النقص الواضح في بعض الخانات لدى الفرق السعودية ومنتخباتها نتيجة لنقص المواهب السعودية لشغلها، أتت نتيجة حتمية لقلة العمل الجاد والبحث عن هذه الجواهر في مكنون المواهب السعودية، والاستعانة بالمسكنات المؤقتة من العناصر الأجنبية لشغلها، ينذر باستمرار خروج منتخباتنا الوطنية من المحافل الدولية، نظرا للحاجة الملحة لوجود مواهب وقدرات شبابية سعودية تسهم في عودة الصقور الخضر للتحليق في سماء البطولات. وكنت كتبت في مقال سابق بعنوان "اللاعب الأجنبي عون ... أم فرعون"، وهذا التساؤل أنتج عدة آراء وردد، منها المؤيد ومنها المعارض، وبالأمس القرب صرح المدرب الوطني "المجتهد" يوسف عنبر مؤكدا اننا نعاني فعلاً من نقص المواهب وعدم إتاحة الفرصة للمواهب الموجودة بالمشاركة مع أنديتها، وانها من أهم الأسباب التي أدت إلى المشاركة الضعيفة للمنتخب الاولمبي في التصفيات المؤهلة لاولمبياد لندن، وأورد عدد من الأمثلة المدعمة بالأرقام، حيث قال ان المنتخب العماني شارك بثمانية لاعبين من الفريق الأول العماني وسجلهم في المشاركة مع أنديتهم المحلية حافل، وكذلك لاعبي المنتخب الكوري حيث إن اغلبهم يحمل في سجله أكثر من 20 مباراة لعبوها مع أنديتهم وبعضهم محترفين في الأندية اليابانية، وهذه شهارة تنقل واقعاً نعايشه. لإصلاح هذا الخلل الذي بدأ ينتشر في عدد من الخانات يجب أن نضع الصالح العام أمام أعيننا، والقيام بعدة خطوات، نبدؤها بالحرص على تفعيل دور المدارس والأكاديميات بالأندية، الكبيرة منها والصغيرة، وان يسهم رجال الأعمال وأعضاء الشرف في دعم هذه الأكاديميات وتوفير الطاقات التدريبية والإدارية المتخصصة. وهي من اهم الخطوات التي يجب ان نحرص عليها. وإعادة النظر في تقليص عدد المحترفين الأجانب إلى 2+1 لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المواهب السعودية لإثبات استحقاقها لشغل هذه الخانات، وان نوقف استقطاب "رجيع الأندية الخارجية" الذين يشوهون صورة الدوري السعودي رغم ان المأمول منهم أن يدعموه ويزيدوا من تألقه، مما يفقدنا الفائدة المرجوة من استقطابهم، وإمكانية الاستفادة منهم، ولكن الذي يحدث عكس ذلك فهم من يستفيد مادياً ومعنوياً، وذلك على حساب نجومنا ومواهبنا السعودية، لماذا لا يكون لدينا مقياس للمواصفات أو كما يعرف "استاندرد سعودي"، فان اجتازه اللاعب يسمح بتسجيله. كما يجب على إدارات الأندية النظر إلى المصلحة العامة للكرة السعودية قبل الخاصة، بدعم تسويق اللاعب السعودي للاحتراف الخارجي وتذليل جميع العقبات، وان يكون للاتحاد السعودي لكرة القدم يد في ذلك، نعلم جميعاً الفوائد والعوائد التي تنتج عن الاحتكاك مع الخارجي والتأقلم مع ثقافة الاحتراف السليم، وان يفرض على الأندية تطبيق الاحتراف الصحيح في دوري زين، بإجبار اللاعبين على التمارين الصباحية، والدوام الكامل والبرامج الغذائية المناسبة لكل لاعب، كما هو معمول به في نادي الشباب هذا الموسم، ونادي الهلال أيام جريتس، والجميع شاهد ويشاهد نتائج ذلك، فهل نشاهده لدى الجميع؟ وان وفرة المواهب تحيت للاندية عدة وفرص للاختيار من يتناسب مع احتياجهم، وأن ما حدث في صفقة الهلال مع "الموهبة الشابة" فواز فلاته وانضمامه للهلال أكبر دليل على ذلك، وإن الملاعب السعودية وحواريها تزخر بالنجوم والمواهب في جميع الخانات، وهم كالجواهر التي تحتاج إلي صقل لتلمع وتتألق، فهل ستجد هذه الجواهر الأكاديميات لصقلها، وتهيئها للاحتراف الحقيقي والصحيح بأسس علمية سليمة وبثقافة احترافية خلاف واقع احترافنا الحالي؟ بمرور الوقت سيكون لدينا وفرة كبيرة من المواهب والنجوم بعقليات احترافية تدعم احترافهم بالخارج، وستصبح الفرق الأوربية التي نحلم بالتصوير معهم تزخر بنجومنا. كلنا أمل بان نشاهد هذا واقعاً ملموساً وليس حلماً جميلاً بعيداً عن واقعنا المرير.