أمر سبحانه في محكم تنزيله الشريف بعدم الاسراف والغلو في المأكل والمشرب كما قال : (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لا يحب المسرفين) واليوم يبدأ تدشين الحملة التوعوية لترشيد استخدام الثروة المائية بالمملكة، وبهذه المناسبة فإن سمو ولي العهد - حفظه الله - كان صريحا للغاية وهو يوجه كلمته الضافية للمواطنين للحفاظ على هذه الثروة الغالية حينما قال : (ان المملكة حرسها الله من أشد الدول شحا في مواردها المائية وتعتمد بعد الله في هذه الموارد على ما تنتجه محطات التحلية أو ما يستخرج من مصادر جوفية أغلبها غير متجدد).. وهذا يعني أن هذه الثروة التي لاتستقيم الحياة إلا بها مصداقا لقول رب العزة والجلال في محكم تنزيله : (وجعلنا من الماء كل شيء حي).. هي ثروة ناضبة.. أو هي في طريقها الى النضوب في المملكة ما لم تتضافر الجهود للحفاظ عليها وضمان استمراريتها للأجيال القادمة، فرغم ان المملكة من اشح دول العالم في مصادرها المائية كما أكد سموه على ذلك، فان تكلفة انتاج المياه عبر وسائل التحلية باهظة للغاية, بل انها أعلى تكلفة في العالم اذا قيست بمعدل الاستهلاك اليومي للفرد منها في المملكة، وهو استهلاك مرتفع ايضا اذا ما قورن باستهلاك الفرد من المياه في كثير من أقطار وأمصار العالم بما فيها الدول الغنية بمصادرها المائية المتجددة من البحيرات والأنهار، وازاء ذلك فان السبيل الأمثل للحفاظ على هذه الثروة الناضبة انما يكمن في المحافظة عليها والاقتصاد في استخدامها، وقد سهلت الدولة على المواطنين الكيفية التي تتم بواسطتها عملية ترشيد الانفاق من هذه الثروة الحيوية من خلال توزيع ادوات الترشيد المجانية على المنازل، ولا يبقى أمام المواطنين والمقيمين إلا استخدام تلك الأدوات لخفض استهلاك المياه بما يوفر الأموال الضخمة الناجمة عن الانتاج من جانب، ويوفر المحافظة على أكبر كميات من المياه لمقابلة الزيادة على هذه الثروة مستقبلا من جانب آخر، فلابد أن يعي المواطنون والمقيمون مسؤولياتهم الشرعية والاجتماعية والأخلاقية والنظامية فيعمدوا الى ترشيد انفاقهم من هذه الثروة للمحافظة عليها، فهي نعمة من نعم المولى عز وجل التي يجب على الجميع شكرها، وشكر النعمة يكون بالتعاون على خفض استهلاك الثروة المائية كنعمة غالية من نعمه سبحانه وتعالى والمحافظة عليها تحقيقا لمصلحة هذا الوطن ومواطنيه.