استمرت المعارك أمس في جنوب السودان، في حين يبدو أن المفاوضات التي بدأت في أديس أبابا بين حكومة جوبا والمتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار، ستطول كثيراً. ميدانياً، أكد كلا الطرفين، قوات التمرد وجيش جنوب السودان، وقوع معارك في مدينة بور الاستراتيجية كبرى مدن ولاية جونقلي الجنوبية التي يسيطر عليها المتمردون حالياً، بعد أن انتقلت السيطرة عليها ثلاث مرات من طرف إلى الآخر. وتدور معارك أخرى في ولاية أعالي النيل النفطية، حيث تحدث المتمردون عن انضمام منشقين آخرين من جيش جنوب السودان إليهم. وصرح موزس رواي لات الناطق باسم حركة التمرد، بأن «قواتنا بصدد التنسيق فيما بينها»، مؤكداً أن المتمردين مستعدون للهجوم على ملكال كبرى مدن أعالي النيل، وحتى على العاصمة جوبا. ومن أديس أبابا شدد ناطق آخر باسم المتمردين على أن هؤلاء لن يوقعوا أي اتفاق لوقف إطلاق النار طالما لم تفرج حكومة جوبا عن حلفائهم المعتقلين منذ بداية المعارك. وتعتبر مسألة الإفراج عن هؤلاء الأسرى وعددهم 11، من أهم نقاط المفاوضات التي بدأت الإثنين في العاصمة الإثيوبية. وشدد متحدث آخر هو يوهانس موسى بوك، على أنه «لابد من الإفراج عن رفاقنا كي يتمكنوا من الذهاب إلى (أديس أبابا) والمشاركة في المباحثات»، مؤكداً «ننتظر الإفراج عن أسرانا، وعندما يفرجون عنهم سنوقع حينها اتفاق وقف إطلاق النار». كذلك ضغطت الهيئة الحكومية لتنمية شرق إفريقيا (إيجاد) التي ترعى مفاوضات أديس أبابا، من أجل الإفراج عن الأسرى الأحد عشر، لكن جوبا ما زالت حتى الآن ترفض ذلك، معتبرة أنه يجب محاكمتهم بشكل عادي. وبالتالي، فإن المباحثات تراوح مكانها، لكن سفير جنوب السودان في باريس كوول أنديرو أكون أكيش، أعرب عن قناعته بضرورة مواصلة المباحثات، مشدداً على الجانب «السياسي المحض» في النزاع. ويشهد جنوب السودان، الدولة الفتية التي استقلت في يوليو 2011، معارك منذ 15 ديسمبر بين الجيش وقوات موالية لمشار، أسفرت عن سقوط آلاف القتلى ونزوح حوالي 200 ألف شخص وفق الأممالمتحدة. واندلع النزاع بين وحدات في الجيش موالية للرئيس سلفا كير وأخرى موالية لنائبه السابق رياك مشار المقال في يوليو، لكن المعارك تفاقمت عندما انضم إلى متمردي مشار ضباط في الجيش ومليشيات قبلية. ويتهم سلفا كير رياك مشار بالقيام بمحاولة انقلاب، لكن الأخير ينفي ويتهم بدوره كير بالسعي إلى تصفية كل خصومه. ووردت معلومات عن مجازر وعمليات اغتصاب ذات طابع قبلي من المعسكرين، ووعدت الأممالمتحدة بالتحقيق فيها لأن النزاع اتخذ بعداً قبلياً بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي إليها سلفا كير والنوير التي ينتمي إليها رياك مشار. ويتفاقم الوضع الإنساني في الأثناء. وقال رئيس العمليات الإنسانية في الأممالمتحدةبجنوب السودان توبي لانزر «إننا نواجه كارثة إنسانية»، مضيفاً «إنها فترة خطيرة بالنسبة للبلاد ويجب أن تتوقف المعارك».