جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوجيه العلماء والمشائخ وكافة شرائح المجتمع لمواجهة خطر الهجمة الشرسة التي يمارسها أعدائنا ضد وطننا مستهدفين أمنه ومكتسباته ومقدراته، والتغرير بشبابه وتمزيق وحدته الوطنية، كاشفاً –حفظه الله– حجم هذه الاستهداف المضلل، مستنهضاً همّة الجميع للوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة وكشف حقيقتها وخطرها على أمن الوطن وشبابه الذين يتم التغرير بهم واستقطابهم وجعلهم كأدوات في محرقة تلك الصراعات الدامية، حيث تحركهم وتلعب بهم تلك الأصابع الإرهابية لممارسة القتل والتخريب، ويذهبوا ضحية تلك الصراعات وما يتبع ذلك من تهديد لأمن الوطن، داعياً الجميع وفي مقدمتهم العلماء لمواجهة هذا الاختطاف وضرورة التصدي له بكل الوسائل من خلال تصحيح المفاهيم وتبصير المجتمع وكشف الحقائق لإحباط تلك المخططات الشيطانية المدمرة، ونبذ الكسل والتخلي عن الصمت تجاه ما يجري، واستشعار المسؤولية وتوجيه أفراد المجتمع إلى الالتفاف خلف قيادته وتعزيز اللحمة الوطنية لكافة أفراد المجتمع، لتقف سداً منيعاً أما ما يريده الأعداء لهذه البلاد. د.المشيقح: هناك من يناصر جماعة مخالفة أكثر من دفاعه وغيرته على وطنه وولاة أمره غياب الدور وقال «د. إبراهيم المشيقح» -الأستاذ المشارك بجامعة القصيم- إن كلمة خادم الحرمين الشريفين جاءت في هذه الظروف الحرجة التي تعيشها منطقتنا العربية ليؤكد أن هناك مخططات إرهابية تستهدف أمن دول المنطقة وبالذات بلاد الحرمين الشريفين وأمنها ومقدساتها ومكتسباتها، موضحاً أننا طوال هذه الفترة ونحن نعيش في صراعات مع المصطلحات التي يمليها علينا أعدائنا ويغلفونها بغلاف الدين، وبالتالي يأخذ بها الكثير من أبنائنا مع غياب دور العلماء الذين يجب أن يكون لهم أثر واضح حيال هذه المصطلحات، كما أن عدد من أبنائنا غرر بهم ونسمع بين الفينة والأخرى أنهم التحقوا بهذه الجماعة أو تلك، وما كان هذا ليكون لو كان هناك دور فاعل من العلماء، ولكن للأسف ترك المجال لأعدائنا الذين زينوا لشبابنا تلك الأفعال مما جعلهم يلتحقون بها. وأضاف:»لذلك جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين صريحة واضحة لمخاطبة العلماء وتوجيههم، وأن هذا ليس وقت الصمت أو الكسل أو التخاذل»، منبهاّ -حفظه الله- العلماء أجمع أنهم مسؤولون أمام الله عز وجل عن تلك الأحداث وعن ما يتعرض له أبنائنا من تغرير واستقطاب، مؤكداً على أن هذا هو دور العلماء وواجبهم تجاه دينهم ووطنهم. وأشار إلى أننا نلمس من هذه الكلمة القيمة أن الملك -حفظه الله- كان يتابع وبدقة تلك الفتن التي ضربت أطنابها في كل جزء من وطننا العربي ولا تخلو المملكة من هؤلاء الذين يحاولون إحداث الفتنة في هذه البلاد، حيث أكد الملك في توجيهه أننا أمام خطر أراده لنا الأعداء، وهناك من استجاب لهم من الداخل؛ نتيجة فراغ الساحة من التصدي لهؤلاء من المجتمع بكافة شرائحه وعلى رأسهم العلماء، كما نستشف من كلمته -رعاه الله- أن الإرهاب لا وطن له ولا صديق له فالذين يستخدمون الإرهاب لأهدافهم وسياساتهم سيندمون ويدركون خطورة ما يفعلون، لذلك أكد الملك أن على الجميع أن يقف في وجه الإرهاب وكشف مخططاته. مرحلة