ارتفاع عدد ضحايا العنف في سوريا يضع الجامعة العربية أمام خيارات صعبة في كيفية التعاطي مع الأزمة السورية وهذا ما يدفع أمين الجامعة العربية إلى تصريحات يطلب فيها التعجيل بحماية المدنيين لوقف نزيف الدم المستمر منذ ثمانية أشهر. النظام السوري قدم الوعود للجامعة العربية ونكث بكل الوعود التي قطعها في تنفيذ المبادرة على أمل أن يغير الواقع من خلال استخدام القتل واحتلال المدن والأحياء وهو أمل بعيد وفيه احتيال على الرأي العام السوري والعربي والدولي، ومن المؤسف أن القيادة السورية لا تقوم بقراءة حقيقية للموقف وتعتمد على تقارير الأمن والاستخبارات المتورطة في سفك الدماء. حين يرفض الشعب حكامه بعد يأس من إصلاحهم يتخذ هؤلاء الحكام مسارات متعرجة للالتفاف على إصلاح أوطانهم مما يدفع إلى زيادة وتيرة العنف والاقتتال وهو سيناريو تم تجريبه في صدام العراق وقذافي ليبيا وبن علي تونس وكذلك في مصر واليمن وكأن التجارب السابقة لا تتكرر مع أن واقع حراك الشعوب يتكرر على مدى التاريخ فحين يثور شعب على حكامه الظالمين سرعان ما يتكرر السيناريو نفسه والعبرة الأخيرة فيمن استفاد من قراءة التاريخ. والرئيس السوري يردد دائما أن سوريا تختلف عن مصر وليبيا وتونس وهي أوهام تتم تغطيتها بتقارير الاستخبارات التي تحاك في الغرف السوداء. الاجتماع الوزاري المنعقد في المغرب سيقف مع الشعب السوري الأعزل ولن يقف بجانب نظام يتمتع بدموية مفرطة لأن مقاربات السياسة تعددت واختلفت عن السابق وها هو النظام السوري يجد نفسه كل يوم في عزلة أكبر من السابق. العرب ليسوا حريصين على استدعاء التدخلات الخارجية وقد أعطوا بشار الأسد الفرصة الكبيرة للوصول إلى تسوية مع المعارضة السورية من خلال رؤية عربية موحدة تأخذ في الاعتبار مصالح الشعب السوري ووحدة أرض سوريا لكن حين يعجز العرب عن الوصول إلى حل حقيقي في الأزمة ليسوا ملامين لما يمكن أن تؤول إليه الأمور وتتطور فيه الأوضاع حتى روسيا والصين الذي يتغنى وزير خارجية سوريا وليد المعلم بموقفهما سرعان ما سينفضان أيديهما من النظام ويؤيدان أي حل دولي قادم لأن مصالحهما مع الشعب السوري هي الباقية أما الأنظمة فسرعان ما تتبدل إذا لم تغير ثيابها وتتوافق مع تطلعات الشعوب. نأمل من النظام السوري أن ينفذ المبادرة العربية و يستجيب لتطلعات شعبه وألا يأخذه الغرور والمكابرة إلى السقوط للهاوية.