهم إلى شخصيات مدمّرة نفسياً، وبثّ أفكار خارجة عن الدين من خلال سوء تفسير النصوص الدينية، وتكوين فكر مناهج خفية لدى الشباب، وأشار إلى أنّ هناك عوامل كثيرة لعبت دوراً كبيراً في نشر الأفكار المتطرفة والإرهابية، منها العجب بالذات، وتقديس بعض المتقدمين أو المغالاة فيهم والفهم الخاطئ والجهل والهوى، وفتنة الاتباع، و«الشغوط» المتوالية، وغير ذلك من أسباب. وقاية وعلاج وشدّد الخطيب على أنَّ حكومة المملكة العربية السعودية قامت بجهود بارزة في مكافحة الإرهاب عبر الطرق الوقائية والعلاجية، حتى باتت المملكة واحدة من أكثر الدول في العالم خبرة في التعامل مع هذه الظاهرة، ومن أهم تلك الجهود، عقد العديد من اللقاءات والندوات والمؤتمرات العالمية من أجل بحث ظاهرة الإرهاب وتبيان أخطارها، وكذلك إعادة النظر في العديد من الأساليب الأمنية الوقائية وتكثيف الجهود الأمنية على نطاق واسع، وتفعيل الأساليب الإعلامية والتربوية لمكافحة هذه الظاهرة وتبيان أضرارها، وكذلك الدعوة إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب ودعمه وتمويله. ثوابت شرعية من جانبه اكد امين عام مؤتمر الإرهاب الثاني -الذي عقد مؤخراً في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة- البرفيسور الدكتور محمد بن يوسف عفيفي أن الإرهاب آفة خطيرة، وينبغي أن تتضافر كافة الجهود لاستئصالها وبيان أخطارها المحدقة على الشباب والجماعات، وأشار إلى أن الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، قد اضطلعت بدور مهم في تناول ظاهرة الإرهاب وقضاياه عبر تنظيم المؤتمرين الأول والثاني للإرهاب، والذي شارك فيه باحثون ومختصون ودارسون من جنسيات متعددة، وأضاف: إن مؤتمر الإرهاب الثاني أقيم قبل خمسة أشهر تحت مظلة الجامعة وعمل على تحقيق أهداف متعددة، منها التأكيد على حفظ الضروريات الخمس، وإبراز مكانة الثوابت الشرعية وخطورة المساس بها، وبيان خطورة الافتئات على ولي الأمر في الفتوى والحكم، وكذلك بيان أهمية الاجتماع وخطورة التفرق والتحزب، وأيضاً بيان أسباب الانحراف في مفهوم الجماعة والاجتماع، مع التأكيد على تعزيز الوحدة الوطنية. آثار سيئة وأوضح عفيفي أنّ محاور المؤتمر تناولت مفهوم الجماعة ووسائل حفظها والتحذير من مخالفتها، وتوضيح مفاهيم الافتراق والتحزب وآثارهما السيئة وطرق علاجهما، والتطبيق العملي لمفهوم الجماعة شرعاً في المملكة العربية السعودية، وكذلك دور مؤسسات الدولة الشرعية والتعليمية والتربويّة والاجتماعية والخيرية والثقافية والإعلامية في الحفاظ على الجماعة.