لوحة الجيوكندا المشهورة تصور امرأة تنظر الى زائريها من اية زاوية كانوا فيها، وموازاة لذلك توجد هناك جيو كندا عربية ولكنها عكس الاولى حيث انها لا تنظر اليك حتى لوكنت مسلحا بعدسات وطائرات استطلاع! كتاب عنوانه (مقاومة) لمؤلفته اللبنانية سهى بشارة يتضمن غلافه صورة للمؤلفة التي قضت عشر سنوات في السجن بتهمة محاولة اغتيال قائد جيش جنوبلبنان انطوان لحد المتعاون انذاك مع اسرائيل نظرات المؤلفة على صفحة الغلاف تشبه نظرات مدرسة سعودية اعانت زوجها الفقير الذي تزوج باخرى من مالها واسكنها معها، بل وهجرها. صورة سهى بشارة تقول لطوال الشوارب في كل الاصقاع، ابعد هذا العناء والسجن والتشريد والقتل يطيب لكم ان تشاهدوا وتسمعوا وترقصوا؟ ومع من ترقصون يا أهلي؟ تنفست سهى غازات مختلفة من الافكار والرؤى وبعض هذه الغازات خاملة وبعضها مشعة وكل هدفها من تنفس هذه الغازات المختلفة هو الحفاظ على الوطن. ولدت سهى في شهر يونية عام 67م لاسرة مسيحية ارثوذكسية وكان مكان ولادتها في قرية ميماس الواقع في جنوبلبنان. استمتعت بجمال الطبيعة فصادقت الطبيعة حيث سبحت في النهر وداعبت اشجار الزيتون ولعبت كرة السلة والطاولة والعاب القوى. درست المسيحية على يدي عمتها وكانت نايفة في دراستها حيث التحقت بكلية الهندسة. ولادتها كانت ايام النكبة وشبابها عاصر احداث الحرب اللبنانية الاهلية (1975 - 1990م) حيث احست بفداحة ووطأة الاحتلال الاسرائيلي الذي كان من ضمن منطقة نفوذه قريتها. تقول ان الحرب اللبنانية وتبعاتها جبرت المواطنين في الجنوب بالعمل لدى اسرائيل طمعا بالمال حيث اخبر ذلك البعض على تغيير موعد بعض الشعائر الدينية من الاحد الى السبت كما اصبحت المناطق المحيطة بقريتها المحتلة مكانا لتهريب السيارات ، وكانت منطقة الجنوبالمحتلة انذاك تحت قيادة ضباط مسيحيين حيث كان قائدهم في تلك الفترة انطوان لحد الذي حاولت سهى بشارة اغتياله في منزله. بالرغم من ان اسرتها مسيحية الا انها انضوت تحت لواء الحزب الشيوعي اللبناني الذي كان والدها واعمامها اعضاء فيه . اثناء الحرب اللبنانية الاهلية تطوعت في اعمال الاسعاف والدفاع المدني نتيجة للظلم الذي عاشته هي وشعبها قررت ان تغتال قائد جيش جنوبلبنان انطوان لحد المتعاون مع الاسرائيليين حيث تقربت في البداية الى زوجته مدعيه انها خبيرة في الرياضة الحيوية، وفي احد الايام التي كان انطوان متواجد فيها اطلقت عليه رصاصتين اصابتاه بجراح حيث اعتقلت بعدها في سجن الخيام التابع لجيش جنوبلبنان وامضت فيه عشر سنوات تحملت خلالها صنوف التعذيب المذل والمعيشة الضيقة ولم تر والدتها الا بعد سبع سنوات من دخولها السجن حيث زارتها والدتها التي زحفت على ركبتيها باتجاه الشباك المخصص لسهى، اذ ان والدتها نذرت ان تزحف على ركبتيها ان هي عادت ورأت ابنتها حية، قصة سهى في السجن تصلح لوحة تجريدية شعورية حيث حفظت بعض آيات القرآن من زميلاتها المسلمات بينما على الضفة الاخرى كان المحامون الاسرائيليون والفرنسيون يدافعون عنهم ويتبنون قضاياهم هي وزميلاتها المعتقلات! بعد اطلاق سراحها توافد الآلاف لزيارتها لمدة ثلاثة اشهر وابدت فرنسا رغبتها باستقبالها. تقول في مايو 2000م تحرر الجنوب فذهب قادة جيش جنوبلبنان الى اسرائيل بينما ذهب القرويون الى دك معتقل الخيام واخراج المعتقلين منه من الرجال والنساء. وفي نهاية الكتاب تقول تشغلني ذاكرة شعب باسره ومستقبله تشغلني روح المقاومة فيه. نعم صورتها على غلاف الكتاب صورة جيوكندا عربية ولكنها لا تنظر اليك لانها مشغولة عنك بذاكرة شعب ومستقبله، بينما انت تنظر اليها على انها جسد وشهوه. نعم يا سهى بشارة، شتان بين النظرتين!!! عبدالله ابراهيم المقهوي الاحساء