انطلق الأحد استفتاء مصيري في السودان، قد يتمخض عنه انسلاخ الجنوب عن الشمال وتغيير خريطة القارة الأفريقية، بولادة الدولة 54 إقليمياً وال193على مستوى العالم، أو تعيد إطلاق شرارة حرب أهلية أخمدتها اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الجانبين. وحبس رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير الدمع ، خلال الإدلاء بصوته في الاستفتاء ، حيث أهدى عملية الاقتراع لزعيم الاستقلال جون جارانج الذي لقي حتفه عام 2005 في حادث تحطم مروحية ، ولجميع ضحايا الحرب. وأثار الاسستفتاء، الذي ارتاب الكثيرون في أن يجري في موعده، مخاوف من العودة إلى الحرب بين الشمال والجنوب. وهناك حوالي 3.9 مليون ناخب مسجل في جنوب السودان بالإضافة إلى حوالي 60 ألف ناخب من جنوب السودان جرى تسجيلهم في ثماني دول بينها كندا وإثيوبيا والولاياتالمتحدة وأستراليا وبريطانيا. ويستمر الاستفتاء حتى ال15 من الشهر الجاري ويتعين أن يدلى 60 بالمائة من الناخبين المسجلين بأصواتهم لكي يصبح الاستفتاء قانونيا. ويشرف على الاستفتاء الذي سيجري في 2700 مركز اقتراع في جنوب السودان و175 مركزا في شمال السودان أكثر من ألف أجنبي و15 ألف سوداني ، كما أن هناك نحو 88 مراقبا من جامعة الدول العربية سيشاركون في متابعةالاستفتاء. النتائج الاولية ووفقا للجدول الزمني للجنةالاستفتاء،ستعلن النتائج الأولية في أول فبراير المقبل ومن المتوقع إعلان النتائج النهائية في 14 من الشهر نفسه. وإذا اختار سكان الجنوب الانفصال فإن الأمر سيستغرق ما بين خمسة وستة أشهر لإتمام العملية القانونية للانفصال. ويُعد استفتاء التاسع من يناير أحد استحقاقات اتفاقية السلام الشاملة، التي وقعت في "نيفاشا" عام 2005، أنهيت بموجبها أطول حروب القارة الأفريقية دامت قرابة نصف قرن بين الشمال المسلم، والجنوب الذي يدين غالبية سكانه بالمسيحية وديانات أخرى. المراقبون مرتاحون وعبر عدد من المراقبين الدوليين عن ارتياحهم للترتيبات والتجهيزات التي تصاحب عملية الاقتراع لتحديد مصير جنوب السودان. وقال المراقبون ، إن الإجراءات تسير على قدم وساق بحسب ما وضع لها ، مشيرين إلى أن الإقبال على المراكز ضعيف في الساعات الأولى للاقتراع آملين أن يزداد الإقبال في الساعات القادمة وطيلة أسبوع الاقتراع.
أهدى سلفا كير زعيم الجنوب ونائب الرئيس السوداني عملية الاقتراع لزعيم الاستقلال جون جارانج الذي لقي حتفه عام 2005 في حادث تحطم مروحية ، ولجميع ضحايا الحرب وقال سلفا كير :"أعتقد أن دكتور جون (جارانج) وجميع من لقوا حتفهم معه بيننا اليوم ، وينبغي علي أن أؤكد أنهم لم يموتوا هباء".. مسئولية التفتيت وفي رد على سؤال بشأن ما قد يسجله التاريخ لحكومة الإنقاذ من "تفتيت" السودان إبان فترة حكمه، قالت سعاد عبد الرازق، وزيرة الدولة للتربية والتعليم، إن الحكومة الراهنة مسؤولة عن نتيجة الاستفتاء وحدة أو انفصالا، ورغم أن أجندة تقرير المصير كانت دوماً حاضرة، منذ الحكومات السابقة المتعاقبة، إلا أن حكومة الوحدة الوطنية نجحت في الخروج بالسودان من دوامة الحرب باتفاقية السلام، وهي الجهة الوحيدة التي التزمت بتنفيذ كافة بنودها بنسبة أكثر من 90 بالمائة وحتى النهاية، بعد الفشل في الوحدة التي أضحت منفذاً للتدخلات. وأضافت سعاد عبد الرازق، في حديث عبر الهاتف لCNN بالعربية: "السودان كله شمالاً وجنوباً سيتأثر اقتصادياً واجتماعياً، و لكن يبقى التحدي الأكبر في مواجهة حكومة الجنوب للنهوض بالدولة الوليدة وتأسيس مجتمع آمن، ويبقى التحدي الإقليمي عدم تكرار ذلك في بقية