على الرغم من شكوى البعض من تدهور الساحة الشعبية وتدني مستوى شعرائها , فلا زال الشعر بخير بوجود العديد من الأسماء الشعرية المبهرة والتي لا يتسع المجال لحصرها. ولكن تبقى هناك حالات شعرية استثنائية يأتي في مقدمتها الشاعر المعجزة والظاهرة الشعرية المحيرة مالئ الدنيا وشاغل الناس الشاعر سعد بن جدلان. رددت أشعاره الجماهير من اليمن جنوبا الى الأردن والعراق والشام شمالا , ومن الخليج العربي الى ليبيا والصحراء الكبرى غرباً. فما سر انتشار هذا الشاعر البدوي الأمي والذي تعلم فك الخط كما يقول بالفراسة؟ ما سر انتشار هذا الشاعر البدوي الأمي والذي تعلم فك الخط كما يقول بالفراسة ؟ فشاعرنا لا يملك مقومات “فتى الغلاف” ولا يملك من الجاه والمال ما يسخر له المطبوعات والقنوات وحناجر المطربين, فلقد كان ومازال يعيش حياة بسيطة في منطقة شبه نائية. بعيداً عن عواصم الشعر ومنابر الإعلام. متى عيني تشوف اللي على قلبي ربيع ودار *** أشاهد للسعادة في حياة المجتمع صورة لا هلت مزون فوقهن تنعومتين صغار *** على ذيك اللباب اللي من الرضوان مغمورة لا منه أصحى سماء غرالمزون وشعشع النوار *** ودجاه أدلى سدوله والقمر متجلي نوره فهل هي بيئة الشاعر؟ أم هو الترحال وتجارب الحياة؟ أم الاستفادة من المتقدمين والمتأخرين؟ ولكن لماذا لم تخرج هذه البيئة ابن جدلان آخر؟ ولم تبرز هذه العوامل شعراء من طبقة شاعرنا؟ وهو القائل : ياللي تطلبون الشعر غيبه عليّ صعيب *** لولا خوفة النقاد طاوعت عشاقه أسرح بنات الفكر مني بكل شعيب *** وتضوي عليّ بالخرج ما جات بشلاقه أحسب أني إلي مني قنصت السّمان أصيب *** وأعيّن على روس المشاريف تفاقه
وإذا عنت له الشاردة اقتنصها : وشرد القرايح خزايزهن حذور جفول *** تسكن مساس الصدور وتدهل اقفورها يهدي هذه النصيحة الثمينة في قالب فكاهي : يا أخي الشاعر ترى ما فوق رأسك ريشة *** ما تحتك الا ظلالك ترمحه وتهبده إنها الموهبة الربانية التي اقترنت بالقبول ومن وهبه الله هاتين الخصلتين فلن يحتاج معهما الى شيء آخر : أعتقد من قابل الدنيا ولقته بقبلها *** عاش في برزخ سعيد القبر إلى يوم القيامة فشاعر “خارطة الطريق” و”كرمت ودمت” , يقول أحياناً ما لا يقبل من غيره : قام إيتسمع وش تقول القزوزات *** ليهي تقول ابغاك ممه وببّه الحديث عن شاعر بحجم ابن جدلان يحتاج إلى العودة مع كثير من المقالات التي تتحدث عنه فهو الشاعر الذي يهدي النصيحة الثمينة في قالب فكاهي، وهو الحكيم الفيلسوف غالباً والتلقائي.