لم تعد لفظة السعودة غريبة عن الأذهان من كثرة تكرارها على الألسن التي تلوكها تعليقا على ما تبثه وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة حتى اوشكنا ان نفقدها معانيها وكادت تصبح مألوفة على السمح ولا تستفز فينا مدارك الشعور لتحقيق مراميها المقصودة التي يسعى لها الجميع ولكن بدون توحيد الجهود. وكم من مداد استنزف لتسطير تنظيرات لها وكم من قلم شحذ سنه لتفسير معانيها ولكنها جميعا حرث بلا زرع كمن يبحث عن بذور النبتة التي تزهر حصادها في ارض مروية قناعات زارعيها فكم هي الآراء المطروحة والقدر المأخوذ منها تتجلى النتائج فهناك معضلة لها ثلاثة انياب تنهش في جسد السعودة وكل ناب يضرس فيها من جهة عله يصيب الهدف ولكنه يفقد التوازن عندما يحاول تسويتها لان هناك من يحاول شد الطعم لزاويته. وهكذا تتأرجح المعادلة ويظل الجميع في ممارسة شد الحبل وخوفي ان ينقطع هذا الخيط الممدود بينهم ولكنهم حذرون ويتعاملون بشعرة معاوية وهذا ما يجعل الأمر يطول على منتظري الحلول. فلو اردنا الدخول في دهاليز تلك المعضلة لوجدنا ابعادها الثلاثة التي تتكون من 1 - اللوائح التنظيمية والتصنيف الوظيفي 2- تأشيرات الاستقدام 3- المؤسسات الوهمية. ولشرح مدلولات ذلك علينا ان نفهم ان نظام العمل لا يجبر اي منشأة بضرورة اعداد لوائح تنظيمية تبين الحقوق والواجبات لخدمة طرفي العقد وتزيل رهبة الغموض والأمزجة الفردية وكذلك لائحة تصنيف الوظائف الملزمة للطرفين لنبعد التعيين عن المزاجية والعصبية ومنها نعرف جوانب التقصير في الأداء او الابداع في العمل وهذا سيكون من وسائل الجذب لوضوح الرؤية وتقنين المطلوب وتحديد المعايير القياسية للنوعية والكمية في الانتاج ويعطي للوظيفة ويحفز الاستمرار في العمل والعطاء. اما البعد الثاني فهو تأشيرات الاستقدام وبنظرة فاحصة نجد ان المحاسب في القطاع الخاص تأشيرته سباك ومأمور المبيعات نجار ومندوب التسويق عامل والمدير المالي فني مختبر والمدير العام مبرمج وخبير اجهزة كمبيوترية ومدير الموظفين محلل عينات. فالقطاع الخاص يتفنن في ايجاد المسميات التي لا تشملها السعودة وليس بغريب ان تجد اعلانا عن وظيفة مأمور سنترال شاغرة تحت مسمى (تلي كميوكيشن سيستم) وعليه اجادة اللغة والبرمجيات ويجيد التعامل مع الحاسوب والراتب 1200 ريال والدوام 12 ساعة على فترتين والمناوبات حسب حاجة العمل. فلو كان هناك وصف وظيفي ولائحة تنظيمية تحدد مجالات العمل واختصاصات كل وظيفة مرهون بنشاط المؤسسة ومهماتها وارتباطاتها لما كانت تلك التأشيرات بهذا الزخم المتزايد. اما عن المؤسسات الوهمية فكل ما يطالب به سجل او ترخيص والعمالة غير الفنية او التخصصية سهل جلبها لأن لكل نوع من السجلات او التراخيص عددا معروفا يكفي ضعاف النفوس من المتاجرة بها خاصة انه يستطيع استخراج اكثر من ترخيص فالمهنية والحرفية سهل تعديل مهنتها عند الضرورة. ولان الرقابة مفقودة للتحقق من مزاولة المهنة المرخص بها فبيع التأشيرات اسهل ومرودة اسرع مادام الالغاء والتجديد للتراخيص ميسورا. فهل نستوعب تلك الابعاد ونسبر اغوارها بالحلول الكفيلة بالحد منها او تقليصها على اقل تقدير ولنقل للسعودة: مجالك ارحب ومفتوح.. مجرد امل.