القارة الأفريقية." وفي سياق متصل، لفت رئيس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، ديفيد غريسلي، لاكتمال الاستعدادات لاستفتاء جنوب السودان قبيل التصويت التاريخي الأحد، مشيراً إلى مراكز الاقتراع البالغ عددها 2638 مركزا، ستفتح الأبواب في الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، وفق ما نقلت حكومة جنوب السودان على موقعها الإلكتروني. وعلى الصعيد الأمني، أكد الفريق محمد عطا المولى عباس، المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، استقرار الأوضاع الأمنية بالبلاد، وقال: إن عملية الاستفتاء ستمضي دون صعوبات واضطرابات بأية درجة. ومنذ اتفاقية "نيفاشا" تمتع جنوب السودان، بحكم ذاتي، له حكومته وجيشه، وتعتبر "جوبا" عاصمته الإقليمية، ومن أكبر الأقاليم الأخرى التابعة له "واو" و"ملكال" و"رومبيك" وأويل"، فيما تعتبر منطقة "أبيي" الغنية بالنفط، نقطة خلاف بين الجانبين، ومن المقرر أن يقام استفتاء خاص يقرر فيه أهالي المنطقة تبعيتها لأي من الشمال أو الجنوب. السودان الجديد ونقلت وسائل إعلام غربية أن اسم "السودان الجديد" بات هو الأقرب لاسم الدولة الجديدة في جنوب السودان، علماً بأن أسماء أخرى مطروحة منها "السودان الجنوبي"، و"جنوب السودان"، و"كوش." أوباما من جهته قال الرئيس الامريكي باراك اوباما: ان اجراء استفتاء هاديء ومنظم يمكن ان يضع السودان من جديد على طريق نحو اقامة علاقات طبيعية مع الولاياتالمتحدة وان اجراء استفتاء تسوده الفوضى سيؤدي الى مزيد من العزلة. واضاف باراك في مقال افتتاحي تنشره صحيفة نيويورك تايمز: ان العالم سيتابع الحكومة السودانية في الوقت الذي يبدأ فيه ملايين من السودانيين الجنوبيين في الادلاء باصواتهم في استفتاء تاريخي وان المجتمع الدولي مصمم على ان يكون التصويت منظما دون عنف. وقال باراك في المقال الذي نشره البيت الابيض السبت: اليوم اكرر عرضي على زعماء السودان..اذا انجزتم تعهداتكم واخترتم السلام فهناك طريق للعلاقات الطبيعية مع الولاياتالمتحدة بما في ذلك رفع العقوبات الاقتصادية وبدء عملية استبعاد السودان من قائمة الدول التي ترعى الارهاب وفقا لقانون الولاياتالمتحدة.وعلى النقيض من ذلك فهؤلاء الذين يخرقون تعهداتهم الدولية سيواجهون مزيدا من الضغط والعزلة. وقال اوباما: انه يجب السماح للناخبين بالادلاء باصواتهم دون ترهيب ويجب على كل الاطراف الامتناع عن الاستفزاز ويجب عدم الضغط على مسؤولي الانتخابات ويجب على زعماء كل من الشمال والجنوب العمل معا لمنع وقوع اعمال عنف. وقال اوباما ايضا: انه لا يمكن ان يكون هناك سلام دائم في السودان دون اقامة سلام دائم في اقليم دارفور بغرب البلاد حيث قتل مئات الالاف . واردف قائلا: انه يجب على الحكومة السودانية الوفاء بتعهداتها في دارفور ويجب توقف الهجمات على المدنيين ويجب السماح لقوات حفظ السلام وموظفي الاغاثة باداء عملهم. موسى: استفتاء جنوب السودان «حدث ضخم» وصف الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى امس عملية الاستفتاء على انفصال جنوب السودان بأنه حدث "ضخم في حاضر العرب". وقال موسى ، في خطاب امام البرلمان العراقي :" نحن نجتمع في اليوم الذي يجري فيه استفتاء في السودان قد يؤدي الى انفصال جنوب السودان عن شماله وهو حدث ضخم في حاضر العرب".وأكد أن الجامعة تتطلع الى عقد القمة العربية في بغداد في مارس المقبل من اجل ان يقود العراق العمل العربي المشترك. وقال موسى ، في خطاب امام البرلمان العراقي :" نحن جميعا نتطلع للقمة العربية التي بانعقادها في بغداد سيقود العراق دوره القيادي في العمل العربي المشترك للعام القادم.
