اندلعت معارك ضارية الجمعة حول بنتيو في ولاية الوحدة في شمال جنوبي السودان على رغم تلويح الأممالمتحدة بعقوبات اذا استمر النزاع الذي يدخل شهره التاسع، وفق ما أفاد متمردون وعاملون في المجال الإنساني والديبلوماسي. وتعد ولاية الوحدة منذ بداية النزاع في كانون الاول (ديسمبر) الماضي أحد أكبر ميادين المعارك، لا سيما بنتيو التي سيطر عليها كلا الطرفين مراراً، وشهدت مجازر عرقية مروعة وباتت مدرة مهجورة. وتحدث لول رواي كوانغ الناطق العسكري باسم المتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار عن معارك في جنوب وشرق بنتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية وكذلك في بلدة ايود بولاية جونقلي الشرقية. وأكد أن هذه المعارك تشكل بداية "هجوم حكومي متوقع منذ مدة طويلة". وقال الناطق باسم جيش جنوب السودان اللفتنانت كولونيل جوزف مارييه صموئيل لوكالة "فرانس برس" بعد ظهر اليوم إن "هناك معارك ما زالت دائرة حتى الآن". وأضاف "انه استمرار لانتهاك وقف إطلاق النار"، مؤكداً أن قوات جنوب السودان ردت "للدفاع عن النفس". وعلى رغم اتفاقين لوقف اطلاق النار تم التوصل اليهما في كانون الثاني (يناير) ومطلع أيار (مايو)، فإن المعارك المترافقة مع مجازر ذات طابع قبلي ما زالت مستمرة في الدولة الفتية المستقلة فقط منذ تموز (يوليو) 2011 بعد عقود من النزاع الدامي مع الخرطوم. وأكد الناطق باسم الجيش أيضا أن المتمردين "هاجموا فجر الجمعة المواقع الحكومية في ايود، لكن تم صدهم وانتهت المعارك منذ الصباح". وقال تيموثي نغيواي الموظف في منظمة كير غير الحكومية في بنتيو لوكالة فرانس برس "سمعنا دوي قصف مدفعي كثيف صباح اليوم"، موضحاً أن الموظفين لجأوا الى مخابئ قبل استئناف العمل والمعارك تبدو بعيدة. من جانبه، أكد السفير البريطاني في جوبا يان هيوز حدوث مواجهات حول بنتيو. وقال إن الوضع "مخيب للآمال" بعد يومين من زيارة ممثلي الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الى جنوب السودان. وأجرى الوفد محادثات مع زعيمي المعسكرين رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار. وقال السفير البريطاني في الأممالمتحدة مارك لايل غرانت الذي يتولى حالياً رئاسة مجلس الأمن الدولي، "أجرينا محادثات مع الرئيس (جنوب السودان سلفا) كير و(نائبه السابق) رياك مشار لكننا لم نسمع منهما شيئاً يجعلنا نأمل في اتفاق سريع في محادثات أديس أبابا". والتقى ممثلو الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي كير الثلثاء في جوبا قبل التحادث عبر اتصال فيديو مع مشار الذي انتقل الى التمرد في كانون الاول (ديسمبر) مع قسم من الجيش. وقال لايل غرانت إن هذه المحادثات "مخيبة للآمال"، وأضاف أن "كلاهما اقر بأنه لا حل عسكرياً للأزمة لكن مواقفهما ما زال متباعدة جدا". وأكد غرانت أن وفد مجلس الأمن الدولي أبلغ بشكل واضح كير ومشار بأنه "ستكون هناك عواقب للذين يقوضون عملية السلام ولا يريدون وضع مصالحهم الشخصية جانبا لمصلحة الشعب". وقال السفير البريطاني في جنوب السودان ان "الوضع اصلا ميؤوس منه"، و"على المسؤولين السيطرة على قواتهما". وتعذر الاتصال بجيش جنوب السودان في الوقت الراهن ولم يتسن الاتصال بأي مصدر في ايود. وقتل الآلاف وربما عشرات الآلاف ونزح اكثر من مليون ونصف ساكن من ديارهم منذ اندلاع النزاع في 15 كانون الاول (ديسمبر) 2013 داخل جيش جنوب السودان الذي كانت تهزه خلافات سياسية وعرقية ازدادت تفاقما بسبب العداوة بين سلفا كير ورييك مشار على رأس النظام. وانضمت مليشيات قبلية الى المعارك التي تخللتها مجازر وفظاعات قامت على اسس قبلية، تركت في المجاعة سكان أحدث دولة في العالم استقلت في تموز (يوليو) 2011 بعد حرب دامت عقوداً ضد الخرطوم. وفي قاعدة الاممالمتحدة في بنتيو التي تغمرها الأحوال خلال موسم الأمطار، يتكدس أكثر من أربعين ألف شخص فروا من أعمال العنف، وكذلك من قلة الطعام في ظروف اعتبرتها منظمة أطباء بلا حدود "رهيبة". وقالت المنظمة إن ثلث اللاجئين في القاعدة هم أطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات يموت كل يوم واحد منهم. ولجأ حوالى مئة الف شخص الى قواعد الأممالمتحدة في مختلف أنحاء جنوب السودان خوفاً من الخروج والتعرض الى المجازر بسبب انتماءاتهم العرقية. وسقط آلاف بل عشرات آلاف الأشخاص قتلى ونزح أكثر من 1,5 مليون شخص من منازلهم بسبب النزاع الذي اندلع في 15 كانون الاول (ديسمبر) 2013 داخل جيش جنوب السودان الذي تزعزعه خصومات سياسية قبلية تفاقمت مع العداوة الشرسة بين سلفا كير ورياك مشار على رأس النظام. والمحادثات التي بدأت في كانون الثاني (يناير) في أديس ابابا لم تثمر حتى الآن، فيما انتهت مهلة الستين يوماً التي تعهد كير ومشار خلالها بتأليف حكومة وحدة الأحد من دون تحقيق أي نتيجة.