خطرة وقال «د. المشيقح» إن كل الجماعات الإرهابية تقاتل لمصلحة أعداء الأمة الإسلامية، وما نراه اليوم من جماعة «داعش» الإرهابية من قتل وتخريب يؤكد ذلك، موضحاً أن هذه المخاطر التي تستهدف وطننا ووحدتنا نراها للأسف الشديد غائبة عن كثير من المواطنين، وبالذات رجال الفكر والمثقفين وأصحاب المنابر، ونلمس ذلك من خلال ما تزخر به برامج التواصل الاجتماعي من دسائس ومغالطات وتشويه لصورة هذه البلاد وعلمائها ومنهجها، وتدعيم تلك الإساءات بخلق وابتداع مصطلحات شيطانية الهدف منها خلق فجوة بين المواطن وولاة الأمر في هذه البلاد، مشيراً إلى أنه يتم الترويج لمثل تلك المصطلحات حتى أصبحت من المسلمات التي يوصم بها الأشخاص الذي يدينون بالولاء لبلادهم وقيادتهم وعلمائهم، حتى أصبح للأسف البعض يناصر جماعة مخالفة أكثر من دفاعه وغيرته على وطنه وولاة أمره، وهذا ما نلمسه عبر إعلام برامج التواصل الاجتماعي، فهل أوحى خطباء المنابر والمثقفون إلى خطورة ذلك ونبهوا إلى أن هناك أعداء في الداخل والخارج يريدون اختراق صفوفنا ووحدتنا؟. وأضاف أن هناك أشخاص من بني جلدتنا نراهم للأسف يحاولون النيل من أمن واستقرار هذه البلاد، من خلال تغريداتهم في برامج التواصل الاجتماعي المتعددة، والتي لا تصب في مصلحة الوطن والمواطن، ولا بمصلحة الدين؛ لذلك يجب أن يراجعوا أنفسهم، وأن ما يقومون به من وجه نظري هي إساءة للوطن والمواطن ولن يغفر لهم المواطن ذلك، وعليهم أن يكونوا أكثر حكمة مهما كانت الإفرازات الداخلية لديهم، إلاّ أن أمن الوطن أكبر من الجميع وأكبر من المصالح الشخصية، مؤكداً أن من أمن الوطن عدم استثارة مواطنيه بقرارات لا تخدمهم، أو تزيد من إنفاقهم. سد الثغرة! من جانبه قال «د.يوسف الرميح» -أستاذ علم الجريمة والإرهاب بجامعة القصيم- إن كلمة خادم الحرمين الشريفين أتت في وقتها المناسب؛ لتسد ثغرة أمنية وفكرية انفتحت على المجتمع منذ فترة مما جعل بعض أبنائه يشذون عن طريق الحق، ويلتحقون بجماعات القاعدة وداعش والنصرة وغيرها من المنظمات والأحزاب الضالة، مشيراً إلى أن هذه الثغرة لن تُسد إلاّ بتكاتف وتعاون وتبيان وإيضاح من مشائخنا وعلمائنا الأجلاء وخطباء الجمعة، حيث إن لهم تأثير مباشر على الشباب، داعياً إلى نزولهم إلى الشباب ومحاورتهم والأخذ والرد معهم على مستوياتهم الفكرية المختلفة، وكذلك عليهم بيان خطورة مثل هذه التنظيمات والأحزاب، وعليهم أيضاً بيان وجوب طاعة ولي الأمر وبيان أهمية الأمن في المجتمع. وأضاف أن عدداً من الشباب لم يذهب لهذه المنظمات وهذه الأحزاب إلاّ لفكرة أن هذه التنظيمات هي أقرب إلى الله وأنها جهاد في سبيله؛ فأين علماؤنا الأفاضل ومشائخنا عن تبيان أن هذا مسلك خاطئ وخطر وليس من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟؛ لأن كل مُحدث في الدين بدعة، والشباب يحتاجون إلى من يقودهم في الجوانب الشرعية ويبين لهم الحق من الباطل والصح من الخطأ والسنة من البدعة. وأشار إلى أنه يجب على أفراد المجتمع الآخرين من معلمين ومعلمات بيان هذه الأمور وخطر هذه التنظيمات والأحزاب وخطر التحزب والالتحاق بهذه الجماعات على الطلاب والطالبات بشكل يومي وبشكل يرغبه الطلاب، وكذلك هناك دور على وسائل