الصحف البريطانية: لا اسم للدولة الجديدة حتى الآن أفردت الصحف البريطانية مساحة كبيرة لتغطية الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، وعلى الرغم من عدم بروز هذا الملف على صفحات الأخبار، إلا أن صفحات الرأي والتقارير حفلت بالعديد من التغطيات بهذا الشأن. صحيفة الاندبندنت نشرت تقريرا للكاتب ديفيد راندال عن استفتاء تقرير المصير الذي يصفه بأنه "واحد من اختبارات الديمقراطية الفريدة". ويضيف الكاتب أن الملايين من سكان جنوب السودان "الذين عانوا من عقود من الحرب سيصوتون للانفصال عن الشمال وتكوين دولة جديدة". ويرى الكاتب أن الاستفتاء الذي يستمر أسبوعا يمثل "تطورا مشجعا في جزء من العالم حيث تندر أسباب التفاؤل". يعتقد أن نتيجة الاستفتاء ستكون لصالح الانفصال, لكن نادال يلفت النظر كذلك إلى افتقار الجنوب إلى البنية التحتية، مشيرا إلى أن منطقة تعادل في مساحتها فرنسا لا يوجد فيها أكثر من 38 ميلا من الطرق المعبدة. ويشير التقرير كذلك إلى أن الدولة الجديدة لا اسم لها حتى الآن وأنه لا اتفاق على حدودها بعد. ويرى العديد من الجنوبيين أن الاستفتاء سيضع حدا لمعاناتهم خلال العقود الماضية, رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو مبيكي كتب مقالا على صفحات الاوبزيرفر بعنوان "كل افريقيا تحتفل لرؤية هذا الاستفتاء السلمي". يقول مبيكي –الذي يقوم بجهود افريقية متواصلة لتحقيق السلام في اقليم دارفور غرب السودان- إنه سواء صوت الجنوبيون من أجل الوحدة أم الانفصال، "فإن النتيجة ستكون انتصارا لافريقيا". ويضيف "في ذلك اليوم، كان من الواضح بالنسبة لي أن القادة السودانيين ملتزمون بالسلام، وأنهم سيطبقون البنود الرئيسية للاتفاقية بأمانة". ويقول مبيكي: إن "الوفاة المأساوية" للزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق، جعل الكثير من الناس يتشككون في إذا ما كانت اتفاقية السلام الشامل ستطبق أم لا. لكنه يضيف أن خليفة قرنق في رئاسة الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت قد نجح في قيادة جنوب السودان إلى المرحلة الحالية "حيث يستطيع شعب جنوب السودان ممارسة حقهم في تقرير المصير". غير أن هذه الصورة المتفائلة التي رسمها مبيكي على صفحات الاوبزيرفر، كانت مقابلها صورة متشائمة على صفحات الصنداي تيليجراف. وأبرزت التيليجراف على صفحات الشؤون العالمية صورة لثلاث سيدات من جنوب السودان وهن يلوحن بعلامات النصر، لكن إلى جوار هذه الصورة كان عنوان الصحيفة يقول: "هل هو مولد دولة فاشلة؟". تقول الصحيفة في التقرير الذي أعده بيتر مارتل من جوبا وادريان بلومفيلد إن الاستقلال سيتحقق لجنوب السودان، لكن تحقيق السلام ليس مؤكدا. صورة قاتمة أخرى ترسمها صحيفة الصنداي تايمز عن أوضاع بعض الناجين من الحرب في جنوب السودان في تقرير دان ماكدوقال من جوبا. يقول الكاتب: إن جنوب السودان يستعد للتصويت في استفتاء تقرير المصير، لكن الحرب لا تزال متواصلة بالنسبة للبعض، في إشارة إلى بعض ضحايا الحروب الذين فقدوا عقلهم بسبب الحرب. السودان وجنوبه السودان الذي صوت الجنوبيون فيه الأحد في استفتاء حول تقرير المصير، اكبر دولة في افريقيا. الموقع الجغرافي: تحد السودان تسع دول هي مصر في الشمال وليبيا وتشاد وجمهورية افريقيا الوسطى في الغرب والكونغو واوغندا وكينيا في الجنوب واريتريا واثيوبيا في الشرق. ويطل ساحله في الشرق على البحر الاحمر على امتداد 800 كلم، ويعبره نهر النيل من الجنوب الى