تم سريان تنفيذ قرار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، رئيس مجلس القوى العاملة، الخاص بسعودة محلات الذهب والمجوهرات بنسبة 100% دون استثناء، والذي بدأ مطلع العام الهجري الجديد. اليوم قامت بجولة ميدانية في محلات الذهب والمجوهرات بمحافظة حفر الباطن، والتقينا خلالها بعدد من الباعة والعاملين السعوديين وأصحاب المحلات، واخذنا آراءهم حول قرار السعودة، وبدا منذ البداية أن معظم المحلات قامت بالاستعداد لهذا القرار منذ فترة زمنية، وفرت خلالها الكوادر الوطنية، وتم تدريبهم ذاتيا من قبل أصحاب المحلات والعاملين فيها. وكان هناك شبه إجماع على أن هذا القرار يصب في صالح أبناء هذا الوطن، حيث سيوفر أكثر من 20 ألف وظيفة للشباب السعودي في مختلف مناطق المملكة. ولكن.. هناك العديد من التحفظات والسلبيات التي أبداها البعض. ومن خلال هذا التحقيق نعرض جميع الأراء. حاجة العمل في البداية التقينا مع احد مديري محلات الذهب بالسوق التجاري بحفر الباطن ويدعى بدر محمد الصيعري الذي أكد على أن قرار سعودة أسواق الذهب بالمملكة قرار يدل على ثقة حكومتنا الرشيدة بقدرات المواطن. وعن مدة عمله في مجال الذهب والمجوهرات اشار الى انه عمل منذ ثلاث سنوات في هذه المهنة وتعلمها من صاحب المحل نفسه الذي لم يبخل عليه بكل خبرته، وعلق بان هذا العمل يحتاج فقط الى تركيز ورغبة اكيدة في التعلم، يستطيع اي شاب ان يلم بالمهنة خلال شهرين او ثلاثة، المهم فقط الثقة بالنفس وبقدرته على النجاح، وتعد هذه المهنة من الاعمال التي تحقق دخلا جيدا لاي شاب في بداية حياته، فأنا راتبي الآن 3000 ريال وانا سعيد جدا بهذا العمل. قرار صائب 100% واشار بندر مسلم وهو احد العاملين في بيع الذهب منذ اربع سنوات، وعلى قرابة من صاحب المحل، انه تعلم هذه المهنة من احد العمال الاجانب العاملين بالمحل، ولم يجد آية صعوبات في الالمام بقواعد المهنة، فقط المطلوب التركيز والحذر، فإذا كان هناك أية شكوك في الذهب المعروض عليه فيجب استشارة من له خبرة او يقوم بتحليل الذهب عند المختصين بذلك، وبحماس شديد وثقة كبيرة قال ان قرار السعودة قرار صائب وفي محله ويتيح فرصة لايجاد وظائف للشباب القادرين على العمل في هذا المجال، واكد على ان معظم محلات الذهب بحفر الباطن استعدت لهذا القرار منذ فترة زمنية، وفرت خلالها الكوادر الوطنية، وتم تدريبها ذاتيا من قبل اصحاب المحلات او العاملين فيها. الخوف في البداية وفي محل آخر التقينا بأحد الشباب الذي استقبلنا بحماس زائد، ويدعى سالم علي الصيعري عمره 20 عاما ، وقال: أنا عمل منذ شهرين فقط وابن عم صاحب المحل، وفي بداية عملي كنت خائفا لأنني لم اتعود على البيع والشراء خاصة في مجال الذهب والمجوهرات، فهذا الشيء أصابني في البداية بحالة من الرهبة، ولكن مع الاصرار تعلمت فن التعامل مع الزبائن، وكيفية التعرف على العيارات، وقد بدأت العمل براتب 3000 ريال، وبالطبع فان هذا المبلغ لشاب في سني،وفي بداية حياته يعد خطوة جيدة، وانا اتوجه بالشكر لكل القائمين على هذا