للعتمة ألوان، لا يعرفها إلا من يحملق في سقف زنزانته وحيدا. هناك فقط يعرف لذة اكتشاف الألوان النائمة في الظلام. هذه هي شهادة سهى بشارة، ابنة قرية دير ميماس في جنوب لبنان، التي تعيش في منفاها الاختياري بعد أن حاولت اغتيال أنطوان لحد قائد ميليشيات ما يسمى «جيش لبنان الجنوبي» عام 1988 ودفعت ثمنا لذلك نحو عشر سنوات من عمرها في معتقل الخيام سيئ السمعة. Yasser Thabet سأتحدث عن سهى وعن التحولات التي مرت بها في حياتها لكي تصبح مناضلة بهذا الشكل وتقدم على ما قامت به في عمر 21 عاما في فترة ينشغل فيها الكثير ممن هم في عمرها بقصص الحب والطيش والانشغال بالتفاهات والغياب عن العالم. ستجدون أنفسكم تلتهمون الكتاب بحماس لمعرفة ما سيكون. تتحدث سهى في فصول الكتاب بتسلسل محبب، ولغة بسيطة ومباشرة، وأعلم جيدا أن سهى ليست المقاومة الوحيدة، فنحن منذ سقوطنا العظيم في سقوط فلسطين موعودون دائما بقصص غنية قد يداهم الموت أصحابها فلا يكتبونها، وقد تصلنا مع الريح. كنت أستمع لصوت مارسيل خليفة يغني بين السطور، وفيروز، ورائحة الصنوبر والصخور التي عاشت آلاف السنين في لبنان العظيم. لم تحتفل سهى يوما بعيد مولدها لكنها كانت تتذكر العيد الذي بلغت فيه الخامسة عشرة – 1982م – وكان متزامنا مع الاجتياح الإسرائيلي إبان الاشتباكات مع منظمة التحرير الفلسطينية. من ثم تتسارع الأحداث بالتزامها بعمليتها والتحضير لها، وكيفية وصولها لمعقل لحد وعلاقتها الشخصية والقريبة بمنيرفا زوجته. حتى تنفذ عمليتها وتعتقل في العام 1988م. كانت سهى وضعت تاريخا تخيليا لليوم الذي ستغادر فيه من المعتقل – الذي تجادلت كثيرا مع سجانيها ومعذبيها بأنه مجرد معتقل وليس سجنا كما يسمونه، فالسجن مكان يوضع فيه من حوكم وعوقب، وفي حالتها لم يحدث أي من هذا، لكن عزمها لا يهون، وتمر السنون، ويأتي الإفراج عنها بعد جهود دولية مستمرة وحثيثة في عام 1998م، وتستقبل استقبال الأبطال من قبل رئيس الوزراء آنذاك رفيق الحريري. Hayfa Qahtani سهى بشارة اسم نقش اسمه في عربة التاريخ الباسلة.. الكتاب فيه بلاغة واستسهاب لا مثيل له والسيرة الوردية تزيدك في شوق قراءتك، وكأنك تتمنى أن تكون أنت سهى وكلنا سهى.. لماذا لم أقرأ هذا الكتاب من قبل؟ لماذا لم أتعرف على سهى من أمد؟ ففي قلبي وقع كبير لها وهي فخر لكل شريف يدافع عن كلمة ومبدأ وموقف. الكتاب رائع جدا. Odai Alsaeed