الإعلام المختلفة لتواكب الحدث وتكون عوناً لأجهزة الدولة للإيضاح والتبيين ونشر الفكر الوسطي الصحيح، وأيضاً الدور على المثقفين عموماً في محاورة الشباب وتبيان خطر هذه المنظمات وهذه الأحزاب عليهم وعلى وطنهم. وقال إن كلمة خادم الحرمين الشريفين تعزز من مسؤولية المواطن، وأن يكون فعلاً رجل أمن بحسه وفكره وسلوكه، فكلٌ مسؤول على حسب موقعه، ولا مكان لصامت بيننا؛ لأنه عندما يكون وطننا في المحك يكون السكوت جريمة، داعياً إلى تضافر جميع الجهود بقيادة علمائنا ومثقفينا لحرب الإرهاب والأحزاب والتحزبات وإرجاع الشباب إلى جادة الصواب لنشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل البعيد عن التشدد والتكفير. وأضاف:»لابد من وقفة ومحاسبة صريحة وقوية لمن يحرّض شبابنا ويدفعهم للموت وقتال الجبهات، وأن السكوت عليهم لا يكفي هنا؛ فإن إنكار المنكر يلزم بالبيان والتوضيح، ولذلك على كل منصف وعاقل أن يبلغ الجهات الأمنية عن كل من يحاول إثارة الشباب ونشر الفكر التكفيري المتطرف بينهم، أو الدعوة لهذه الأحزاب والجماعات»، داعياً الجهات الأمنية أن تتابع كل ما يكتب في برامج التواصل الاجتماعي، وأن تلاحق من يثبت إثارته للشباب، مشدداً على دور رب الأسرة في الاهتمام بأبنائه وملاحظة تعاطيهم مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، متمنياً فعلاً سماع فتاوى صريحة وواضحة من علمائنا الأفاضل في هيئة كبار العلماء بهذا الخصوص، حتى يعرف الشباب أن ما قد يقومون به أو يكتبونه سوف يسألون عنه وأنه خطأ بحق أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ووطنهم. مواجهة الغلو والتطرف وقال «إبراهيم الغنام» -تربوي بتعليم القصيم- إن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لم يقل مثل هذا التوجيه لعلمائنا الأفاضل إلاّ بعد ما رآه من هذه الفئات الضالة التي أفسدت وظللت كثيراً من الشباب في الوطن العربي والإسلامي، واستهدفت بشكل كبير شباب هذا الوطن؛ فأراد -حفظه الله- أن يؤدي كل منهم دوره ومسؤوليته في هذا الجانب؛ فعلماؤنا ومشايخنا يقع عليهم الدورالأكبر، وذلك بالنصح والتوجيه عبر المحاضرات والندوات والدروس وفتاويهم ونقلها عبر وسائل الإعلام، ثم بعد ذلك يأتي دور المجتمع لتحصين شبابنا من هذا الغزو الفكري وتحديداً الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد، وتحذيرهم مما يراد بهم وبوطننا، وتنشئتهم على حب الوطن وحماية العقيدة من التطرف الفكري، والحذر من كل فكر ضال ودخيل على مجتمعنا الذي اتسم بالوسطية وتربى على منهج أهل السنة والجماعة، والتواصل مع الجهات المختصة لحماية أبنائنا من هذا الغلو والتطرف والأفكار الهدامة. وأضاف:»من هنا نتمنى من جميع علمائنا ومشائخنا الأفاضل التفاعل والاستجابة مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين وأن يؤدوا هذه الأمانة التي حملوا إياها من ولي الأمر، وهي مسؤولية عظيمة»، مشيراً إلى أن هذه التوجيه الملكي الكريم لأصحاب الفضيلة العلماء والمشائخ الأفاضل ينطلق من حرصه -حفظه الله- على شباب هذا الوطن، وحمايتهم من التغرير بهم والإساءة إلى أفكارهم واختطافهم باسم الدين. د. إبراهيم المشيقح د. يوسف الرميح إبراهيم الغنام