القرار، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، وسمو النائب الثاني حفظهم الله. ساعات الدوام اما الشاب خلف عوض العنيزي احد باعة سوق الذهب بحفر الباطن، والذي لم يمض على عمله بسوق الذهب سوى اسبوعين فقال: العمل في محلات الذهب ليس معقدا او صعبا ويحتاج فقط الى التدريب والتركيز، ولكن المشكلة الكبرى في هذا العمل ان عدد ساعات العمل كبيرة جدا بالمقارنة بالوظائف الاخرى حيث نعمل اكثر من عشر ساعات، اضافة الى عدم وجود حوافز او بدلات اضافية. الإجازات غير متوفرة واتفق معه مدير المحل ويدعي صالح محسن الحارثي والذي يعمل في هذا المجال منذ سنة ونصف السنة فقط، بان اكبر مشكلة تواجه الموظفين هي عدم وجود آلية محددة لوقت العمل، فساعات العمل طويلة، والاجازات الاسبوعية غير متوافرة، اضافة الي ان العائد لا يتناسب مع الجهد وعدد الساعات، وبالتالي لابد من وجود نظام وساعات عمل محددة لكي نستطيع الايفاء بمتطلباتنا الأسرية والاجتماعية. نحتاج للدعم صباح العنزي احد الموظفين في محلات الذهب قال: ان العمل في هذا المجال جيد ولن تحتاج الى وقت لتتكيف معه، ونلغي النظرة القاصرة من البعض بان العمل كبائع لا يناسب السعوديين، والحمد لله انا منذ بداية عملي وجدت كل تعاون من زملائي وبدات اجيد العمل في هذا المجال، ولكن لنجاح عملنا نحتاج الى تعاون من مكتب العمل لتحديد ساعات العمل، ونحتاج لدعم اصحاب محلات الذهب والمجوهرات بزيادة متوسط الراتب الشهري، ولكن هذا القرار اتاح الفرص الوظيفية امام المئات من الشباب، وكل ما نتمناه فقط هو الدعم. أثبت كفاءتي واكد فلاح الشمري البائع في احد محلات الذهب بالسوق التجاري انه قبل التحاقه بالعمل في هذا المجال كان يشعر بتفضيل بعض اصحاب المحلات للعامل الاجنبي على السعودي، ولكن بعدما تمكنت من الحصول على الوظيفة، وبعد مرور الوقت اثبت للمسئولين ان الشاب السعودي يستحق كل تقدير وانه قادر على اي عمل يناط به، ويضيف ان الراتب جيد، واننا في بداية المشوار وتكوين الأسرة. لجنة سعودة والتقينا مع موسى حسن المهنا والبالغ من العمر 41 عاما والذي يعمل في بيع الذهب منذ اكثر من 34 عاما، حيث بدأ العمل وعمره 7 سنوات، وكان يملك اكثر من ثلاثة محلات في رأس تنورة، وأتى الى حفر الباطن منذ عام فقط، واشاد بقرار السعودة الذي جاء في وقته، حيث حقق لآلاف الشباب فرصا محترمة للعمل، الا انه تحدث أيضا عن بعض السلبيات، ومنها الحاجة الى مزيد من الخبرة المطلوبة ومعرفة حرفية المهنة، وليس البيع والشراء فقط، نريد شبابا متمكنا من المهنة يعرف كل شىء عن فنونها، ولكي يكون الشباب جيدا في عمله فانه يحتاج على الاقل لاكثر من خمس سنوات، وهذا لا يعتمد فقط على الدراسة، بل على الخبرة، كما طالب بان تكون لجنة السعودة من خارج حفر الباطن تجنبا للمحسوبية والمجاملة والتي قد تؤدي الى اختراق البعض لقرار السعودة. واتفق سليمان الحنايا وهو من اقرباء صاحب المحل في الراي مع موسى المهنا بالنسبة لموضوع المجاملة والمحسوبية، حيث اوضح ان اللجنة عندما تحضر الى منطقة معينة يتم تنبيه بعض المحلات حتى يهربوا العمالة الأجنبية لديهم ثم يدخلوا المحلات وتكون قد رتبت نفسها واوضاعها، وبعد مغادرتهم تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، ولخص كلامه بأنه لا توجد رقابة 100% على المحلات. أين مراكز التدريب؟ وتساءل ظافر العنزي احد تجار الذهب: أين مراكز التدريب ومعاهدها؟ وكيف نريد من شاب سعودي أن يعمل في محلات الذهب دون خبرة؟ وكيف نريد من أصحاب المحلات تشغيل السعودي في عمل يحتاج الكثير من التدريب ومعرفة أصوله وفنونه وسلبياته؟ ومن الذي سيتحمل الخسارة في حالة خطأ العامل في المحل، لاشك أن الخسارة ستكون كبيرة، الأمر يحتاج لان نكون منصفين إذا أردنا ان يلتزم التاجر السعودي بتطبيق السعودة. واشار تركي المهدي - تاجر ذهب باحد المحلات انه كان الآباء في الماضي يعتمدون على أبنائهم في مباشرة الاعمال المتعلقة بمهنة الأسرة، وهو ما لم يتوافر الآن، فقد فضل الأبناء الاتجاه لجهات ليست لها علاقة بالمهنة مثل مواصلة التعليم والانشغال في اعمال اخرى تاركين الأباء، اما لوجود مشقة او عدم انسجام مع المهنة مع انفتاح المجتمع واعتبار المهنة في تفكير الابناء غير مناسبة كشباب يعيشون في هذا القرن. وفي لقاء مع حسن النمر موزع ذهب من الدمام - لأنحاء المملكة اشار الى ان بدء تنفيذ القرار جاء مع بداية العام الجديد والخروج من موسم الحج، وقد اثر ذلك نسبيا على التجار، اذا ان هناك دينا ومديونيات بحاجة الى مراجعة حسابية، فكان هناك حالة من الهدوء النسبي في الاسواق. كما انعكس ذلك ايضا على كميات الذهب الموزعة على تجار حفر الباطن.. فالموزعون في حالة ترقب لما يحدث في السوق من احلال عمالة سعودية محل العمالة الاجنبية، لان ليس من المعقول ان يتعامل مع بائع جديد دون سابق معرفة او تعامل حرصا على امواله وحفاظا على المصلحة العامة. الخبرة مع الأجداد واكد حسين علي الحمودي موزع ذهب على مستوى المملكة، ان هناك اجماعا وتأييدا لقرار السعودة لانه فتح مجالات عمل امام الشباب السعودي، غير ان عدم توافر الاعداد الكافية من الشباب المؤهل المدرب ربما يعيق عملية السعودة لعدم وجود القناعة الكافية لدى التجار بقدرات هؤلاء الشباب الذين وان كانوا يحتاجون الى دورات تدريبية وتأهيلية للتعرف على نوعية الذهب وعياره، فهم بحاجة الى الخبرة العملية لتقدير القيمة، وفحص العينة، واضاف: اننا تعلمنا من الاجداد، واولادنا يتعلمون منا، واشار الى انه يوجد في الرياض محلات الرميزان، وهو اول من سعود محلاته كلها، وينظم دورات لتدريب الشباب السعودي على المهنة. دور الغرفة التجارية واجمع العديد من التجار واصحاب محلات الذهب والمجوهرات على ان نظام الغرفة التجارية الحالي غير قادر على مسايرة التطور الاقتصادي الذي تعيشه المملكة، فبعض الغرف ليس لها دور في خدمة القطاع الخاص، وكل دورها هو التصديق فقط على الشهادات، في حين ان من الواجب ان تعمل الغرف على اعداد دراسات اقتصادية متكاملة عن الكثير من القضايا الاقتصادية والفرص الاستثمارية التي من الممكن استغلالها بشكل جيد، وتبني