إن مظاهر الإسراف والتبذير صفات سلوكية مقيتة تعني الزيادة فيما لا داعي له ولا ضرورة ولأن الإسراف مرتبطٌ بمختلف جوانب الحياة المادية والمعنوية، لهذا نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا؟ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف31 يُروى: أن النبي "صلى الله عليه وسلم" توضأ من قعب – قعب يعني إناء- ففضلت فضلة، فقال عليه الصلاة والسلام: (ردوها في الماء، ردوها في النهر، ينفع الله بها قوماً آخرين). ولأن للمياه أهمية كبرى للإنسان ولجميع الكائنات الحية ووجوب المحافظة عليها، فقد قامت وزارة المياه والكهرباء بطرح الكثير من الحلول والتوعية في سبيل التقليل من استخدام المياه وترشيدها وكان أبرزها وما زالت "الحملة الوطنية للتوعية والترشيد باستخدام المياه"، ولأنها لاقت استحسان المسؤولين فقد دشّن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه – "الحملة الوطنية للتوعية والترشيد باستخدام المياه "وألقى كلمة بهذه المناسبة للمواطنين، جاء فيها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول ربنا سبحانه وتعالى في محكم التنزيل "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين" سورة الأعراف آية 31) وكما جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه "من الوضوء إسراف ولو كنت على شاطئ نهر" وقال تعالى: " يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " سورة الأنفال آية 24) فالله تعالى يأمرنا في محكم الكتاب وصحيح السنة بالمحافظة على نعمة وينهانا عن الإسراف في الزينة عند الصلاة وفي الوضوء وفي الطعام والشراب. أيها الإخوة والأخوات.. إن المملكة حرسها الله من أشد الدول شحا في مواردها المائية وتعتمد بعد الله في هذه الموارد على ما تنتجه محطات التحلية أو ما يستخرج من مصادر جوفية أغلبها غير متجدد. كما أن تكلفة هذه المصادر ثم نقلها إلى المدن وأماكن الاستقرار البعيدة ورفعها آلاف الأمتار من أعلى التكاليف في العالم، وإضافة إلى ما سلف ذكره من الندرة في المصادر والارتفاع في التكاليف فان معدل الاستهلاك اليومي للفرد في المملكة يقع ضمن أعلى المعدلات في العالم حتى وان أدخلنا في الاعتبار بلدانا غنية بمصادرها المائية المتجددة من أنهار وبحيرات. وهذا الواقع يوجب علينا جميعا المحافظة الشديدة والحرص التام على هذه الثروة الغالية وان نكون مثلا أعلى للعالم كله في الاقتصاد في استخدامها، أيها الإخوة والأخوات.. نود مرة أخرى تذكير جميع المواطنين والمقيمين الكرام بمسؤوليتهم الشرعية والاجتماعية والأخلاقية والنظامية عن المحافظة على هذه النعمة الجليلة والتعاون مع الجهات المسؤولة لتخفيض الاستهلاك كي لا يذهب ما بذل في سبيلها من مال وجهد سدى مؤكدا – حفظه الله - أننا لن ندع أمرا فيه مصلحة للوطن والمواطن إلا أوليناه كل عنايتنا بما يتفق مع عقيدتنا أولا ثم أخلاقنا بما في ذلك مراعاة التكلفة الواقعية لمياه الشرب والأغراض الأخرى وبما يحقق التوازن بين كميات المياه المتوفرة وزيادة الطلب على المياه ضمانا لتوفير احتياجات الأجيال القادمة. - الشكر الجزيل لوزارة المياه والكهرباء ولشركة المياه الوطنية لجهودهما الملموسة في توعية المواطنين والمقيمين على الترشيد في استخدام المياه بمختلف الوسائل الإعلامية.