الشمال. مساحته: مليونان و505 الاف كيلومتر مربع اكبر بلد افريقي والعاشر عالميا بينها 589 الفا و745 كلم مربع للجنوب اي حوالى 24 بالمئة من البلاد. العاصمة: الخرطوم في الشمال، وجوبا في الجنوب. عدد السكان: 42 مليون نسمة توقعات 2009 بينهم 8,5 ملايين في الجنوب يشكلون عشرين بالمئة من مجمل سكان السودان. اللغة: العربية رسمية وتستخدم اللغة الانكليزية على نطاق واسع في الجنوب. الديانات: يشكل المسلمون غالبية في الشمال 70% حيث تطبق الشريعة الاسلامية منذ 1983، بينما يدين القسم الاكبر من الجنوبيين بالمسيحية. التاريخ والنظام: غزت مصر العثمانية في عهد محمد علي السودان في 1820. وفي 1885 طرد رجال المهدي من الخرطوم قوات الجنرال غوردن. خضع السودان لادارة بريطانية-مصرية مشتركة منذ العام 1899 حتى استقلاله في 1956. شهد حربا اهلية من 1955 الى 1972. وحكم الديكتاتور جعفر النميري من 1969 حتى الانتفاضة الشعبية في 1985. نظمت البلاد في 1986 آخر انتخابات تعددية فاز فيها حزب الامة بزعامة الصادق المهدي الذي اقام حتى 1989 نظاما برلمانيا اطاحه انقلاب عسكري في حزيران يونيو 1989 بقيادة العميد البشير حينها وبدعم من الاسلاميين. وشهدت البلاد من 1983 الى 2005 حربا اهلية بين الشمال والجنوب انتهت في التاسع من كانون الثاني يناير 2005، بتوقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. واوقعت هذه الحرب مليوني قتيل وشردت اربعة ملايين شخص. في فبراير 2003، اندلع النزاع في اقليم دارفور في غرب البلاد. وفي آذار مارس 2009، اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وتطالب حركات التمرد في دارفور بتقاسم منصف لموارد البلاد خصوصا النفطية منها. وادى النزاع الى مقتل 300 الف شخص ونزوح اكثر من مليونين. وفي شرق البلاد تدور معارك متقطعة بين القوات الحكومية والمتمردين الذين يتهمون الخرطوم ب»تهميش» منطقتهم. المؤسسات السياسية: منذ انتهاء الحرب الاهلية الاخيرة في 2005 يشكل حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده الرئيس البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان حكومة وحدة وطنية. وتضم الجمعية الوطنية 450 مقعدا يشغل الحزب الحاكم في الشمال معظمها الاقتصاد: يشهد الاقتصاد السوداني ازدهارا منذ منتصف 2008 مع زيادة انتاج وارتفاع اسعار النفط الذي اصبح السودان مصدرا له في 1999. كما شهدت البلاد زيادة في الاستثمارات الاجنبية. وينتج السودان نحو 500 الف برميل يوميا يصدر ثلاثة ارباعها، وخصوصا الى الصين. وينتج النفط خصوصا من حقول في وسط البلاد وجنوبها. يصدر السودان القطن، كما يحتل المرتبة الاولى بين الدول المنتجة للصمغ العربي في العالم. ويشتهر السودان بخصوبة اراضيه، وتقع افضل الاراضي الزراعية في الجنوب لكنها غير مستغلة بسبب النزاع، ما يجعل هذه المنطقة تعتمد بالكامل على المساعدة الدولية. اجمالي الناتج المحلي: 54,68 مليار دولار. اجمالي الدخل للفرد الواحد: 1220 دولارا البنك الدولي، 2009 الدين الخارجي: 36 مليار دولار. العملة: الجنيه السوداني سعر صرف الدولار 2,36 جنيه القوات المسلحة: يقدر عدد افراد القوات المسلحة بنحو 110 الاف رجل، حسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. اما القوات شبه العسكرية فتضم 17500 عنصر. القوات الدولية: تعد القوة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي المنتشرة في دارفور اكثر من 18 الف عنصر. وينتشر عشرة الاف عنصر من بعثة الاممالمتحدة في السودان في الجنوبوالولايات الشمالية المحاذية للجنوب.