مشكلات القطاع الخاص والعمل على التنسيق مع الجهات المعنية لايجاد الآليات المناسبة لتلافي هذه العقبات. مطلوب المصداقية كما طالب بعض تجار الذهب في السوق التجاري بالمتابعة من المسئولين للشعور بالأمان والثقة، فقد تلقى هؤلاء التجار خطابا من رئيس فريق العمل بمكتب برنامج الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز الخاص بتأهيل وتوظيف الشباب السعودي- تضمن هذا الخطاب وجود دورة لباعة الذهب والمجوهرات، وسوف يتم ربط الموظفين بصندوق تنمية الموارد البشرية، ودعا المكتب الى تعبئة استمارة مرفقة وتحديد عدد العمالة السعودية التي يرغبون في إحلالها محل العمالة الأجنبية، وكان هذا الخطاب منذ اكثر من ستة شهور، وبالفعل تحمس هؤلاء التجار وملأوا الاستمارات، اضطرهم الى البحث بمعرفتهم عن عمالة سعودية لاخبرة لها وقاموا بتعليمهم بجهودهم الذاتية. ويشير فهد صالح وهو احد العاملين بمحل لبيع الذهب الى ان الأمر المفرح حقا لاغلب المحلات أنها تحرص على وجود أبنائها بالمحل وتدريبها منذ الصغر، ولو انك تجولت على بعض المحلات هنا لوجدت ان هناك الكثير من الاطفال الصغار وهم ابناء لاصحاب المحلات بهدف تدريبهم بشكل كاف، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر كما يقول المثل، وقد اثبتت هذه الطريقة نجاحها الأكيد. استراتيجية واضحة المعالم واثناء تجولنا في السوق لاحظنا بالفعل وجود اطفال صغار في بعض محلات الذهب ودخلنا احدها، واستقبلنا صاحب المحل ممدوح بدر العصلب الذي بادرنا بالقول ان مهنة الذهب مهنة دقيقة وحساسة ويجب توارثها، لذا فانني احضر ولدى بدر العصلب الذي يدرس في المرحلة المتوسطة، وسلمان العصلب الذي يدرس في المرحلة الابتدائية، لتواجدوا يوميا بعد صلاة العصر وحتى صلاة المغرب، ثم يعودا الى البيت للمذاكرة، واكد ان التواجد اليومي لهذه المهنة يوجد منهم شبابا متمكنا من المهنة ويستطيع ممارستها والاستمرار فيها. وعن قرارات سعودة الوظائف قال: ان هذه القرارات ليست مرتجلة تصدر دون دراسة حقيقية وموضوعية، ولكنها مسئولية يجب ان ترتكز على استراتيجية واضحة للسعودة تأخذ في اعتبارها التحديد الدقيق لاحتياجات المملكة من القوى العاملة وفقا للتخصصات المختلفة، ليس الان فقط بل على مدى الثلاثين عاما القادمة، واعادة هيكلة التعليم الجامعي والفني لتلبية هذه الاحتياجات، مع اجراء حصر دقيق لغير السعوديين العاملين في المملكة حسب تخصصاتهم التي يمارسونها فعلا، والقيام بدراسة متأنية وعلمية لكيفية احلال السعوديين مكانهم من خلال اعادة هيكلة التعليم، واعداد برامج تدريبية حقيقية ذات مستوى جيد، ووضع اولويات للسعودة قابلة للتطبيق مبنية على معرفة حقيقية بمدى توافر العنصر السعودي الذي يمكن احلاله، وليس وفقا لتخمينات مفتقرة الى معلومات دقيقة. وفي النهاية نقول: ان الجميع الان اصبح مهيأ لتطبيق السعودة التي ستحدث قفزة نوعية على الاقتصاد المحلي في المستقبل القادم.. فالتطبيق قادم لا محالة.. والسعودة صارت حقيقة واقعة وليست خيارا. ترحيب بتطبيق سعودة سوق الذهب