أصدرت كوريا الشمالية صفحتين من الإرشادات والتعليمات وثلاثين صفحة من القوانين الجانبية في السابع من أبريل العام الماضي تحث فيها اعضاء حزب العمال وأفراد القوات المسلحة وابناء الشعب على اتخاذ الاستعدادات الكاملة للحرب . التعليمات التي وقعها الزعيم الكوري الشمالي رئيس اللجنة العسكرية كيم جونج ايل تبدو هادفة لتنمية الاستعداد للحرب مركزة على الدفاع الذاتي . وهذا يعكس مدى تزايد حدة التوتر في وحول شبه الجزيرة الكورية بعد ظهور الأزمة النووية الثانية في أكتوبر 2002 . التعليمات التي قسمت الحرب إلى ثلاث مراحل هي الدفاع والهجوم واستمرارية الحرب حثت أبناء الشعب على الاستعداد لتعبئة كل المصادر الممكنة خلال أربع وعشرين ساعة من بداية الحرب وزيادة عدد القوات من خلال مراكز التجنيد في كل مقاطعة ومدينة وضاحية . والجدير بالملاحظة على الأخص أن كوريا الشمالية اقترحت عمليات دفاعية في بداية الحرب خاصة في الاستعداد لحرب كيماوية . كما طلبت التعليمات من كل الدوائر الحكومية والوحدات العسكرية أن تنتقل إلى المرافق تحت الأرض للمحافظة على قدراتها الدفاعية . في خطة أوقات الحرب يبدو أن كوريا الشمالية تعتبر الولاياتالمتحدة عدوها الرئيسي . إصدار القوانين الجانبية يقول: ان الولاياتالمتحدة تحاول خنق كوريا الشمالية عن طريق إثارة الشكوك الدولية حول القدرة النووية الكورية الشمالية وأن الولاياتالمتحدة ستغتنم فرصة المسألة النووية كمبرر لغزو كوريا الشمالية . الأزمة النووية الثانية بدأت في أكتوبر 2002 عندما قال المبعوث الأمريكي الخاص جيمس كيلي: ان كوريا الشمالية تخطط لتطوير الأسلحة النووية . وفي يناير 2003 ردت كوريا الشمالية على الانتقادات الامريكية الشديدة بإعلان الانسحاب من اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية . في ذلك الوقت قال وزير الخارجية الكوري الشمالي: ان بلاده ليس أمامها أي خيار آخر سوى اتخاذ بعض الإجراءات استعدادا للحالات الطارئة فيما لو قدمت الولاياتالمتحدة المسألة النووية إلى مجلس الأمن الدولي . تلك التلميحات اعتبرها الكثيرون إشارة إلى نية كوريا الشمالية في امتلاك الأسلحة النووية . ومنذ ذلك الوقت كررت كوريا الشمالية القول: إنها سترد بقوة على أي عقوبات اقتصادية من الولاياتالمتحدة أو تنفيذها لقانون حقوق الإنسان في كوريا الشمالية . وقالت بيونج يانج: إنها ستعتبر أي تحرك أمريكي في ذلك الاتجاه بمثابة إعلان الحرب على كوريا الشمالية . ومن هذا المنطلق يبدو أن التعليمات والقوانين الجانبية تشير الى شدة القلق الكوري الشمالي حول احتمال حرب مع الولاياتالمتحدة . الوثائق الكورية الشمالية بكل وضوح سيناريو حرب تتضمن خططا مفصلة للعمليات العسكرية . طبقا للقوانين الجانبية تنوي كوريا الشمالية تجنيد المتطوعين الكوريين الجنوبيين عند " تحرير " كوريا الجنوبية على يد قوات الشعب الكورية الشمالية . كذلك سيزيدون من نشاطاتهم الدعائية من خلال وسائل الإعلام الكورية الجنوبية في المناطق المحررة . من غير الواضح فيما إذا كانت التعليمات تشمل " ضربة تفريغية " ضد كوريا الجنوبية نظرا لحذف 172 فقرة من الوثائق المتعلقة بالعمليات العسكرية . وقال مسؤول عسكري في كوريا الجنوبية: انهم لن يتعجلوا في استنتاج نوايا كوريا الشمالية الحقيقية قبل أن يتأكدوا من النص الكامل للوثائق . لكنه لم ينف احتمالية احتواء الأجزاء المفقودة على ضربة تفريغية أو أن خطط كوريا الشمالية الهجومية موجودة في وثائق منفصلة . تشير التعليمات الكورية الشمالية أيضا إلى احتمال حرب طويلة المدى . فقد جاء في الكثير من التقارير ان كوريا الشمالية قد بنت اكثر من ثمانية آلاف من التجهيزات والمرافق تحت الأرض في كافة المناطق حيث ستقيم قوات البوليس والمخابرت مراكز قيادة العمليات في أوقات الحرب . كما بنت كوريا الشمالية 180 مصنعا للمواد العسكرية تحت الأرض . المرافق تحت الأرض على أعماق تتراوح بين 50 و 100 متر وقادرة على تحمل القصف الجوي ومخفية عن الأقمار الصناعية الخاصة بالمراقبة . وتجدر الإشارة أيضا إلى أن العمل الأول الذي على الكوريين الشماليين القيام به هو نقل صور وتماثيل عائلة كيم الى المرافق الآمنة تحت الأرض حيث خصص نظام الحكم الكوري الشمالي لها مساحات معينة . من المشجع في المقام الأول أن تلك التوجيهات والتعليمات لأوقات الحرب تقوم على أساس دفاعي وليس هجوميا . لكن كوريا الشمالية ما زالت بلدا معزولا عن المجتمع الدولي لأنها متمسكة ببرنامج تطوير الأسلحة النووية . إننا نحث كوريا الشمالية بقوة على العودة إلى المباحثات السداسية والسير في ركاب المجتمع الدولي .