اندلعت معارك ضارية الجمعة من حول بنتيو بولاية الوحدة في شمال جنوب السودان، رغم تلويح الاممالمتحدة بعقوبات اذا استمر النزاع الذي يدخل شهره التاسع، وفق ما أفاد متمردون وعاملون في المجال الانساني والدبلوماسي. وتعد ولاية الوحدة منذ بداية النزاع في ديسمبر الماضي احد اكبر ميادين المعارك لا سيما بنتيو التي سيطر عليها كلا الطرفين مرارا، وشهدت مجازر عرقية مروعة وباتت مدرة مهجورة. وتحدث لول رواي كوانغ الناطق العسكري باسم المتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار عن معارك في جنوب وشرق بنتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية، وكذلك في بلدة ايود بولاية جونقلي الشرقية. وأكد ان هذه المعارك تشكل بداية "هجوم حكومي متوقع منذ مدة طويلة". وقال تيموثي نغيواي الموظف في منظمة كير غير الحكومية في بنتيو لوكالة فرانس برس: "سمعنا دوي قصف مدفعي كثيف صباح الجمعة"، موضحا ان الموظفين لجأوا الى مخابئ قبل استئناف العمل والمعارك تبدو بعيدة. من جانبه، أكد السفير البريطاني في جوبا يان هيوز حدوث مواجهات حول بنتيو. وقال: ان الوضع "مخيب للآمال" بعد يومين من زيارة ممثلي الدول الخمس عشرة الاعضاء في مجلس الامن الدولي الى جنوب السودان. وأجرى الوفد محادثات مع زعيمي المعسكرين رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار. وقال السفير البريطاني في الاممالمتحدة مارك لايل غرانت الذي يتولى حاليا رئاسة مجلس الامن الدولي: "اجرينا محادثات مع رئيس (جنوب السودان) سلفا كير و(نائبه السابق) رياك مشار، لكننا لم نسمع منهما شيئا يجعلنا نأمل في اتفاق سريع في محادثات اديس ابابا". والتقى ممثلو الدول ال15 الاعضاء في مجلس الامن الدولي كير الثلاثاء في جوبا قبل التحادث عبر اتصال فيديو مع مشار الذي انتقل الى التمرد في ديسمبر مع قسم من الجيش. وقال لايل غرانت: ان هذه المحادثات "مخيبة للآمال". واضاف: ان "كلاهما اقر بأنه لا حل عسكريا للازمة لكن مواقفهما ما زالت متباعدة جدا". وأكد غرانت ان وفد مجلس الامن الدولي ابلغ بشكل واضح كير ومشار بأنه "ستكون هناك عواقب للذين يقوضون عملية السلام، ولا يريدون وضع مصالحهم الشخصية جانبا لمصلحة الشعب". من جانبه، قال السفير البريطاني في جنوب السودان: ان "الوضع اصلا ميؤوس منه"، و"على المسؤولين السيطرة على قواتهما". وتعذر الاتصال بجيش جنوب السودان في الوقت الراهن، ولم يتسن الاتصال بأي مصدر في ايود. وقتل الآلاف وربما عشرات الآلاف ونزح اكثر من مليون ونصف ساكن من ديارهم منذ اندلاع النزاع في 15 ديسمبر 2013 داخل جيش جنوب السودان الذي كانت تهزه خلافات سياسية وعرقية ازدادت تفاقما بسبب العداوة بين سلفا كير ورييك مشار على رأس النظام. وانضمت مليشيات قبلية الى المعارك التي تخللتها مجازر وفظاعات قامت على اسس قبلية، تركت في المجاعة سكان احدث دولة في العالم استقلت في يوليو 2011 بعد حرب دامت عقودا ضد الخرطوم. وفي قاعدة الاممالمتحدة في بنتيو التي تغمرها الاحوال خلال موسم الامطار يتكدس اكثر من اربعين الف شخص فروا من اعمال العنف، وخصوصا من قلة الطعام في ظروف اعتبرتها منظمة اطباء بلا حدود "رهيبة". وقالت المنظمة: ان ثلث اللاجئين في القاعدة هم اطفال تقل اعمارهم عن خمس سنوات يموت كل يوم واحد منهم. ولجأ حوالى مئة الف شخص الى قواعد الاممالمتحدة في مختلف انحاء جنوب السودان، خوفا من الخروج والتعرض الى المجازر بسبب انتماءاتهم العرقية. وسقط آلاف بل عشرات الآلاف من الاشخاص قتلى ونزح اكثر من 1,5 مليون شخص من منازلهم؛ بسبب النزاع الذي اندلع في 15 ديسمبر 2013 داخل جيش جنوب السودان الذي تزعزعه خصومات سياسية قبلية تفاقمت مع العداوة الشرسة بين سلفا كير ورياك مشار على رأس النظام. والمحادثات التي بدأت في يناير في اديس ابابا لم تثمر حتى الآن، فيما انتهت مهلة الستين يوما التي تعهد كير ومشار خلالها بتشكيل حكومة وحدة الأحد من دون تحقيق اي نتيجة. وبالرغم من اتفاقين لوقف اطلاق النار تم التوصل اليهما في يناير ومطلع مايو، فإن المعارك المترافقة مع مجازر ذات طابع قبلي ما زالت مستمرة في الدولة الفتية المستقلة فقط منذ يوليو 2011 بعد عقود من النزاع الدامي مع الخرطوم.